حاوره علي الحاج حسين
ولد الشاعر والكاتب الصحفي الكردي السوري إبراهيم اليوسف عام 1960م.
في قرية تل أفندي، يحمل إجازة في الأدب العربي ويعمل في حقل التربية منذ قرابة ثلاثة عقود.
منذ صدور ديوانه الأول قبل عقدين من الزمن بدأت تنظر السلطة له شذراً، وعاقبته طويلاً بلقمة عيشه،على مدى عقد ونصف من الزمان، ليتكررذلك بعد استشهاد صديقه شيخ التسامح الإسلامي معشوق الخزنوي، أبعد عن عمله التربوي في مسقط رأسه القامشلي إلى مدينة أخرى.
رغم غيوم القمع والاستبداد المتلبدة في سماء البلد منذ أربعة عقود ونيف تميزت كتاباته بالنقد الجريء.
نشر خمس مجموعات شعرية “للعشق للقبرات والمسافة، هكذا تصل القصيدة، عويل رسول المالك، الإدّكارات، الرسيس” ومجموعة قصصية بعنوان “شجرة الكينا بخير” وفي مجمل نتاجه كان لصيقاً بهموم شعبه الكردي وجزءا منه، مدافعاً عن الإنسان أياً كان، دون أن ينسى مواطنه السوري على امتداد خريطة سوريا الحالية ، فلقد عالج الجانب الإنساني بحس الأديب المرهف وحمله خارج الإطار الكردي ليتلمس الآلام أنى كانت لمن وقع ضحية الضيم والقهر، ويظهر ذلك جليا في العقد الأخير من القرن المنصرم من خلال نشاطه كرئيس تحرير مجلة “مواسم” الفصلية” توقفت عن الإصدار “، إذ اهتم بكل الأقلام المهمّشة في منطقة الجزيرة من: كرد وسريان-آثور وأرمن وغيرهم من الأقليات التي جعلتها تكاليف الدهر تعيش على رصيف الحياة، مهمشة لا يكاد يلحظ صمتها أحد.
وكان وفيا لنهجه هذا كعضو في أسرة تحرير مجلة “كراس للكتابة المغايرة”المتوقفة عن الإصدار أيضاً ، وفي الوقت نفسه يمد الجسور مع أبناء جلدته في كردستان العراق، ويستوطن في زاوية بمجلة “كولان العربي”، كما ونشر في جريدة الزمان اللندنية، وفي صحافة الحزب الشيوعي السوري.
وشغل منصب مدير ملتقى الثلاثاء الثقافي1982 وحتّى2004 ،وكمرب ومعلم تتلمذ على يديه جيل من الشباب المتيقظ، معروفون من كتاب وشعراء ونشطاء المجتمع الكردي اليوم، ويعتبر الأستاذ اليوسف بحق صحفي انتفاضة آذار الكردية الأول، كما يلازمه هذا النعت في الوسط الشعبي، إذ قدّم لها تغطية إعلامية مسموعة ومرئية، ضمن ظروف قاهرة جداً ، ووسط حالة رعب ، وسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية آنذاك،باسمه الصريح ، وبشجاعة منقطعة النظير مع قلة سواه من الكتاب الكرد الذين كانوا لسان حال الانتفاضة إعلامياً، كما أنه من أوائل الناشطين في مجال حقوق الإنسان على الصعيد “الكردي” في سوريا.
استمرّ اليوسف لما يزيد عن عقدين من الزمن في العمل التنظيمي في الحزب الشيوعي السوري، تسلم خلالها مهامّ قيادية مختلفة، ثم ترك العمل التنظيميّ اليوميّ، وتخلّى كذلك عن الممارسة اليومية في المنظمة الكردية لحماية البيئة- كسكايي،التي أسّسها، ليبقي على بعض وقته لينشط في مجال حقوق الإنسان وما تبقى للعمل الإبداعي .
أجل إنه أحد الكتاب الكرد الأوائل الذين كتبوا بجرأة وشجاعة، سورياً وكردياً ، فدفع ثمن ذلك مضايقات مخابراتية مختلفة…
شارك إبراهيم اليوسف في العديد من المؤتمرات المحليّة والعربيّة والدوليّة منها مؤتمر باريس تقديرا لنشاطه الإعلامي أثناء انتفاضة آذار من قبل ممثلي الأحزاب الكردية والناشطين في أوربا ممن أسهموا في عقد هذا المؤتمر ،كما شارك في مؤتمر الحوار الكردي- العربي- أربيل 2004م.
وهو مؤسس ومدير جائزة الشاعر الكردي جكرخوين الأدبية، وفي سعي السلطات السورية لسدّ كل المنافذ والمتنفسات وإبقاء السوريين في غابة معزولة عن العالم في مسيرة حجب مواقع الانترنيت، تم حجب موقعه الشخصي www.alyosef.com
ستكون لنا وقفة مطولة مع الصحفي والشاعر والمربي الكردي السوري إبراهيم اليوسف، وفيها يحدثنا عن المستقبل منطلقا من الماضي ومروراً براهن سوريا المظلم.
لن أوفر له مطبة ولا مقلب وسأسعى لجرّه إلى حيث الجروح والقيح، كي يعترف طوعاً ويكشف لنا ونوثق معا للحراك الوطني السوري العام ، ونذر الملح في جرحه الكردي ليقول ما لم يقل.
وسنقرأ ونسمع معا ماذا سيقول اليوسف…
نص الحوار:
الشاعر والناشط إبراهيم اليوسف وثق إعلاميا لانتفاضة آذار الكردية، ناشط في مجال حقوق الإنسان كرديا، كان نتاجه الأدبي لصيقاً بهموم شعبه الكردي خصوصا والسوري عموما، عالج الجانب الإنساني بحس الأديب المرهف، حرر مجلة “مواسم” ثم توقفت، ثم عضو أسرة تحرير مجلة “كراس للكتابة المغايرة”المتوقفة أيضاً، وحرر زوايا وكتب في دوريات عربية وكردية متنوعة.
وبحكم اتقانه لفن اللعبة الصحفية، وهو الصحفي المخضرم لم تنطل عليه الكثير من المقالب التي أعددتها له، لكن عزائي أنه كان لديه ما يقوله ويريد قوله، فقاله طواعية، كان صريحا ودقيقا.
في النص أدناه وما بين السطورالكثير من المعاني والمقاصد التي تحاكي جوهر المشاكل الأساسية العالقة في سوريا.
وهذا نص الحوار:
هل أنت عربي أم سوري أم كلاهما معا ً؟
بعيدا ًعن آية ردود فعل ، لابدّ من إيراد حقيقة أن الصفة السورية ، في مثل هذا المقام لاحقة ، وأن الصفة الكردية هي سابقة عليها ، وأن الصفة العربية ، وإن جاءت هنا من مستلزمات الاستفزاز الصحافي ، هي طارئة ولا أسترسل لأقول من قبيل السجعة : ماحقة ..!!
لم يكن العربي يوما ًما فارسيا ً..!
ولم يكن الفارسي هنديا ً..أو قرغيزياً أو أمازيغياً .!
ولم يكن الكردي تركيا ً أو عربياً أو فارسياً ..!
