يبدو إن الأزمة السورية بدأت تأخذ أبعاداً خطيرة و أكثر تعقيداٌ، فمن تصعيدِ لعمليات القتل إلى الانفجارات المرعبة في أرجاء المدن السورية، البعض منها استهدف بعثة المراقبين الدوليين.
رغم مضي أكثر من شهر على سريان مفعول خطة كوفي عنان، مازال النظام السوري يمضي في نهجه الأمني-العسكري في وأد الثورة السورية دون تنفيذ أي بند من بنود الخطة الدولية.
وبدلاً من أن يخف الاحتقان السياسي، وتتوجه الأمور باتجاه الحل السلمي والانتقال السلس للسلطة بحسب تنفيذ بنود مبادرة عنان، حاول النظام مؤخراً بإشعال أكثر من بؤرة في المنطقة، امتد سعير النار إلى لبنان ، وبرز ذلك في أحداث طرابلس على خلفية خطف الشاب شادي المولوي، على شكل فتنة مذهبية وخاصة بعد اغتيال الشيخ أحمد عبد الواحد و أحد حراسه على أحد الحواجز العسكرية ، ليمتد إلى مناطق أخرى، ولا أحد يستطيع التكهن بما سيؤول إليه الأوضاع منطلقه سياسة النأي اللبنانية.
رغم تحذيرات المراقبين و المحللين السياسيين منذ بدء الثورة، وكما صرح بعض أقطاب النظام بأن الحريق سيمتد إلى خارج سوريا حينما يشعر النظام بازدياد الضغط والخناق الدولي عليه.
استطاع النظام السوري الاستفادة القصوى من المبادرات العربية و الدولية كمهل إضافية، وفرص جديدة لكسب المزيد من الوقت للإجهاز على الثورة السورية مستفيدة من عوامل عديدة:
العامل الدولي:
– انشغال الاتحاد الأوربي بأزمته الاقتصادية في منطقة اليورو و اكتفائه بالعقوبات الاقتصادية.
– انشغال بعض الدول بالانتخابات الرئاسية فرنسا والولايات المتحدة.
– الانقسام في مجلس الأمن، و تصلب الموقفين الروسي والصيني و استخدامهما الفيتو لمنع إصدار أي قرار حازم حول الأزمة السورية.
العامل العربي:
– عدم التوافق في مواقف الدول العربية و ذلك انشغال الدول التي انتصرت فيها الثورات لترتيب بيتها الداخلي و خوف بعض الدول من امتداد الربيع العربي إلى داخلها، كما أن بعضها الآخر لديه أجندات إقليمية تقف موقف المتضامن مع النظام« العراق- لبنان»
– التدخلات الدولية والإقليمية لضبط إيقاع الثورات العربية وفق مصالحها و أجنداتها لتأطير ثورات الربيع العربي .
– حساسية وضع الدول العربية تجاه المشاكل الاثنية المتراكمة تاريخياً و تأثيراتها على الجوار الإقليمي.
العامل السوري:
– الموقع السوري الجيوبوليتيكي الهام، وتأثيره على الاستقرار في منطقة شرق الأوسط
– التعدد القومي و الديني و المذهبي في سوريا و عدم انخراط بعضها بكامل رصيده في الشارع لمصلحة الثورة، وشعور الشعب الكردي بالإحباط من تجاهل المعارضة لحقوقهم القومية المشروعة.
– عدم حسم الفعاليات الاقتصادية و التجارية المرتبطة مصالحها مع النظام موقفها، حيث مازال العديد من هذه الفعاليات مرتبطة اقتصادياً ومنفعياً مع النظام، وتدعم، وتموّل الشبيحة الذين يجهدون لضرب الثورة وإفشالها.
– تشتت المعارضة و انقسامها « مع وضد النظام» و عدم وضوح الرؤية السياسية لديها لسوريا المستقبل.
– بقاء مدينتي دمشق العاصمة السياسية وحلب العاصمة الاقتصادية خارج دائرة الحراك الثوري حتى وقت قريب.
لكن اللافت في الآونة الأخيرة حدثت تحولات مهمة على الأرض، ألقت بظلالها في دفع العملية الثورية في سوريا بعودة الحراك الثوري إلى السلمية و زيادة رقعتها بعد دخول مدينتي دمشق و حلب بكل ثقلهما في الثورة، واستلام قيادة الداخل زمام المبادرة بعد أن اثبتت المعارضة فشلها في تمثيل الثورة.
إن تأكيد المجتمع الدولي بأن لا بديل لخطة عنان لحل الأزمة السورية و ذلك من خلال تصريحات مسؤولي قمتي مجموعة الثمانية الكبار، وحلف الأطلسي.
كل هذه الأمور دفع الحراك الثوري للعودة إلى الداخل و الاعتماد على الذات، وعدم الركون لبيع الأحلام المجانية.
· عضو اللجنة السياسية لحزب آزادي الكردي في سوريا