مهاجمات ومغازلات ثقافية

آلان حمو

بدا جلياً في الآونة الأخيرة تحول النقاشات السياسية التي يجريها مثقفينا على المواقع الالكترونية بنشر مقالاتهم لتسليط الضوء على الحياة السياسية بغية شرحها وفق منظور ثقافي وفكري يخدم القضية الكوردية في سوريا، وهي بحاجة إليها من أي وقت مضى، فالتحول هنا قد أصبح من الشرح الثقافي والفكري للموضوع السياسي، إلى الشرح السياسي للموضوع الثقافي والفكري، فالمثقف الكوردي بتلية أيضاً بمرض السياسي الكوردي وهو مرض (الأنا) .
بدأت المعركة الافتراضية في الساحة الأنترنيتية، بعد نشر الاستاذ ابراهيم محمود مقاله /نعم أنا سوري، ولست كوردستانياً/ بتاريخ 20-4-2012 ليتهافت الكتاب من كِلا الطرفين إلى ساحة المعركة، (أشير هنا إلى كِلا الطرفي وهم، الكتاب المثقفين بالثقافة الحزبوية، والكتاب المثقفين بالثقافة الانوية)، لتنتهي المعركة بمقال بادئها الاستاذ ابراهيم بمقاله الأخير /منشور غير سياسي معمم/، والمقالة كانت درامة سياسية مأساوية مشخصنا، تأنب ضمير كل شخص يعتبر نفسه مثقفاً أو ميالاً لهم، وتألب المجتمع على كل ما هو مرتبط بالسياسة والسياسي، أفرغوا ملعب السياسة للاعبيها ليجلسوا على المدرجات لا ليشجعوا فقط ليشتموا .
التفت كتابنا وللأسف إلى الماضي، ونحن الذين نطلب منهم طريقاً إلى المستقبل؛ فالأحزاب بنت مراكزاً لهم بأسماء شخصيات في تاريخنا لينشروا ثقافتهم الحزبوية، وأنتم وضعتم أنفسكم موضع المقارنة مع تلك الشخصيات لتنشروا ثقافتكم الأنوية، في بداية الثورة التي فتحت المجال أمام النقد للكتاب، كنا نحن الشباب نعول عليهم (المثقفين) لإزالة فكرة شخصنة الأحزاب من السياسة الكوردية، لنصطدم بأن واقع المثقفين لا يبتعد عن واقع السياسيين، فهم أيضاً يشخصنون الثقافة، فكأن شخصه الخلاص وليس ثقافته؛ وهنا أرجو أن تجيبوا على سؤالي هذا: متى كان الشخص يثقف نفسه ليهتم به مجتمعه ؟!.

بل على العكس تماماً، فالشخص يثقف نفسه ليهتم هو بمجتمعه، إلا إذا اعترفتم بأن ثقافتكم شخصيا، وليس لبناء المجتمع .


أرجو من المثقفين الكورد الافاضل أن يصلحوا أنفسهم قبل اصلاح السياسيين، ففي صلاحكم صلاحنا، ولتتذكروا التاريخ، والتاريخ فقط، هو الذي يهتم بعمل الشخص، ويسجل العمل الذي يُعمل من دون مقابل، فهو مراقبكم وانتم مراقبينا، وأن ذهبتم فعلى الدنيا السلام .

31-5-2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نبذة عن الكتاب: يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب ” نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)”. هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في…

د. محمود عباس الزيارة المفاجئة التي قام بها أحمد الشرع، رئيس الحكومة السورية الانتقالية، إلى إسطنبول، لم تكن مجرد جولة مجاملة أو لقاء بروتوكولي، بل بدت أقرب إلى استدعاءٍ عاجل لتسلُّم التعليمات. ففي مدينة لم تعد تمثّل مجرد ثقلٍ إقليمي، بل باتت ممرًا جيوسياسيًا للرسائل الأميركية، ومحورًا لتشكيل الخارطة السورية الجديدة، كان الحضور أشبه بجلوس على طاولة مغلقة،…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا الإسلامي، لا شيء يُوحِّدنا كما تفعل الخلافات، فبينما تفشل جهود الوحدة السياسية والاقتصادية، نثبت مرارا وتكرارا أننا نستطيع الاختلاف حتى على المسائل التي يُفترض أن تكون بديهية، وآخر حلقات هذا المسلسل الممتد منذ قرون كان “لغز” عيد الفطر المبارك لهذا العام، أو كما يحلو للبعض تسميته: “حرب الأهلة الكبرى”. فبعد أن أعلن ديوان الوقف…

قدم الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، السبت، تشكيلة الحكومة الجديدة، والتي تكونت من 22 وزيراً. وقال الشرع في كلمته خلال مراسم الإعلان عن الحكومة في قصر الشعب: “نشهد ميلاد مرحلة جديدة في مسيرتنا الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة اليوم هو إعلان لإرادتنا المشتركة في بناء دولة جديدة.” وجاءت التشكيلة الوزارية على الشكل التالي: وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وزير…