وإن تداعت أمم كثيرة للاستظلال تحت خيمة أخرى يكون لجميعها نصيب فيها ، ألا وهي خيمة الإسلام ..هذه الخيمة وارفة الظلال والدفء في دورة الحرّ والقرّ ، بيد أن ادعاء أنفار ، فحسب ، أن هذه الخيمة هي لهم ، دون سواهم ، واحتلال كل مساحاتها ، ورمي اللائذين بها – مثلهم – إلى خارج حدودها ، كان من شأنه إفشال تلك الشراكة ، لتكون لكلّ أمة خيمتها ولتكون للأمة الكردية – وأقول الأمّة – عامداً ،شأن سواها ،خيبتها، بلغة الشاعر الكبير محمود درويش …!!
لا شيء تغير البتة في أذهان – أنفار – من العروبيين – للأسف – منذ عصبيتهم الأولى ، غير المتبدّلة حتى ضمن حرم – الإسلام – وحتى اللّحظة ، لأنّ غير العربي كان مجرد شعوبي ، فحسب ، ما أن ذكر خصيصة من تاريخه ، وما لم يتحول إلى شتّام لماضيه ، متنكّر له ، ولعلّ في الاحتكام إلى الموقف ممن نعتوا بـ : الأعاجم – خير دليل على مثل هذا الكلام …!
– روى لي الملا عبد الله ملا رشيد قاضي ثورة البارزاني في حوار مطوّل معه أن جدّي الشيخ إبراهيم الشيخ يوسف – وكان أحد أساتذته والمتوفّى 1945 كان في بداية شبابه يسير من قامشلي إلى قرية خزنة ورافقه أعرابي على الطريق، وما أن وصلا مشارف إحدى القرى، حتى باغته ذلك الأعرابي :
أأنت مسلم أم كردي ..؟!!
طبعا ً، وبقية الإجابة لا تزال في ذاكرة الرجل التسعيني ، أمدّ الله في عمره ، هو أنّ جدي سيتشبث بكرديته، وهو عالم الدين الورع، والشهير، ولن يغامر بكلّ إرثه: إسلامه – الذي ضحّى على مذبحه بكل أمواله، وأملاكه ، بل وربّما بذويه، كي ينفى من قبل الفرنسيين مع الشيخ أحمد الخزنوي إلى دير الزور، ستة أشهر ، نتيجة مواقفهما المناوئة لهم ، إلى أن يتدخل حاجو آغا نفسه ،في القضية، لدى الفرنسيين ويعمل على إعادتهما .
ولعلّ من المفارقة الصارخة أن يأتي سليل ضابط في الجيش الفرنسي، ويدعى الوطنية، ويعدّني، أو سواي من الكرد ضيوفاً ، أو لا وطنيين، بحسب مقاييسه…!
لا ضير ،لن أقول ما أشبه اليوم بالبارحة، يستهلك ضدّنا حبر التقارير الأمنية الرخيص دون حدود …!!
– الآن بتنا نترحم على عصبية الأقدمين ….!.
إن سوريا التي أسهم – الكرد – على نحو لافت في صوغ جبلتّها على ما هي عليه الآن وكان لنا في ذلك أسماء شاهقة يجب أن تعود- مرة أخرى- إلى كلّ السوريين، وأن تدرّجات المواطنة القائمة –الآن- والتي تفاقمت بأكثر في العقود الأخيرة ولا يمكن لها أن تنتج إلا عوامل الحطة والتقهقر ،بدلا ًمن القوة المتوخاة ، ومن هنا ولكي تكتمل الإجابة : لن يضير سوريتي أنني كردي ذو خصوصية ،بل أن ذلك سوف يسبغ عليها مقوّم الشرعية ، ما دام أن الكردي ، وعبر ممثليه ، لا يتوانى عن القبول بالشراكة مع الآخر ، صنوه في خريطة اللحظة .
باعتبارك من أوائل الناشطين في مجال حقوق الإنسان كرديا ً ، هل لك أن تسمي بوضوح ما هو الحق الكردي في سوريا وما هي حدوده ؟
: ليس من قبيل تصحيح السؤال ، أحب أن أوضح أنني كصحافي لم أتوان لحظة ما ، وضمن حدود المقدرة ، عن الدفاع عن حقوق الإنسان في سوريا ،بشكل عام ، وفي ما يتعلق بأبناء جلدتي بشكل خاص ، ضمن فهم إنساني وطني ،عال ، كما أزعم ، بيد أن علاقتي باللجان الحقوقية ، جاءت متأخّرة جدا ً ، إذا استهويت مجال العمل الحقوقي بعيد انتفاضة 12 آذار 2004 ، وأعتقد أن هذه المحطّة ، نقطة البدء كرديا ً للانطلاقة الفعلية في مجال حقوق الإنسان ، وإن كنا شهدنا بواكير ذلك لدى لجنة – ماف – التي أعلنت عن اسمها في العام 1996 ، ولم تتمكّن من تجاوز حالة الإعلان إلا في المحطة التالية ، نتيجة ظروف الاستبداد والقمع ، والتنكيل بالعاملين في مجال حقوق الإنسان – سورياً – وهو ما دعا هؤلاء أن يكفوا عن مشروعهم ، ويعودوا إلى دوائر أحزابهم ، إلا من كان خارج هذه الأحزاب ، لتكون في ما بعد الانطلاقة الثانية لهذه اللجنة الحقوقية ، ولتنضمّ إليها لجنتان أخريان : قسطاس – رأي – إلى جانب لجنتين أخريين، ولدتا أيضاً بعيد2004، ولهما خصوصيتهما ، بل ومنظمة بيئية كردية ، وهذا ما ينمّ عن ظمأ حقوقي شديد لدى الكردي ، من هنا ، تماماً ، أستطيع تحديد انطلاقتي حقوقيا ً ، وتأطير إسهامي ضمن هذا المجال ، ولاسيما عندما شهدت في أتون انتفاضة آذار ، كم كنّا أحوج إلى أخوتنا السوريين من غير الكرد ، للوقوف على عمق جرحنا الآذاري ، ومساندتنا ، وتسليط الضوء على ما يتمّ ، بعيدا ً عن مزاعم السلطات التي حاولت إعطاء بعد آخر، لما يتمّ ، كما جاء في تصريحات سليم كبول محافظ الحسكة ، آنذاك ، والمخلوع، أخيراً ، بل وما أعلن على لسان كبار مسؤولي الإعلام ووزير الداخلية في سوريا لا ضير ، سأعود إلى جادة سؤالك :
تقول : ما الحقّ الكردي في سوريا ؟ وما حدوده ؟ إذا اتفقنا أننا شركاء في خريطة – الآن – فإنه ليحقّ لي أن يكون من 15 – 20 % من المسؤوليات الرفيعة من نصيبي ، سواء أكان ذلك مجلسا ً بلديا ً ، أم رئاسة مخفر ، أم مجلس محافظة ، أم مجلس شعب ، أم وزارة ، ورئاسة الجمهورية ، أم مستشارا ً لشؤون الكرد لدى رئاسة الحكومة ، والقصر الجمهوري ، إذا اتفقنا أننا شركاء في خريطة – الآن – فإنه ليحقّ لي أن أسمع الأغنية التي أريد من تلفزيون بلدي بلغتي الأم، أن أجد على طاولتي صباحا ً جريدتي، ومجلتي بلغة الأم، أن يقرأ طفلي الصغير في المدرسة بلغته الأم ، أن يتمّ الترخيص للحزب الكردي، وللجمعية الكردية، وأن تكون هناك في الجامعات السورية أقسام للأدب الكردي، كما أن هناك الآن أقساماً ، حتى للغة العبرية ، والقائمة تطول… وتطول …، بعد كلّ هذا ، أليس هناك خصوصية ، لمعاناة الإنسان الكرديّ في سوريا ، وهو ما أختلفت به حتى مع حقوقيين كرد ، مع أنني أعترف سلفاً أن جحيم الاستبداد يكتوي فيه الجميع ، على حد سواء ، إلا أن الكردي ليكتوي في أكثر من جحيم ، على ضوء ما سبق يمكن وضع الحدود لخصوصية حقوق الكردي ، أليس كذلك ؟
ألا ترى أنكم – الأكراد – لا يعجبكم العجب، تحملنا كم في سوريا طيلة هذه العقود ، وثقلت ضيافتكم فنراكم تئنون وتشتكون ، فهل توافقني أننا بعد (( أن أركبناكم على الحصان مددتم يدكم على الخرج )) ؟
من ترى تحمّل الآخر؟ الصافع أم المصفوع؟ الجلاد أم الضحية؟ ثم متى كان المرء ضيفا ً في بيته، أإلى هذه الدرجة – يا صديقي – تخلخلت الموازين ، ونسفت منظومة القيم ؟ أعلم أنك هنا ، لتعيد على مسمعي سؤال – أنفار – من الشوفينيين ، كمجرّد ناقل للكفر ، مذكّر به ، انطلاقاً من مهمّتك كصحافي ، بحيادية ، هنا ، في أقل تقدير …!
