الذين ساءتهم انتهازية بعض الكتاب في التغبير على نتاج ومساعي بعض زملائهم في تأسيس رابطة ثقافية ما تحت عنوان ما إذا مااستعرضنا بعض الحقول التي يتحرك فيها المثقف الكوردي تجلت أمامنا هذه الحقيقة ساطعة، فمثلا في المجلس الوطني الكوردي يهمل المثقف ويبعد عن المواقع الرئيسة، فقد جاء اختيار ثلاثة قادة سياسيين من الصفوف الأولى دون أن يقع الخيار ولو على سبيل الخطأ أو المصادفة على أي مثقف صاحب قلم، ثم بعد ذلك ولدى خيار بعض المثقفين لتبوّء مواقع متقدمة وقع الخيار على أسماء بائرة من المثقفين ممن يحمل واحدهم شهادة جامعية لكنه لا يمكن من أن يصنف في حقل الثقافة، وكانت النتيجة التضحية بأحد المرموقين في ميدان القلم ليستعاض عنه بأحد المعروفين بفن أو حيلة التسلق ليحصد بالتالي الأصوات المتكتلة، ونسوق لهؤلاء المتهافتين على منصب ما قول جون لوك عندما نصح بالعمل في إحدى وظائف الكنيسة قال (إذا رقيت إلى مكان قد لا أستطيع أن أملأ فراغه فإن الهبوط منه لن يكون إلا سقوطا مدويا مروعا..) بالمقابل ففي المجلس أيضا يلوذ المثقف بالسياسي لكي يتبناه وبذلك يفقد دوره كمحلل وناقد بعد أن قبل بالتبعية وفقد الاستقلالية، فيرضى بالأمور البيروقراطية كالجلوس خلف الطاولة لتصريف بعض الأمور الروتينية اليومية، ومعلوم أن المثقف الذي يحترم نفسه لن يرضى أن يكون رقما أو عزقة في محرك أو آلية رجل السياسة، بل يكون ندا له وأخا مؤازرا لا خادما مطيعا، لكن بعضهم يرضى لنفسه هكذا تكليف وإذلال، دون أن ننسى أن كسب المثقفين في بعض المراحل من قبل التنظيمات السياسية يرقى إلى مرتبة الضرورة القومية والوطنية، لأن المثقف العضوي هو القادر على القراءة الصحيحة وكشف الحقيقة لما يملك من عدة العلم والمعرفة والصواب والحقيقة، وبالتالي ففي النهاية لا بد للحقيقة أن تهزم الزيف كما يقول أرسطو.
قبل بضعة أسابيع بادر نفر من المثقفين إلى عقد لقاء تشاوري بغاية تأسيس هيئة ثقافية أدبية تحت مسمى ما، فإذا كنت من المدعوين لحضور هذا اللقاء لكني أبدا لم أكن من أصحاب المبادرة، ولن أكون في قوام الهيئة التي ستدير شؤون الفعالية الثقافية مستقبلا، أقول هذا حتى لا أتهم بالدفاع عنها لغاية ذاتية دفاعا مبتذلا، لكن غايتي أن أقول :(أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام) كان دوري مقتصرا على أن أسمع وأن أساهم كالآخرين في المناقشة فحسب، وهذا ما حصل.
وبعيد انفضاض اللقاء مباشرة وإذا بالهاتف يرن وبعضنا لم يزل في القاعة لم يغادرها بعد، وكانت الدعوة من أحد المصنفين في حقل الجهالة السياسية لا علاقة له بالميدان الثقافي يهتف لأحد أصحاب الأقلام المرموقة والمعروفة يحضه أن يترك الأمر ، ومن أن الآخرين من دونه لن يستطيعوا أن يستمروا، ولن يفلحوا في إنجاز المهام، طبعا هذا الاتصال وهذا الموقف السلبي لم يكن بمعزل عن موقف بعض شيوخ الانتهازية وحضهم على الأمر نفسه أي ترك الفعالية الثقافية، وبعدها توالت الاتصالات المريبة من هؤلاء في داخل البلاد وخارجها وكلهم دون استثناء تحركوا باتجاه ألا يكتب لمساعي هؤلاء النجاح، فتصور كيد هؤلاء المخربين، وكيف يثيرون الأغبرة في طريق هؤلاء الجادين في هذا المسعى النبيل، أي تأسيس فعالية أدبية ثقافية، وكل همّ هؤلاء المخربين ألا يكتب للمشروع النجاح اللازم.
في الوقت ذاته إننا نقدر عاليا أي جهد مبذول في هذا الميدان سابق لهذا المسعى النبيل، وسوف يشار إليهم ببنان الإشادة والتشييد، وكنا نتمنى لهم أن يتواضعوا قليلا ويشاركوا ويساهموا في إنجاز هذه الفعالية بمساهماتهم دونما إساءة منهم، وحينها لا بد للمبنى أن يكون أكثر تسامقا وللشجرة أكثر ظلالا وللقلوب أكثر صفاء..
لكننا نقول في الوقت نفسه لشيوخ الانتهازية يا ترى ماذا تجنون من هذا التغبير على بعض مساعي الحالمين لا يهدفون من هكذا جهد وعطاء إلا النبل وحسن الثواب.؟
من جهة أخرى هناك من يتشجع للمشروع من بين المثقفين لكن لضعف أرومته النضالية واستكانته أمام رجل السياسة وهشاشته أساسا فعندما يلمح في الأفق اسم ما له سمعة ومشاكسة في الوسط الثقافي والسياسي تجده يتقاعس لكي يرضي سيده السياسي بهذا الامتثال والطاعة والولاء، ومن أنه لن يشارك هذا المغضوب عليه من لدن السياسي، وسيظل معصوب العينين، أو مؤطرهما كبغلة (الغرافة) غرافة السياسي.
لا أريد لكل هؤلاء إلا الخير العميم عند نشدانهم للحقيقة، كما أرجو أن ينؤوا بأنفسهم عن مواطن سوء الظن بهم، لما تراودهم من هواجس لا أساس لها إن أحسنوا النية، وألا يكونوا كابن (حوري المجنونة) يفسد أي مسعى تشاوري بين الخيرين، فما زلت إلى اليوم أحيانا أترنم بهذا المقطع من أغنية فلوكلورية كان يرددها والدي على أسماعنا ونحن صغار.وهي بالكردية: (لو قورو -تو قوركي -لاوي – حورا – دينكي- جه جفاتا تو دكفي -تو وي شيوري خرادكي) وترجمتها بالعربية: (ألا قورو ..قوركي -يا بن حوري المجنونة-في أي محفل تحلّ -تفسد على المتشاورين المشورة).