ولنا كلمـة (5)

روني علي

وقد مضى عام آخر ..

كأي نهارٍ، وكأي ليلٍ آخر..

والحلم لم يزل يبحث عن بقعة ضوء ..

والطموح عن فسحةٍ للاختراق ..

والمكان المناسب ما زال شاغراً ، سوى من البعض من القامات القزمة ، والهامات الجوفاء ، الذين يهللون لأبرشيتهم، ويتقمصون الغير ، جاهدين على أن يكون مقاساتهم على قدر الموقع والمكان ، ليتدرجوا في سلالمه ، ويستمدوا منه القرار ـ قرار الموقع ـ حتى يكون الكل في سبيله وهو في سبيل نفسه ، ونفسه في سبيل ..؟ ، ليطلقوا الكلمات، ويتخذوا القرارات ، ارتجالاً ، ودون أدنى إلمامٍ بالارتجال ..

دون شفقةٍ بالكلمة ورحمةٍ بالآخرين ، دون أن يدركوا أن على قارعة الطرقات ، ووسط الزحام تتسكع متقمصي موجة البانكي ، والعقول التي تفسخت وتمسخت ، وعلى أن الانهيار بدأ ينخر الكيان وبالتالي يبقى الشكل فارغاً من المحتوى ، والكيان مختلاً ومهزوماً ..

على أن المقدسات أصبحت ككل شيء عابر ككل بضاعة مستهلكة، والقيم لم يبق منها سوى لفظها ..

وهذا على امتداد مساحة الوطن ..

ولكن ، لا ندري إلى متى ستبقى للجملة التالية ، للتراجيديا المعاشة ، مفعولها (( الكل عدوٍ للحجل والحجل عدوٍ لنفسه )) .
فما زال المكان المناسب يبحث عن من هو أهلٌ له ، ومن تمكنه أهليته على أهلية هذا المكان ، واستحقاقه …
فالطرقات ما زالت هي الطرقات ..

وصانعوا القرارات ما زالوا هم صانعوا القرارات ..

والشعارات ما زالت هي نفسها ، سوى القليل من التحريف والإضافات ..

وتجميل الصور ..

والرتوشات ..
إذاً سنحمل ـ ونحن مرغمون ـ طموحاتنا وأوجاعنا ، وحلمنا في أن يتحقق ما كنا ، وسنبقى نعتبره من أقدس المقدسات ، حلمنا في أن نرى النور كما هو ، وندرك حقيقةً أن الشمس تسطع من الشرق ، والأبيض لا يتحمل أي لونٍ آخر ، وأن الكرد لم يولدوا بالفطرة منقادين أو مهزومين ، وحدة الصف والكلمة لا بد آتية ، وإن توكعت ، وإن حال أمام تحقيقها بعض النفوس الضعيفة ، والعقول المهزومة ..

وكما في كل مرة إلى العام التالي، بل إلى الأعوام اللاحقة ..

إلى آلامه وأحلامه علنا نمسك بخيوط هذا الأمل ،هذا الحلم ، الذي يكبر ويكبر ..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شيروان شاهين تحوّل الصراع في سوريا، الذي بدأ منذ 14 سنة كحركة احتجاجات شعبية، من حالة صراع بين ميليشيات مسلحة وسلطة منهكة على مستوى أطراف المدن والأرياف إلى صراع طال شكل الدولة ككل. حيث أفرزت الحرب الأهلية واقعًا وعنوانًا جديدًا في 8 ديسمبر 2024: انهيار دولة البعث وإعلان دولة القاعدة. تميّز حكم البعث، الذي بدأه أمين الحافظ “السني”…

اكرم حسين   طرح الأستاذ عاكف حسن في مقاله هل ما زلنا بحاجة إلى الأحزاب السياسية؟ إشكالية عميقة حول جدوى الأحزاب السياسية اليوم، متسائلاً عمّا إذا كانت لا تزال ضرورة أم أنها تحولت إلى عبء ، ولا شك أن هذا التساؤل يعكس قلقاً مشروعًا حيال واقع حزبي مأزوم، خاصة في سياقنا الكردي السوري، حيث تتكاثر الأحزاب دون أن تنعكس…

صلاح عمر   ثمة وجوه تراها حولك لا تشبه نفسها، تبتسم بقدر ما تقترب من الضوء، وتتجهم حين تبتعد عنه. وجوهٌ لا تعرف لها ملامح ثابتة، تتشكل وفقًا لدرجة النفوذ الذي تقترب منه، وتتلون بلون الكرسي الذي تطمح أن تجلس بقربه. هؤلاء هم “المتسلقون”… لا يزرعون وردًا في القلوب، بل ينثرون شوك الطمع على دروب المصالح. لا تعرفهم في البدايات،…

أزاد فتحي خليل*   لم تكن الثورة السورية مجرّد احتجاج شعبي ضد استبداد عمره عقود، بل كانت انفجاراً سياسياً واجتماعياً لأمة ظلت مقموعة تحت قبضة حكم الفرد الواحد منذ ولادة الدولة الحديثة. فمنذ تأسيس الجمهورية السورية بعد الاستقلال عام 1946، سُلب القرار من يد الشعب وتحوّلت الدولة إلى حلبة صراع بين الانقلابات والنخب العسكرية، قبل أن يستقر الحكم بيد…