أو يئن من ليس به ألم ؟ أو يشتكي من لم يعان من وطأة جرح عميق ؟ ، وإن كان الأمر حقاً ، كما تستشهد بالمثل الدارج (( أركبناكم على الحصان مددتم يدكم على الخرج )) ، إذا ً ، تعال ، نسأل لمن الحصان ؟ ولمن الخرج ؟ هنا السؤال ، ربّ من يسلبك حصانك ، ويستكثر عليك مشاركته في امتطائه ، ربّ من يسلبك زوّداتك وخرجك ، ويستكثر عليك أن تنهل منه حسوة ماء ،أو كسرة خبز، عجنته ، وخبزته بيدك !
لا يحتمل المقام ، هنا ، أن أستطرد ، وأنظر ، وألوذ بالتاريخ والجغرافيا ، لأدلي بما توافر من براهين ومحاججات ، لأدعم وجهة نظري – بهذا الخصوص ، وإنما أستطيع أن أعيد التأكيد ، سوريا اليوم ، هي من إنجاز كل من يعيش ضمن خريطتها ، وللكرد دور بارز وفاعل في ذلك ، اعتمادا ً على أسماء ووقائع معروفة لدى القاصي والداني ، ومن هنا ، فللكردي حصته في دمشق ، كما حصته في حلب ، واللاذقية ، وحماة ، انطلاقا ً من مفهوم المواطنة !.
أما أن كنت تتحدث عن محض جغرافيا وتاريخ ، فإنني لأقول لك: كانت هناك كردستان كبرى ، وهي الآن مجزّأة بين أربع دول ، في أقلّ تقدير ، ولا يكلّف معرفة ذلك أن يزور المرء هذه المناطق الكردية ، ليرى كيف أن سكانها برمتها، من الكرد ، وهو مالمسته بنفسي عندما سافرت إلى كردستان العراق في الصيف الماضي ، حيث أنني لم أجد انطلاقا ً من مدينتي ، وحتى مرورا ً بالأراضي الواقعة ضمن خريطة تركيا ، فكردستان العراق، وإلى حدود إيران ، سوى الكرد ، ومن كان غير كردي، عبر كل هذه المساحة ،هو ليس إلا من أنفار القوات العسكرية للدول التي تتقاسم خريطة كردستان ، ولعلّ معرفة هذه الحقيقة ، من قبل الأنظمة التي تتقاسم خريطة كردستان ، تدعوها لأن تتطيّر ، وتفقد صوابها ، لمجرّد سماع كلمة – كردي – أو رؤية رسم الخريطة الكردية ، وهذا تماما ً ما يحدو بهاتيك الدول لتجاوز كل خلافاتها ، رغم عمقها ، والاتفاق معا ً ، لإطفاء أيّ بصيص أمل لقيام كيان كردي ، ولو كان من قبيل : حكم ذاتي ، أو فدرالية ، وفي سوريا ، أعتقد أن النظام مطالب أن يقف ملياً أمام السؤال الكردي ، لا أن يتمّ السعي لتفاقم الأزمة من خلال التأليب على الكردي ، وتأثيمه ، وتخوينه ، وهنا ، فإن الحركة الكردية في سوريا ، باتت الآن أكثر استيعابا ً للمعادلة الوطنية – القومية ، ولا يمكن مقاربة هذا السؤال بعيدا ً عنها البتة ، وهو ما لم يتم بشكله الأمثل المطلوب حتى الآن ؟
جاءت انتفاضة 12 آذار ، لتكسر ذلك الجدار المبني بين الحقوقي العربي ومواطنه الكردي في سوريا ، وبات يلتمس الحقائق ميدانياً ، على خلاف ما كانت أوساط شوفينية من النظام تروج لتشويه صورة الكردي أمام الرأي العام ، وهو ما عبر عنه شخصيات رفيعة المسؤولية باسم الإعلام، أو الوزارة الداخلية ، أثناء هذه الانتفاضة ، وقبلها ، بل وحتى هذه اللحظة !
أجل ، لا يزال هناك حقوقي عربي – للأسف – يعلق صورة الدكتاتور صدام حسين في بيته ، ولا يزال هناك حقوقي عربي يتعاطف مع هذا الطاغية، أو – بدقة – يغطي بتبعيته لهذا المجرم ، بذريعة معاداة أمريكا، ويرى الكردي دخيلاً ، متآمراً ، لمجرد أن تمثال صدام حسين قد سقط أمام مرأى العالم ، في لعبة دولية ، لا علاقة للكرد بها ، بل كانوا ضحاياها باستمرار ، وهو ما قلته في لقاء حقوقي موسع في عمان في صيف 2006م .
ومن هنا ، فإنه – للأسف – ثمة من يريد للجان والمنظمات الحقوقية الكردية أن تتنفس – برئاتها – هي ، وأن تظل تابعة لها ، مكرّرة بذلك سلوك النظام نفسه ، تجاه الكرد ، وأكبر دليل على ذلك ، أنه – مؤخراً – جرت انتخابات في عمان ، في نهاية تشرين الثاني 2006م ، لم يتم إنجاح حقوقي كردي واحد ، لأن الأكثرية كانت عربية ، ومعذرة من هذا المصطلح !
المنظمات العربية لا تشارك عادة في الاعتصامات الكوردية، حتى ولو كانت للمطالبة بحقوق الإنسان، لماذا برأيك، وهل تختلف هذه المنظمات عن الأحزاب القوموية العروبية أم أنها ملحقة بهذه الأحزاب؟ .
!
كيف ترى علاقات منظمات حقوق الإنسان في سوريا فيما بينها ومع المنظمات الأهلية والحقوقية العربية والدولية؟ .
أو لم أقل لك ، لما تزل منظماتنا تعاني من عدوى سقام الحزبوية ، التي كان من الفبائها – تخوين الآخر – المختلف ! وبديهي ، أنني لا أستطيع أن أطوب لكل هذه الطوابير المنضوية في منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ، بل إن الجهات الأمنية لا تسهو البتة عن أي نشاط خارج حظائرها ، فستحاول إيفاد أزلامها إلى هذه المنظمات ، كي يكونوا عيوناً ، وآذاناً ، لها ، ما داموا أصحاب نفوس ضعيفة ، متطفلين على العمل الحقوقي والمجتمعي ، لقاء وعود معسولة ، أو مكاسب زائلة ، وهذا أمر وارد ، ولكن إذا عرفنا ، أنه ليس لدى الحقوقيين والناشطين في المجتمع المدني ما يخفونه ، لأن كل ما يقومون به علنيّ ، فهم يرصدون انتهاكات حقوق الإنسان ، ويسعون – علناً – من أجل مجتمع مدني ، متجاوز لهنات المرحلة ، بعد أن تم إفساد وتخريب جزء كبير من الشارع السوري ، خلال عقود خلت !
