أنصفوا أكراد سوريا ( رسالة إلى فايز سارة )

محي الدين عيسو

كتب الصديق والأستاذ فايز سارة مقالا تحت عنوان ” العرب عشية الأعياد ، بؤس الواقع وأمل التغيير ” نشر على موقع النداء موقع إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي بتاريخ السبت 23 كانون الأول 2006 حيث يبدأ المقال بـ تهل الأسبوع القادم سلسلة أعياد عربية، فتبدأ بعيد ميلاد السيد المسيح، ثم عيد رأس السنة الميلادية، وبينهما يأتي عيد الأضحى أكبر الأعياد الإسلامية، فيكمل حلقة، هي بين أهم الأعياد التي يحييها العرب من مسلمين ومسيحيين ، هنا أسئل الأستاذ فايز عن صفة الأعياد وطريقة طرحه لهذه المناسبات وتسميتها بأعياد عربية فهو ينطلق من منطق قوموي ناسيا أو متناسيا الصفة الدينية لهذه الأعياد بعيد عن التعصب القومي الذي يدخل في إطار حق الآخر غير العربي بهذه المناسبات وحقه في المشاركة بها سواء كان عربيا أو أعجميا

حيث أنه في حوار لي مع الأستاذ فايز سارة على نفس الموقع عندما عقب على عيد نوروز ورؤيته لهذه المناسبة قال بأنه لم يحضر العيد غير الأكراد، والعيد – أي عيد كان- هو فرصة ليس فقط لفرح أصحابه، وهذا حق طبيعي، بل لإشاعة فرح في المحيط، بمعنى إن كان من الأجمل دعوة عرب وأرمن وشركس وآشوريين لحضور احتفالات نوروز، خاصة وان لدى هؤلاء السوريين من مجاوري الأكراد أعياد يحبون أن يشاركهم الأكراد فيها، وذلك قد يساهم في تحويل هذه الأعياد ومنها عيد نوروز إلى أعياد عامة، تعمق من علاقاتنا وتوثقها من خلال ما تتركه فينا من تقاليد مشتركة مع العلم بأن عيد نوروز هو عيد قومي للأكراد والأعياد الأخرى التي طرحها أستاذنا الكريم هي أعياد عامة لكل المواطنين فهي ليست أعياد عربية ، مع العلم أن كلمة العربي والعربية قد وردت في المقال المذكور / 27 / مرة والموضوع يخص الأعياد  ، أعتقد أن هذه المورثات القومية التي تعبر عن التعصب القومي لا يدخل في مصلحة أحد وهي ضد مفهوم المواطنة ومبادئ إعلان دمشق التي يشكل الأستاذ فايز أسما كبيرا فيها .
وينهي الأستاذ فايز مقالته بالقول أن الفقر والبطالة وعمالة الأطفال والغلاء وتردي السكن والصحة والتعليم، وانتشار الجريمة، وانتهاك حقوق المرأة والطفل، وممارسة سياسات تمييز ضد بعض فئات السكان ولاسيما المواطنين المحرومين من الجنسية المعروفين في دول الخليج بـ”البدون”، هي بمثابة ظاهرات عامة، تثقل الحياة العربية، وتدفعها نحو مزيد من الترديات، التي يجزم كثيرون، أنها تؤدي إلى توفير تربة خصبة للعنف والإرهاب الذي يتابع تفاصيله المأساوية والمدمرة في عدد من البلدان العربية، هنا أيضا أعتقد أن الأستاذ فايز يعلم جيدا أنه في سوريا يوجد أكثر من ربع مليون كردي مجرد من الجنسية وفق الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة بتاريخ 5 / 10 / 2006 وهم محرومون من أبسط الحقوق الإنسانية والتي لا يجوز لأي قانون أن يقوم باحتلال هذه الحقوق على مدة / 44 / سنة ، وهؤلاء المواطنين محرومون من حق أمتلاك العقارات  الزراعية والتجارية والتوظيف في الدوائر الحكومية والسفر خارج سوريا وأداء الخدمة الإلزامية وغيرها من الإجراءات التي تخص الأستاذ فايز سارة  هذا إن اعتبر القضية الكردية في سوريا قضية وطنية وموضوع المجردين من الجنسية هو موضوع وطني وإنساني بحت وحلها يندرج ضمن إطار القضايا الوطنية التي يجب على السلطة أن ترضخ لها وعلى المثقفين العرب أن يطالبوا بحلها حتى تكون سوريا لكل السوريين .
