في مهب عاصفة مؤتمر استنبول

د.

محمد رشيد

كثر اللغط بعيد انتهاء اعمال مؤتمر المعارضة السورية – استنبول في الشارع الكردي , بعد انسحاب المكون الكوردي , على الرغم من انه انسحبت شخصيات ومكونات معارضة قبل ذلك ولم تلقى ببال , سواء اكانوا منضويين في المجلس الوطني السوري او خارجه.

ماشد الانتباه والدهشة والغرابة هو انه كان قد تم التوافق قبل عقد مؤتمر استنبول بانضمام مجموعة من الكورد الى المجلس الوطني السوري والموافقة من حيث المبادئ العامة على جميع اللوائح التنظيمية والسياسية والفنية وأدبيات المؤتمر الاول الذي عقد في تونس, و مع بداية افتتاح اعمال المؤتمر ومنذ ان بدأت قراءة كلمة مكون كوردي باسم المجلس الكوردي والذي دعي الى المؤتمر كضيف (لم يكن منضويا الى المجلس الوطني السوري), مع رفض  ممثلي المجلس الكردي قبل بدأ اعمال المؤتمر بالتنسيق المسبق مع الكورد المستقلين المنضوون في المجلس الوطني السوري ومن دون اي مبرر,
 وبعيدا عن الاستعلاء ومن منطلق اضعف الايمان منه  للتشاور كقومية تجمعهم  وبما كان يهمس حول المبادئ الاساسية حول وثيقة العهد ( وختم الأستاذ جوان يوسف حديثه لولاتي بأسباب عدم الخروج بموقف موحد بينهم و بين وفد المؤتمر الكوردي قائلاً : “نحن ككتلة كوردية داخل المجلس الوطني السوري حاولنا مع المؤتمر الكوردي توحيد خطابنا من أجل اجتماعات المعارضة و لكن للأسف لم يكتمل هذا المشروع لأن المؤتمر الكوردي أكد أنه لا يستطيع الخروج عن وثيقتهم ، و في الحقيقة شعرت أن مجيء المؤتمر الكوردي إلى استانبول كان فقط لكي ينسحبوا).

وكما هو معلوم بانه قبل فترة جرت لقاءات وحوارات ونقاشات ماراثونية من قبل المجلس الكوردي مع اعضاء في المكتب التتنفيذي للمجلس الوطني السوري لضم المجلس الى المجلس او تنسيق ثنائي للتعاون في مايخص المعارضة السورية, لرفد الثورة السورية بقوة اوبانخراط انصار المكون الكردي في دفع الزخم لاستمرارية الثورة السورية , ولتعزيز مكانته بين الكورد اولا وبين الشركاء العرب ثانيا .
بتشكيل المجلس الكوردي فانه ظاهريا تجاوز المحظور بتأسيس تحالف من مجموعة احزاب كوردية ضمن اطار واحد , بعدما فقد الكورد السوريين الامل في توحيد الاحزاب التي انشقت على نفسها وعلى مدار اكثر من اربعة عقود من دون اسباب او مسببات , سوى الانفصال الحتمي والذي تطلبه الفرز القومي بعد تأسيس اول حزب كردي قبل خمس عقود – الحزب الديموقراطي الكردي -كحالة طبيعية من صراع بين تيارين , احدهما ملتزم بقضية الشعب الكوردي وحقوقه القومية المشروعة , وتيار مساوم متهالك يهرول وراء سراب نظام شوفيني فاشي استلب السلطة بانقلاب عسكري لم يبقى على اسلوب في اللجوء اليه لاذابة الشعب الكردي واضطهاده , وليتبين لاحقا بان الغاية والهدف من عملية الوحدة و اللملمة هي جردة  جمع حسابية , وليست المطالبة باستحقاقات مصيرية يتستدعى الانخراط بالثورة التي تفجرت من دون التمهيد والاعداد لها – حتى ان احد القيادات اصدر نداء بعد عشرة اشهر من انطلاقة الثورة بان يقوم الكورد بانتفاضة شاملة – ؟.
لقد خف بريق الوحدة والتوحد وخب أفله منذ اعلان لحظة ولادته , وذلك عندما لم يتبنى شعار الثورة السورية في المطالبة باسقاط النظام , ولم يحسم امره في اغلاق اي باب للحوار مع نظام القتلة و جعله مواربا ,” لن يتحاور مع النظام لوحده وانما من الممكن بان يتحاور بمشاركة اطراف عربية ” هذه الجملة بعيدة كل البعد عن مفهوم الثورة وتطلعات المعارضة  بشكل عام ان كان من المجلس الوطني السوري او هيئة التنسيق للتغير الديموقراطي , او كما يقال  دين من  لا دين له (و يقال عنه بالعامية متشقلب – يمكن ان يكون ساق هنا او يمكن ان يكون قدم هناك) , ولم تنفعه شعارات براقة كان اغلب الاطراف تتجنب حتى عن ذكرها وهو مبدأ حق تقرير المصير للشعب الكوردي .
ماجرى في استنبول بانسحاب مكون كوردي سياسي لم يكن  الهدف والغاية منه منه سوى امران
الاولى : المشاركة والانسحاب – بعدما تم عدة لقاءات ومفاوضات ولم يتم التوصل الى حل , واصدار بيانات وتصاريح بانه  لن يتم الانضمام الى المجلس الوطني السوري لخلافات اعلن عن البعض منها , اذن فلماذا المشاركة في المؤتمر فيما اذا لم يكون الغرض منه سوى الانسحاب ؟
ثانيا : تساؤلات يستدعي التوقف عنده  منها :