كثر اللغط عن الاختراق الأمني للكثير من المنظمات، ويزعم البعض أن المخابرات تؤسسها .
ترى كيف يمكن رصد هذه الأمور في منظمات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان المظلوم وليس الظالم؟
نسمع بأنه هناك رسائل متنوعة يحملها بعض مدافعي حقوق الإنسان إلى معتقلي الرأي، منها ما يثبط عزائمهم أو يدفعهم للتخلي عن تواقيعهم، هل تعتقد هذه من مهام المنظمات الحقوقية؟ .
ثمة لجان حقوقية لبعض الأحزاب الكردية في سوريا ، وهي بمثابة مكاتب قانونية لها ، وهذا من حقها ، كما أن هناك أحزاباً كردية لا لجان قانونية لها .
أستطيع هنا – الحديث وبثقة أن لجنة ماف – وبحسب انطلاقتها في 2004م – هي ليست ابنة حزب كردي معين، وهذا ما يعرفه كل من هو قريب من هذه اللجنة !
اللجنة الكوردية لحقوق الإنسان ربما كانت الوحيدة التي أعلنت عن اسماء اللاعبين فيها، ونعلم أن هناك منظمات كثيرة قوامها مجهول، فهل تعتقد أنها منظمة الفرد الواحد على غرار حزب الزعيم الواحد… وما مبرر أن تبقى تلك المنظمات تمتهن طابع النعامة، برأيك أيهما أجدى في العمل الحقوقي، ولماذا علنية الأسماء في ظل نظام مستبد ومنتهك للإنسان وحقوقه؟ .
ها أنت نفسك في الجزء الأخير من سؤالك ، قد أجبت عن الحقيقة ، وإن كنت في قرارتي ممن يجزمون أن الحقوقي مجال عمله هو الشارع ، أمام المحكمة ، ولا يمكن له إخفاء نفسه ، بل وإن كنت أجزم في الوقت نفسه ، أن إعلان أسماء اللجنة الحقوقية يعني تزكية للنظام ، وإعلاناً عن حالة ديمقراطية غير موجودة على أرض الواقع .
أعتقد أن اللجنة الحقوقية ، غير المعلنة ، تستطيع أن تعمل بأكثر حرية لرصد انتهاكات حقوق الإنسان ، وإن كنا نسمع دائماً من اللجان العربية والعالمية ، ضرورة الإعلان عن أسماء مجلس الإدارة ، كما إن إعلان أسماء لجان حقوقية لاحقة ، يشكل تحدياًّ للجنة السابقة عليها ، لإعلان نفسها ، وقد يكون في ذلك خدمة لمن يبذل الجهود باستمرار ، لمعرفة من وراء تلك اللجنة ، ويحرّض – دون أن يدري- بعض أدواته لنعت هذه اللجنة بأنها لجنة الشخص الواحد ، ومن حوله في أحسن الأحوال ، لدفع هذه اللجنة ، أو المنظمة لإعطائها رأس الخيط ..
!
!
بعد فترة وجيزة من تأسيس اللجنة الكوردية شهدنا استقالة عدد من أعضاء مجلس الإدارة، هل ترى تعتقد أن أسباب استقالاتهم كانت شخصية، أم بسبب ضغوطات السلطة والخوف من العلنية؟
!
تحقيق الشهرة الشخصية عبر الأحزاب السياسية يكتنفه صعوبات ومطبات، بينما تشكيل مؤسسة مدنية سورية يحقق الشهرة بأسرع وأبخس الأثمان، ويحتاج الأمر لجهاز كومبيوتر وموقع على الانترنيت، فهل أنجزتم الخطوة الأولى نحو الانخراط في العمل السياسي وتنتظرون بزوغ الفجر مع صدور قانون الأحزاب، وما هو اسم جمعيتكم المرتقبة الولادة؟
حين يكون الهدف من وراء تأسيس أيّ جمعية أو حزب هو شخصياً ، فإن ما تقوله صحيح ، تماماً ، وحين يكون الهدف عامّاً ، فإن ذلك تجنّ على هذه الحالة ، أو تلك ، لاسيما وإن كلّ خارج على أعراف السلطة هو ليس أكثر من دريئة يطلق عليه النار من كل حدب وصوب ، منهم من يقوم بهذه المهمة نتيجة تخطيط مسبّق ، ومنهم من يقوم بها نتيجة عدم إدراكه لكل ما يجري من حوله .
وأن عقوبة كل متجاوز … هي كذا … كذا إلخ إلخ….) .
أعضاء مجموع منظمات حقوق الإنسان باشتراكاتهم السنوية لا يستطيعون شراء بطاقة طائرة ذهابا وإيابا إلى أمريكا، وإن لم تكونوا متعاملين مع الخارج فمن أين لكم مصاريف السفرات المكوكية والإقامة بفنادق خمس نجوم، وتكاد مصاريف لليلة واحدة تعيل أسرة بأكملها في الريف السوري الفقير لمدة سنة..
فهل لك أن تسمي مصادر التمويل؟
شخصياً ، لا ألبّي أية دعوة توجه إلي، لحضور أي مؤتمر ، قبل أن أعرف من أية جهة يكون تمويل هذا المؤتمر ، وأتذكّر هكذا سألت القائمين على مؤتمر باريس 2004م ، حيث تم دفع ثمن بطاقة طائرتي على حساب أصدقاء وناشطين كرد في أوربا، كانوا من أسرة الإعداد لذلك المؤتمر ..
! سنوياً ، تصلني عدة دعوات ، ولكنني لست من هؤلاء المتلهفين لتلبية هذه الدعوات ، قبل دراسة واقع الجهات الداعية ، من خلال نفسي ، بعيداً عن أي مؤتمر آخر ، وعلى ضوء قراري الأخير ، أتصرّف ، وأوافق على السفر ، أو لا أوافق ، وإذا عرفت أنه من أصل حوالي عشرين دعوة وجهت إلي لم ألبّ غير دعوة واحدة ، سترى كم أنني دقيق في هذا
المجال !
أنت كناشط حقوقي هل تتصل بمنظمات حقوق الإنسان في إسرائيل؟ وهل تتعاون مع زملائك اليهود؟
كيف تقيمون واقع حقوق الإنسان حاليا مقارنة مع واقع حقوق الإنسان في أواسط القرن المنصرم، وأين ترون مصونية حقوق الإنسان في سورية هل هي في ثقافة التغيير أم في تغيير الثقافة؟
إنه في الدرك الأسفل – تحديداً – ولعلّ واقع حقوق الإنسان مرتبط ، بل، أسٌّ في العملية الديمقراطية التي لابد أن يكون التغيير السلمي القادم من أجلها ، كي تسود ثقافة حقوق الإنسان ، وهذا ما هو كفيل بإعادة إنسانية مواطننا إليه، بعد طوال مصادرة .