تعود معرفتي بالأستاذ فايز سارة إلى حوالي العامين في مناسبة عيد نوروز حيث التقينا في منطقة رأس العين ( شمال الحسكة 80 كم ) وكانت مواقفه وتصريحاته المسموعة وليست المقروءة إيجابية حول القضية الكردية في سوريا ولكن الصدمة الكبرى لا بل الطامة الكبرى كانت عندما أهداني كتابه المعنون بـ أقليات في الشرق المتوسط الصادر عن دار مشرق – مغرب لعام 2000 حيث يقول في مطلع حديثه عن الأكراد وحلم الدولة الكردية ، تطلق صفة أكراد على المجموعة القومية المقيمة في المنطقة المعروفة باسم ” كردستان ” الموزعة ما بين كيانات سياسية عدة غرب آسيا ، وتقدر مساحتها الإجمالية ما يزيد عن ( 400 ) ألف كيلو متر مربع وهي موزعة حسب الأهمية من حيث المساحة على تركيا وبعدها إيران ثم العراق ( صفحة 30 )
ويضيف هكذا صار لدينا ثلاث أقسام من كردستان : الأولى وهي الأكبر في تركيا والثانية في إيران والثالثة في العراق وإضافة لديها صار لدينا ” مناطق لتجمعات كردية ” في كل من سوريا والاتحاد السوفياتي السابق ذلك أن الأكراد في هذين البلدين لم يقيموا في مكان واحد وليست أماكن إقامتهم امتداد طبيعي لـ ” كردستان ” ( صفحة 35 )
اعتقد أن الأكراد في سوريا لا يعيشون في مناطق لتجمعات كردية بل هم شعب يعيشون على أرضهم التاريخية ويقيمون بها قبل أن تنشئ الدولة السورية وقبل اتفاقية سايكس بيكو التي قسمت كردستان إلى أربع أقسام وليس ثلاث كما يقول الأستاذ فايز وأكراد سوريا هم امتداد طبيعي لـ كردستان ولكنهم في هذا الجزء يناضلون في سبيل الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي في إطار وحدة البلاد في مواجهة مجمل السياسات التي ينتهجها النظام تجاه المسألة الكردية فأن غالبية الكرد إن لم نقل جميعهم ينظرون إلى قضيتهم على أنها قضية وطنية سوريا بقدر ما هي ضرورة قومية كردية ، ويدعون إلى الإقرار الدستوري بالوجود القومي الكردي كثاني قومية في البلاد , وحل القضية الكردية حلاً ديمقراطياً عادلاً على قاعدة وحدة الوطن ، وإشراك الكرد وتمثيلهم في المؤسسات الدستورية المركزية والمحلية تبعاً لواقعهم السكاني ، وإعادة النظر في التقسيمات الإدارية في المناطق الكردية وتطوير الإدارة المحلية فيها بما يتلائم مع خصوصيتهم القومية كما جاءت في الرؤية المشتركة لكل من التحالف والجبهة الكرديتين .
أنا شخصيا أحترم الأستاذ فايز سارة على غالبية آرائه بشأن الوضع الداخلي في سوريا ونضاله العام في سبيل نيل هذا الشعب لكافة حقوقه لكن عليه أن يقوم باحترام الوجود التاريخي للشعب الكردي وتصحيح مواقفه تجاه المسألة الكردية في سوريا برؤية تتلائم مع هذا الوجود وكتابة رد أو مقال تبين مواقفه تجاه القضية الكردية في سوريا , وكل عام  والسوريين والعالم بألف خير

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…