  • اما ان وفد المجلس الكردي المشارك يفتقد الى الحد الادنى من ادارة الاسلوب الدبلوماسي في المفاوضات , او ان المجلس الكردي ينخر به خلافات , والاطراف المنضوية فيه غير متوافقة للانضمام الى المجلس الوطني السوري او ان انه يتعرض لضغط خارجي او انه لايملك قرار نفسه ؟.

وبهذه الحالة فان الهدف من المشاركة والانسحاب من المؤتمر هو بان يتم تحميل الانسحاب على المعارضة  السورية ’ وخاصة بان العديد  من ممثلي المجلس الوطني السوري مشحونون شوفينيا , وليس بوسعهم حتى الانصات الى الشروط الكردية , (الم يقلها رياض الترك مسبقا بانه لايريد ان يسمع شئيا ماورا ء الفرات) , وبعد ان تم سد الافاق مسبقا في انضمام المجلس الكوردي , وعلى الرغم من تسرب معلومات بان جهات خارجية وصاحبة شأن توسطت بان ينضم المجلسن الكردي الى المجلس السوري ولكن  ذلك لم يجدي ايضا منفعة (او لربما يامل بان يتدخل ثانية – ورقة احتياط وقت الحاجة) , وهكذا ليس امام المجلس الكردي خيار آخر سوى التلويح او  الاتصال مع الطرف الثاني من المعارضة وهو هيئة التنسيق في الداخل ,  وبالتالي العودة الى الفقرة المبينة اعلاه بانهم لم يغلقوا باب الحوار مع النظام , وبهذه الحالة فان اطراف حزبية في المجلس الكردي سيجدون المبرر للخروج من المجلس الكردي الذي يعصف به الخلافات كما اشرنا اليه , ويكون الجميع بحل من الالتزام  بشعارات جذبت الشارع الكردي اليه .
وهذا ماحصل فعلا , في ان الشارع الكوردي تجيش في التعبير عن ردة فعل في اطلاق تسمية الجمعة ب “جمعة  حقوق  الشعب الكوردي” .
اما المكون الكردي والذي انسحب فيما بعد ومعظمهم من المستقلين , وعلى الرغم من ان المجلس الوطني السوري استجاب لمطلبهم فيما بعد كما نشر على مواقع الانترنيت , حتى ان تلك الاسماء المذيلة عضويتهم بالانتماء لمكونات كوردية , فانهم في الاصل انضموا الى المجلس الكردي بصفاتهم الحزبية ولم ينضموا تحت اي مسمى مكون كوردي بعينه , والمقصود هنا الاسماء التي أشرت بانهم ينتمون الى اتحاد القوى الديموقراطية الكردية , وآخرين كانوا قد جمدوا عضويتهم التزاما بقرارات المجلس الكردي في اعلان عن تجميد اعضاءه في جميع هيئات المعارضة السورية اثناء تأسيسه.
.وللتوضيح اكثر , هل الانسحاب من محافل المعارضة ذو جدوى  ؟؟
وهل آخر العلاج هو الكي مع تقدم العلوم والتكنولوجيا .
لقد كتبت سابقا عن الانسحاب من مؤتمر الانقاذ في استنبول صيف العام الفائت , وكانت الاسباب المعلنة من قبل القائمين عليه هو استفزاز مشاعر الكورد القومية من لدن البعض من الشوفينيين ملوحين , بان سورية المستقبل لن تختلف عن سورية الحاضر سوى بتغيير الوجوه واسباب موضوعية اخرى , وآنذاك التقيت على هامش المؤتمر مع د.

برهان غليون متسائلا وهل يعجبكم مايحصل ؟ فاجاب بكلمات مقتضبة ,”  انني لست مشاركا !, ودعوت الى المؤتمر كضيف , واللي بيصير شي مو معقول ” ؟؟.
فهل تم استفزاز الكورد في المؤتمر؟
, وهل سيبقى الكورد على هذه الحالة معرضين انفسهم لللاستفزازت الشوفينية , ام انه يتوجب البحث عن طرق أخرى.
وقبل كل هذا لابد من اللجوء الى تصقيل المهارات التفاوضية وايجاد مستلزمات في الاستعانة باهل الخبرة و الاختصاص , والابتعاد عن المحاذير لتحقيق الحصاد من هدف يبغى اليه.
ام اننا سنتمسك بالمثل الكوردي القائل  Êzing ê  mi  
كل شئ او لاشئ .

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…