ماهي أبرز الأسباب التي تجعل السلطة تصادر الحريات العامة، وما مبرر وجود قوانين طوارئ استثنائية، وما سبب عدم إباحة الحريات والديمقراطية في سورية؟
!
هل لك أن تسمي واحدة من المؤسسات المدنية ولجان وجمعيات حقوق الإنسان في سورية وتضع لها تعريفا مبسطا وماهية نشاطها؟
بماذا تتشابه هذه الجمعيات والمنظمات وما هي نقاط التقاطع بين أهدافها؟ وما هي أدواتها المستخدمة لأجل تحقيق أهدافها؟
ما هي الضغوط التي تتعرض لها لجان وجمعيات ومنظمات حقوق الإنسان من قبل السلطات؟
ينظر – في أبسط الأحوال – إلى من يعمل في هذه المجالات بعين الريبة ، والتشكيك ، كما أن النظام ، وعبر عدد من الأحزاب المنضوية تحت لواء الجبهة ، لا يوفّر فرصة للنيل من كلّ اللجان والمنظمات الحقوقية والمدنية !.
ما هو مستقبل الحريات العامة في سورية؟
ما دوركم وما هو مبرر وجود هذا الكم الهائل من المنظمات المدنية طالما الدستور السوري والمواثيق الدولية التي صادقت عليها سوريا كفلت حقوق الإنسان المدنية والحريات الأساسية للمواطن، ودائما نهاية نهاية الجهر بالرأي الناقد الاعتقال أو التصفية؟
من المعروف تماماً ، إن كلّ كم يؤدي – أخيراً – إلى كيف عبر عملية فرز ، واصطفاء ، ولذلك فإنني مع كثرة مثل هذه المنظمات ، لترسيخ وتكريس عقلية المؤسسات التي افتقدناه طيلة عقود ، وباتت أجهزة إعلام النظام ، ومستفيديه ،يشنفون آذاننا بأن منظمات السلطة ، والأحزاب التابعة لها ، هي المؤسسات المتوخاة … !
●: لماذا الشرخ كبيرا بين الممارسة والتطبيق، إذ اقتصر دور المؤسسات المدنية والحقوقية على إصدار بيانات مقتضبة، بينما في وثائق تأسيسها تبنت برامج نظرية وتطبيقية تشمل البحوث والدراسات وعقد المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية والدورات التنويرية؟
!
يفترض بالمؤسسات المدنية وحقوق الإنسان أن تتصف بالحيادية، فما بالكم تخلطون النشاط الحقوقي بالسياسي والحزبي، وصار الفصل بين مؤسسة مدنية وحزب سياسي معارض في غاية الصعوبة؟
إن كل هذا التواشج ناجم عن طبيعة المرحلة ، وكمثال هنا ، إن أي اعتقال سياسي غير قانوني ، سوف يستطيع الحقوقي ، والسياسي ، كل منهما على حده ، لرصده ، وهذا أمر طبيعي ، ولا أخفي عنك ، أنني شخصياً اكتشفت ذات مرة ذلك التعالق في لغتي أثناء كتابة بيان يتطلب الحيادية ، بين ما هو حقوقي، وما هو سياسي ، لاسيما أننا ككرد – أعرف ، لم يكن هناك لنا رصيد حقوقي كردي ، بحت ، في مثل ذلك ، لأن من بدأ في هذا الميدان – كردياً – معدودون على أصابع اليد الواحدة ..
في أحسن الأحوال، كما أرى .
ما مبرر وجود هذا العدد الكبير من منظمات حقوق الإنسان المتماثلة والمتكاثرة بالتناسخ ومتناطحة بنفس الوقت.
وإن كان نشاطكم عاما خالصا وليس شخصيا فلماذا لا يكون هناك اتفاق بين لجان ومنظمات وهيئات وجمعيات حقوق الإنسان في سورية على تشكيل منظمة أو جمعية واحدة لحقوق الإنسان ويكون لها فروع في المحافظات وممثليات في الخارج؟
لو برهنت لجان وجمعيات وهيئات ومنظمات حقوق الإنسان على حياديتها والاقتصار على النشاط الحقوقي والمدني فلماذا لا تقوم بتشكيل وفد مشترك يتفاوض مع السلطة حول طول وعرض وحدود الخطوط والدوائر الحمراء التي ترسم لكم وبذلك تتحاشون الدوس على ذنب القطة ولا يزج بكم في السجون؟
هل تسمح السلطة لممثلي جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان بزيارة السجون والتحقق من توافر الشروط الدولية للسجناء؟ يرجى إيراد حادثة كمثال مع التفاصيل؟
لا ، نحن في سوريا ،اليوم ، يا أخي ..
!
هل قدمتم مشاريع ومقترحات تساهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان في المدارس والمعاهد القضائية والجامعات، وما هو موقف السلطة من ذلك، وما هي مشاريعكم المستقبلية؟
تتذرع الحكومة أنها تنادي بفتح ملفات الفساد والشفافية وتتنكب المهمة بمفردها، إذ يقتصر دوركم على العبث في الأبواب الخلفية وتهتمون بالجزئيات، ناهيك عن انشغالكم بالخلافات التنظيمية والصراعات المسيسة وتتوالد منظماتكم بالانشطار، ألستم مجرد أدوات لتجميل وجه السلطة المستبدة وتتذرع بوجود نشطاء وجمعيات في البلد؟
إن استثنينا بياناتكم على الانترنيت والتي بالكاد يقرأها المواطن السوري، ويصعب على المتابع التمييز بينكم لتشابه المسميات وتتناسخون حتى البيانات، ما هي الوسائل الإعلامية والإرشادية الأخرى لديكم، ولماذا لا تقومون بإصدار كتب أو كراسات تعنى بنشر ثقافة حقوق الإنسان وحماية البيئة وغيرها من مجال نشاطكم بدل التشبه بالأحزاب السياسية المعارضة، وقد تنالون حمد وشكر الحاكم والمحكوم؟
يفترض أن تكون مهمة مؤسسات حقوق الإنسان الدفاع عن الحق المهدور والوقوف لجانب المتضرر أو من تنتهك حقوقه، بينما في الحقيقة أنتم بحاجة لمن يدافع عنكم، تجركم المخابرات من بيوتكم وتسحبكم على أرصفة الشوارع بأمر من أصغر شرطي في البلد، فما هي أدواتكم ووسائلكم القادمة لأخذ الدور المناط بكم؟
كيف لي أن أثق بكم كمدافعين عن حقوق الإنسان فيما لو تعرضت حقوقي للهدر، طالما أنكم عرضة للاعتقال والتصفية، وفي أحسن الأحوال الهجرة خارج البلد.
أليس الأسهل والأفضل بالنسبة لي أن أدفع رشوة لضابط أو مسؤول يحل لي مشكلتي بدل أن تزيدوها تعقيدا؟
قيل أن الحكومة تدرس قانونا سيعمم تحدد من خلاله حجم الرشوة التي يجب أن يدفعها المواطن للموظف، وهل هذا بمثابة “قانون العيب” السوري؟
هناك حوادث قتل واغتيالات وتصفيات، أشهرها اغتيال رجل الدين المتسامح الشيخ محمد معشوق الخزنوي، هل تجاوز نشاطكم البيان أو التصريح الإخباري الذي يمكن لصحفي غرّ متدرب أن يكتبه ويعممه؟
لا أعتقد أن أحداً قد كتب عن الشيخ معشوق الخزنوي بأكثر مني ، ربما لأنه – كان الأقرب إليّ – وكنت موئل أسراره ، ومن قلة قليلة يثق بها ، لدرجة أن بعض خطواته لم يكن ليعرفها إلا ابنه، وأنا ، ولأطمئنك أكثر هنا ، أنني الآن مبعد وظيفياً عن مدينتي ، بعد ثمانية وعشرين عاماً عملت خلالها كمربّ، وصار أبناء طلابي مدراء مدارس، ومدراء دوائر ، بيد أنني أعمل في مدينة أخرى ، على بعد ثلاثين كيلومتراً عن منـزلي ؟!
