كن زعيما يا كردو رغما عنك وكبيرا في كل مكان ولكن أي زعامة ….
السياسة الكردوارية لا تعني الزعامة على الضعفاء والبؤساء وتسخيرهم للذات باسم هذا العنوان والمغزى, فعلى الكرد ألا يحترموا هذا الصنف من السلوك والتفكير والمنهج من الآن وصاعدا وعليهم الدقة في الاختيار فيمن يوكلونه على مصيرهم وحقوقهم.
فمن أراد أن يكون زعيما فليكن من خلال طبيعة وحيوية أفكاره القادرة على التنظيم وحسن التدبير والتغيير في نمط الحياة المجتمع الكردي والحداثة لجعله قادرا على الوقوف على رجليه والانطلاقة .
كما تترسخ الزعامة الحقيقية بالتضحية والحكمة..
بالتنظيم والإدارة الحسنة..
والحداثة..
والترغيب.
واحترام مشاعر الناس ..والسهر على حقوقهم ..
ومشاركة الناس في همومهم والحفاظ على أعراضهم وممتلكاتهم..
وتنهض المجتمعات بالثقافة المنتجة والفكر الإنسانيٍ..
بالجمع والتجمع لا بالطرح والتقسيم والضرب..
أما ذاك الزعيم المغرور وذو المنبت الاجتماعي المهزوم تاريخيا والدخيل الهلامي المفروض بالتنصيب والسطو والدعاية لا يصلح لإدارة المجتمع الكردي بتاتا كما كان يدار آبائنا وجدودنا وإلى وقت قريب.
لقد بات هذا النموذج الآن في عرف ومنطق العصر رجعيا فاسدا ومسخرة للتاريخ ولكن له ميزة وايجابية واحدة والشعوب مدينة لها لأنها السبب الأول والمولد الرئيسي للثورات الشعبية للتغيير والحداثة كونها تعيق حركة التطور.
نتيجة استمرار سواد مثل هكذا شخصية وثقافة سلبية إلى هذه الأيام ما زال الصراع والانقسام والفوضى الخلاقة سيد الموقف وتكونت جزر وبيئات لأمراء الأزمات حيث بات الواحد من هؤلاء يدافع عن امتيازاته ومكتسباته الشخصية والعائلية بعيد عن كل عرف كردواري وقومي وعلى حساب بؤس وشقاء الناس وهم مدينون تمام المديونية لسذاجتهم وبساطتهم ولوعي الذات النامية.
فما كل بؤسنا وتخلفنا وتشتتنا سببه هذا النمط من الثقافة السارية والمتجذرة في العقول والوجدان وبين ظهراني الجماعة فلا سجل نظيف لحالة بذاتها.
فلكي يكون المرء محل ثقة ومؤتمن عليه فيما هو مرتبط بمصيرنا عليه استفاء شروط خاصة حيث لا زعامة في هذه الظروف بالقوة والإكراه ولا يخفى أي أمر شاذ في زمن ثورة التقانة المعلوماتية التي تعري كل دخيل ومتحايل فيما يفتعل.
فيا ليت للكرد من زعيم حكيم هذه الأيام بالمواصفات القيادية المقبولة لكان حالة التشتت والانقسام الذي نعيشه في حدود السيطرة والحد المقبول ولأصبح قرار وحركة الكرد مستقرا في مضماره المطلوب والمأمول.
كم يتمنى الكرد من رأس وطربوش ناضج يرعى شؤونهم بإخلاص وتتوفر فيه الخصائص والمواصفات القيادة العصرية في إدارة شؤونهم وعلى الأقل مثلما كانت قديما عند السلف العشائري زمن الإمارات الكردية الذي كان مفروضا على النخبة وقتها قيود وأعراف وعراقة في التقاليد الكردية القديمة المعمول بها والتي كانت بمثابة وثيقة حسن سلوك وشهادة لقيادة للجماعة إلى منتصف القرن التاسع عشر .سواء كانت هذه المجموعة أسرة و عائلة كبيرة أو عشيرة وقبيلة والآن يبقى مثل هكذا حكم وشروط سارية المفعول بمقاييس هذا الزمان على أي تكتل سياسي وثقافي معاصر بأسلوب عصري ومنهج مماثل.
من الجدير التذكير بأهم الصفات والمزايا التي كانت من الواجب أن تتوفر في الشخصية الكردية القيادية للجماعة آنذاك هو أن يجتمع فيها مجمل العادات والتقاليد الكردية النبيلة بغض النظر عن صوابها أو خطأها وصلاحيتها قديما أو الآن ومن أهم هذه المزايا والصفات هي :
1- أن يكون من عائلة معروفة باستمرارها سمعة ونبلا واحتراما لذاتها ولغيرها وبتقاليد راسخة في قيادة ورئاسة العشيرة والقبيلة وأن يكون ملماً ومقلداً للعادات والتقاليد ويحافظ عليها بشرق وإخلاص.
2- أن يكون هيئته وقيافته وشكله مقبولاً.
3- أن يكون كريماً وشجاعاً أكثر من أي فرد من أفراد العشيرة .
4- أن يكون ماهراً في الصيد والقنص وذو هيبة بين العشائر الأخرى وأن يكون قد خاض معارك عدة.
5- من ناحية الشرف والأخلاق العامة عليه أن يكون ذات سمعة طيبة هو وأفراد أسرته وأن يحافظ على شرف الرعية من كل مكروه وطعن.
6- أن لا يقل عمره عن أربعين عاماً.
7- أن يكون متعلماً وذو خبرة كافية لإدارة الجماعة.
8- له القدرة على حل مشاكل الناس بشكل عادل بدون تحيز.
9- أن يكون كريماً ومضيافاً وله ديوانه يستقبل الغرباء والضيوف ويساعد المحتاجين والفقراء.
هذا ما كان في الماضي وفي زمن العشيرة والقبيلة أما صفات ومزايا التي يمتلكها الزعيم الكردي التقليدي هذه الأيام التي تترجم عمليا على الأرض هي محل شك وريبة واستهجان وسوف يترك الحكم عليه للقارئ الكريم من خلال تجربته ومعايشته الواقع الراهن….
ومن هذه النماذج السيئة ما كثرت.
18.5.2010
xkalo58@gmail.com