هل لديكم إحصائيات حقيقية عن عدد المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي في سوريا، وكم هو عدد المفقودين في السجون والمنفيين بمختلف المهاجر؟
ألم نتفق – قبل قليل – أن لجان ومنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني ، نتيجة تهميشها ، ومحاربتها ، وتضييق الخناق عليها ، غير قادرة على تقديم دراسات واستبيانات وبحوث دقيقة ! ؟
ما هو سبب إغلاق المركز المخصص لتدريب المجتمع المدني بعد موافقة الحكومة السورية عليه؟ ولماذا ساهمتم صامتين مع الحكومة بهذا الإجراء؟
إن أي مركز لتنشئة الوعي المدني والحقوقي ليعد موبوءاً لدى أوساط الفساد والاستبداد في السلطة ، وهي ستبذل قصارى جهدها لإغلاقها ، والتعامل معها على أنها مجرد بؤر تآمرية !
إنها السلاح الأجدى … فماذا تريد ؟
النظام في سوريا يتعرض لضغوط متسارعة ومتزايدة، فهل هذه فرصة لتوسيع نشاطكم، وهل تنتظرون الدعم الأوربي والأمريكي ماليا ومعنويا ومن ثم حق الترخيص حتى تباشرون بنشاطكم على أكمل وجه، أم أن زوال الضغوط يعني هلاككم؟
هل انضمت بعض منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني إلى التشكيلات السياسية والتجمعات المعارضة مثل إعلان دمشق أو جبهة الخلاص؟ وأي من هذه التشكيلات تفضلون وتساندون وما هو شكل المساندة؟
ثمّة شخصية ما قد تكون ذات بعدين: حقوقي مدني وسياسي ، وهنا ، سنحاول تصنيفها كسياسة معارضة ، إذ أنني – أميل – إلى أن يكون للناشط الحقوقي في مجاله الخاص ، دون أن ينـزلق إلى مهاوي المغامرة السياسية ، أو حتى اللّعبة والممارسة السياسيتين ، حرصاً على طبيعة أدواته ، ونقائها ، وإن كان كلّ منهما سوف يركّز كلّ من موقعه على هتك أيّ تجاوز ، والحلم بغد مشرق حقيقي ، بعيداً عن أيّ ضرب من الفساد والاستبداد ، بما يليق بمواطن متعطّش بل جائع إلى الديمقراطية .
هل تعتقد أن المجتمع السوري ناضج ويعرف كيف يتصرف بحريته وحقوقه فيما لو “أهدتها” السلطة له، وهل سوريا أصلا جديرة بالديمقراطية في ظل هذا التنوع القومي والأثني والديني والمذهبي، ومن سيجمع كل هذه المتناقضات في سلة واحدة، وألا ترى أن الذي وحدها فقط هو القمع وقوة البسطار الأمني والمخابراتي؟
إذا كنت ترى أن سوريا بلد ذو تنوع قومي، وأثني، وديني، ومذهبي ، وفيه الكثير من التناقضات في سلّة واحدة – هكذا – فإنني وإن كنت أرى في هذا التعدد غني ، وأشكال فسيفساء ، لا تناقضات حين يتمّ إجادة التعامل مع خيوطها المشكّلة للوحة ، لا أن يتمّ فتح المجال لأن تبتلع سطوة مكوّن منها ما حولها .
سوريا، بلد لم تلوث فطرته وأصالة روحه سوى ظلم الظلام من قبل ، ومن ثم الدكتاتوريات ، المتلاحقة ، ومن ثم عقود التكميم التي خلت ، والمواطن السوري بألف خير ، لولا سوءات أوساط متنفذة من نظامه ، وهو ليس قاصراً بحاجة إلى وصاية ، من أحد ، كفا ، إذ يجب أن يعود هو ويمسك بزمام مجاديفه ، كي يعبر قاربه إلى برّ الأمان ..
!
هل يمكن أن يكون لمؤسسات المجتمع المدني دور ما في الحفاظ على الوحدة الوطنية وتنضيب منابع العنف والدعوات التناحرية وتخفيف حدة التوتر القائم على أساس التناحر القومي أو الديني أو المذهبي أو الطائفي أو السياسي والحزبي؟
!
لو استثنينا كرمكم الزائد في البيانات والتصريحات، ماذا قدمتم للمعتقلين السياسيين ولأسرهم؟
ما هي الإجراءات التي تتخذها جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان لتطبيق المادة التاسعة من العهد الدولي الخاص بمصونية الحقوق المدنية والسياسية؟
لا أستطيع الحديث عن كافة الجمعيات والمنظمات الموجودة ، لأن التنسيق بيننا لا يزال في مرحلة الحبوّ ، أتذكّر أنني قلت في عمان بحضور ممثلي جمعيات ولجان ومنظمات كثيرة ، تعالوا نتّفق عنا على “كلمة سواء” ، لا أن يظل ّكلامنا حبراً على ورق ، تعالوا نكتب وثيقة للتنسيق ، وألححت في ذلك ، لأنّني أعرف – وكما قلت – أن الوعود المعسولة غير مجدية ، ما لم تتحول إلى واقع ملموس ، وكان شيء من هذا ، لكننا سرعان ما نسيناه عند عودتنا إلى بيوتنا ، وكي يحتضر مشروع لجنة التنسيق في مهده .
إزاء واقع متردّ كهذا ، أو تعتقد أننا قادرون أن نتوصل إلى صيغ جماعية ؟ أجزم بالقول : لا ، وهكذا ، فإنّ كلّ نشاط من نشاطاتنا سيظلّ ذا طابع فرديّ ، بحت ، وهو ما يفقده الكثير من حرارة المصداقية ، والتأثير ..
!
ما هي أهم المواد التي تطالبون تعديلها أو حذفها من الدستور السوري، وما هي القضايا التي ترون أنه يجب إدراجها في الدستور الجديد؟
ما هو معنى إصدار ميثاق عربي لحقوق الإنسان طالما أن هناك هناك إعلان عالمي لحقوق الإنسان، وهل حقوق العربي تختلف عن حقوق الإنسان عامة، أم هي دعوة لتمييز العربي عن القوميات والأقليات المتعايشة مع العرب، وهو سبب تأسيس منظمات لحقوق الأكراد والأرمن والسريان وغيرهم؟
ما هي الإجراءات التي تتخذها جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في منع استخدام المرأة كسلعة وتجارة “الرقيق الأبيض” التي راجت في دمشق على إثر الحرب في العراق، وهل قدمتم شيئا لهذا الواقع أم تجاهلتموه باعتباره حالة عرضية؟
ترزح نسبة كبيرة من النساء في سورية تحت وطأة ظروف من الحرمان الشديد من حقوقهن الإنسانية الأساسية والاعتداء عليها، ما هو دور جمعيات ومنظمات حقوق الإنسان في صيانة حقوق المرأة السورية، وماذا عن حقوق المرأة السورية والطفل؟
أستطيع القول : إن سوريا شهدت ولادة رابطة النساء السوريات منذ عقود ، وإن كان يؤخذ على هذه الرّابطة انهماكها بالسياسي ، لأنها ولدت في أحضان الحزب الشيوعي السوري ، وكان لها ،بحقّ ، وبعيداً عن الاتحاد النسائي الرسمي، لعب دور مهم ، ضمن ظروف المرحلة إلى لفت الانتباه إلى قضية المرأة ، والإشارة إلى مدى مأساتها، ومحاولة الحدّ منها ، مستفيدة من وجودها في كلّ مدينة ، أو حيّ ، أو ربما قرية ..
!
ماذا بخصوص آسر المهجرين التي صودرت منازلهم بسبب ذويهم، وهل هناك إمكانية نظرية وعملية لفتح ملف المغيبين (المفقودين) في السجون برعاية دولية والبت فيه حقوقيا؟
ما هي الطرق والإجراءات التي ستتخذها مؤسسات حقوق الإنسان في سورية لحل مشكلة المجردين من الجنسية من الأكراد، والتي لم تحل رغم الوعود الخلبية من أعلى المستويات؟
بعيدا عن السياسة، الأكراد تعرضوا ويتعرضون للغبن والتهميش، فما دوركم في إحقاق الحق الكوردي وشرح حيثيات الملف الكردي المزمن للمواطن السوري، وهل تتصلون بالسياسيين الكورد؟
ما هو موقفكم من القضايا التالية كل على حدة: قانون 49 ، الأكراد “البدون” ، الحزام العربي، عرب الغمر، عودة المنفيين بمن فيهم من حمل السلاح بوجه السلطة، وما حل هذه المعضلات؟
كلّ ما ذكرت قضايا عالقة ، لابدّ من إعادة النظر فيها ، وإزالتها ، سواء في ما يتعلّق بعقوبة الإعدام للمنتمين إلى الإخوان المسلمين ، أو في ما يتعلق بسلخ الجنسية عن المواطنين الكرد في سوريا ، كما أنه يجب محاسبة من قام بالتخطيط ، أو تنفيذ فكرة الحزام العربي ، واستقدام المغمورين لزرع بذرة فتنة في منطقة الجزيرة ، حيث تم إيغار صدور هؤلاء المستقدمين في 12 آذار 2004م ، وهناك منهم من تفهّم اللعبة ، وهناك من انجرّ وراء مصالحه ، فأصيب بالعمى ، عموماً ، إن رفض واقع استقدام هؤلاء ، يعود إلى أن المخطّط مبني على نية مبيتة لمحو العنصر الكردي ، والتلاعب بديمغرافيا المنطقة ، وزرع كيانات مهيأة لمواجهة داخلية ، هدفها تشكيل خطر موقوت ، في وجه الكردي ابن المنطقة الأصيل ..
!
هنا ، لا أتحدث عن المستقدم ، ممن ينعت بـ ” المغمور ” الذي جيء به ، ليزرع في المكان عنوة ، ليكون حقل تجارب سياسية ، وكان مهندس المشروع آنذاك المدعو عبد الله الأحمد ، الذي جاء ليطبّق مخطط المدعو محمد طلب هلال ، بل إنني لأتحدّث عن هذا المشروع ، لفضح المخطط الذي طبق منذ حوالي ثلاثة عقود، وحتى الآن ، وهو مدعاة لتفكيك أواصر الوحدة الوطنية ، وإعلان مسبق بعدم المصداقية في هذا الكائن الخرافي ، أعني : الوحدة الوطنية – التي لا يمكن أن تتمّ في حضور مشاريع وممارسات تمييزية ، عنصرية، وإلا غدت
في 24/03/2005م صرح السفير عماد مصطفى بأنه لن يبقى سجين رأي واحد في سورية، وتلاه مؤكدا وزير الداخلية، فهل هي مناورات لكسب ود الغرب أم تتوقعون إغلاقاً كاملاً لملف الاعتقال السياسي؟
لقد عودتنا تجربتنا الحياتية مع وعود النظام ، ألا نصدق أي كلام مسؤول ، ما لم يطبق عملياً ، وذلك نتيجة انعدام الثقة بين المواطن والسلطة ، والسلطة السياسية هي التي تتحمّل وزر هذا النسف للثقة ، فهي المسؤولة عنه ..
!
ماهو موقفكم من عقوبة الإعدام في سورية وهل تطالبون بتغيير هذا الحكم بما يحقق تكريم الإنسان وفق العقائد السماوية وأخلاقيات حقوق الإنسان الدولية؟
كيف لي أن أميز بين منظمات مشبوهة التمويل والأهداف ومنظمات تتبنى بشفافية حقيقية مصالح المواطن، وكيف يمكنني أن لو احتجت لمنظماتكم أن أجد طلبي وبماذا يعرف الغث من السمين؟
طبعاً ، في ميزان السلطة : كل المنظمات مشبوهة ، ولكن ، أستطيع القول : إن كل المنظمات التي – أعرفها – في سوريا ترفض التمويل / المشبوه ، وهي برمتها تنطلق من أجندات ذاتية ، إنسانية ، وطنية ، ولكن تعال معي لنسأل : إن أي تمويل ولو عيني ، من أية جهة إنسانية ، تجعل السلطة ، ومن حولها من أبواق تنظر إليك بعين الريبة ، والتشكيك ، كما أن هذه المنظمات محرومة من حقوقها من التمويل الوطني ، ناهيك عن أن ضبط أي مواطن قد تبرّع رسمياً لأحد هذه المنظمات سوف يعرضه للمساءلة ، والسجن ، إذاً ، ما الذي يجب أن تفعله هذه المنظمات ، أو لست في كل أسئلتك تطالب هذه المنظمات بحجم معين من النشاطات والدور ؟
نلاحظ أن هذه المنظمات الكل فيها يتراشق التهم مع الكل، وتتراوح من التعاون مع المخابرات أو أن تكون قد صنعتها الأجهزة وصولا للنيل من مصداقية أهدافها وحقيقتها.
فما حقيقة هذا الصراع في الساحة الحقوقية ومن هو الصالح ومن الطالح؟
حقيقةً ، أكثر هذه الاتهامات كاذب ، وإلا – فإن شخصين متفاهمين متحابّين في منظمة ما ، ما أن اختلفا لأمر تنظيميّ أو سواه ، يذهب كل منهما لتخوين قرينه الذي كان حتّى قبل ساعات رمزاً للقداسة والطهرانية لديه !!.
وقس على ذلك ، في ما يتعلق بالعلاقة بين المنظمة الواحدة وقرينتها وشبيهتها أو زميلتها ، حيث هناك من يلجأ للكلام الرخيص لإثبات ذاته ، وإعلام الآخر ، في مصداقية ، وهو نوع قذر من الإعدامات التي نطالب السلطة – أصلاً – بإلغائها …
ولن أذيع سراً ، هو أن هناك بعض أجهزة الدولة وراء تغذية هذا المناخ ، وتكريسه ، لإعدام الثقّة، ونشر ثقافة الكراهية والبغضاء ، في هذه الأوساط التي هي – حقاً – الميدان الذي يجب أن يكون أكثر طهرانية، بعد سقوط ذريع للمشروع الحزبوي .
ماهو دور منظمات المجتمع المدني في الإصلاح والتغيير طالما بقيت نخبوية متقوقعة ولم تستطع الوصول لأعماق الشارع السوري، وهناك من يعتبرها نتاج سلطوي أو متواطئة في أحسن الحالات، أم أن التقصير بسبب قمع الأنظمة التي تضيق الخناق على تحركاتها؟
إن عدم الإفساح أمام منظمات المجتمع المدني في الإصلاح والتغيير ، هو وسام لها ، على أنها بأكثرية المنضوين في مجالها غير تابعة ، وأنا هنا دقيق في ما أقول ..
ألا ترى أن منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان مرهونة بتوجهات الشخص الذي يرأسها وليس مواثيقها وبرامجها؟
حين تكون المنظمة قويةً معافاةً ، لا يمكن لفرد ما أن يستبدّ برأيه ، ويتصرّف كما يحلو له ، كما أنّه قد يكون للفرد من دور مهم في تنفيذ برامجها ، ومواثيقها ، والإشراف على تطبيقها ، في ما إذا كان في موقع الشخص الأوّل ، كما تقول … !
فيما لو زالت الضغوط الخارجية على السلطة فسوف تشدد القبضة عليكم فهل لديكم إجراء احتياطي ليستمر نشاطكم؟
ومتّى كانت القبضة غير مشدّدة ..
؟!
؟
هل يمكن لمؤسسات حقوق الإنسان في سورية أن تكون بديلا نوعيا عن الأحزاب السياسية المعارضة؟
الأنظمة العربية بمجملها تستلم مساعدات نقدية وغيرها من أمريكا ومن منظمات وهيئات دولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لماذا تعترض السلطات وتلاحق منظمات حقوق الإنسان لئلا تتسلم مساعدات مالية وتقنية من الجهات نفسها التي تأخذ هي منها الأموال والمساعدات؟
هذا هو سلوك الأنظمة التي لا ترى إلا نفسها ، فما دامت أنها تحكم شعوبها ، وتتحدّث باسمها ، فهي يجب أن اسلبها لقمتها ، وتفكر عنها !
!
المنظمات الحقوقية في الغرب تنظر بعين الريبة والتريث للشارع الحقوقي السوري المتعاطي للشأن العام، فهل تقر بوجود أزمة مستشرية في منظماتكم، وهل ترى خروجا من المأزق؟
بما أن الدستور كفل حق المواطنين في التعبير عن آرائهم بكل الوسائل السلمية بما فيها التجمع والاعتصام السلميين، لماذا قمعت الحكومة الاعتصام السلمي الذي تم في 05/10/ 2006م، ولماذا غابت المنظمات والتنظيمات العربية عن هذه الفعالية، ورفضت التوقيع على بيان الاعتصام، فهل هي موافقة صامتة منها مع السلطة؟
!
ألا تعتبر مفاضلة الشبيبة الجامعية خرقا لحقوق الطلبة في اختيار الكلية التي تتناسب مع قدراته، وما هي الإجراءات التي تتخذها المنظمات الحقوقية للوقوف بوجه هذا التعدي على حقوق الطلبة غير البعثيين؟
لماذا لا تلزم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلزام الدول الموقعة على اتفاقيات حقوق الإنسان باحترام الالتزام بهذه الاتفاقيات ؟
هل لك أن تسم أربع شخصيات حقوقية سورية ناشطة من منظمات مختلفة؟
أحني هامتي أمام كلّ من هو الآن في زنزانات السجون ، وراء القضبان ، من أجل أداء رسالته ، دون أن يفتّ برد السجان أو جحيمها من جبروت إيمانه بهذه الرسالة .
هل أنت ممن شقوا عصا الطاعة وخرجوا على النظام؟ ويتمثل انشقاقك عليه من خلال خروجك على تنظيمك السابق لصاحبه رئيس ما يسمى بالجبهة الوطنية التقدمة.
فما هي أسباب خروجك في عهد بشار وليس بعهد أبيه والتجاوزات كانت ربما أشد؟
لقد اخترت الحزب الشيوعي السوريّ – إيماناً مني بالعدالة الاجتماعية التي لابدّ منها ، أبداً ، ولن أحيد عن تلك الفكرة قيد أنملة ، البتّة ، وكان إضافة إلى مثل هذا الإيمان أستطيع عبر هذا الحزب أن أقول بأعلى صوتي :لااااااااااا، أنى تطلب الأمر ، وهو ما يعرفه من عمل معي تنظيمياً ، أو عرفني عن قرب ، أو قرأني ، لأنني أزعم بتمثيلي- آنذاك – أقصى مديات الرفض ضمن هذا الحزب ، لاسيما وإنني رفضت أيّ امتياز ، ولو كان ذلك الترشيح لمجلس الشعب ، كما حدث معي أثناء اقتراحي ذات مرة ، بل كنت من الداعمين جهراً بالخروج من الجبهة التي باتت تغيب ملامح هذا الحزب ، لدرجة أنها كادت تلفظه بلا ملامح ، وإن كنت سأحبّ كلّ رفاقي ، وأعدهم أبناء مدرسة طاهرة .
أجل ، بفضل هذا الحزب ، كنت أستطيع أن أعلّق صورة – غيفارا – أوهوشي مينه – ومكسيم غوركي – وجكر خوين – والبارزاني – وخالد بكداش – على جدران غرفتي ، وكان تعليق هذه الصور نفسها بهذا الشكل تحديّاً واضحاً ، كان يريحني في أعماقي .
حين دخلت صفوف الحزب الشيوعي ، أعلنت أنني استهويت الأفكار العريضة للشيوعية ، ولكنني ظللت – باستمرار – رافضاً للاستبداد ، مسمياً الأشياء بأسمائها ، سيان في كل مرحلة على حد سواء .
لا أخفي ، أنني في مدرسة الحزب الشيوعي السوري تعلمت الكثير ، واستفدت ، وإن كنت سأختلف بشدّة مع قلة قليلة انتهازية ، متسلّقة ، مبوّقة ، ببغاوية ، وجودها أمر عادي ، لأنها من هذا المجتمع المنخور نفسه ، لكن القواعد العريضة للحزب ، كانت مناضلة ، شريفة ، لا تزال تحلم بغد مشرق ، لا ظلم ، لا جور ، لا عنف ، لا استغلال فيه .
إن ما أقوم به الآن من دفاع عن قضايا الإنسان بعامة ، وبذل كل ما أملكه من أجل قضيتي الكردية ، كما حصل ذات مرة ، وتم التصويت لئلا أكتب في الصحافة الكردية ، فرفضت ذلك ، قائلاً لهم : لو كتبت أنا في صحيفة البعث ، هل كنتم ستمنعونني فأجاب أحدهم : هؤلاء حلفاؤنا! .
قلت وأنا أيضاً هؤلاء أهلي ، وصوتت الأكثرية ضدّي ، طبعاً ، وكان من وقفوا معي آنذاك الكاتب خورشيد أحمد – معذرة عن ذكر اسمه وإفشائي للسرّ المؤلم بعد طوال سكوت- وأعتقد أنّ ذلك كان الاجتماع -ما قبل الأخير- الذي ودّعت فيه الحزب ، لأعمل ضمن تيار قاسيون،بل لأسهم في تأسيسه ، مغتبطاً في قرارتي لأنّه ليس- عضواً- في الجبهة الوطنية التقدمية ، وكانت قبل عملي ضمن هذا التيار قد حصلت معي أمور كثيرة ، لن أبوح بها ، احتراماً للخبز والملح ، وجميل هذا الحزب علي ..
!!
هل تود قول شيئا لم نسألك عنه؟
أو تركت شيئاً ولم تسأل ؟
جزيل الشكر لمشاركتك القيمة هذه أستاذ إبراهيم اليوسف.