الموقف من الكورد عبر سوريا القديمة ..!

محمود مراد

كنت أتوقع قبل عرض النظام السوري دستوره للاستفتاء العام، سيرد ذكر الكورد فيه محاولاً الاقتراب منهم على الأقل، لابتلاع الحالة السياسية من تحت أقدام المعارضة السورية، والمجلس الوطني تحديداً ، ولتأليب الكورد ضد المجلس السوري، وكافة أطراف المعارضة ، ولكنه لم يفعلها كما عودنا دائماً ، ولم يأخذ الدروس من أمواج الربيع التي اقتلعت جذور ثقافة الأحادية، والاستبداد، رغم الأزمة التي مرّ بها ، منذ أكثر من سنة وحتى الآن ، هذه الحساسية والتجاهل تجاه الكورد يبدو المجلس الوطني السوري أيضاً ورثها ، وحمل نفس البذرة والعقلية، التي أعتقد من الصعوبة التخلص والتحرر منها بهذه السهولة ، فطريقه إلى مؤتمر اسطنبول باتجاه الكورد لم يكن سالكاً مثلما كان يعتقد الكثير من الكتل الكردية ،وأدى إلى خروج الكورد من المؤتمر، وخروجهم هذا لم يكن متوقعاً كأننا في مشهد كروي عند خروج اللاعب بإنذار أحمر، في ملعب لا يشبه الملاعب السياسية .
ماذا يعني خروج الكورد من مؤتمر اسطنبول للمعارضة؟ ولمستقبل سوريا الجديدة كما تدّعي كل أطراف المعارضة امتلاك معالمها ، هل هو خروج من سورية القديمة أم العبور منها وإليها ، ألا تتسع هذه الجديدة للتعدد القومي؟ والتعامل الموضوعي مع هكذا حقوق ،على ما يبدو هذه الجديدة حسب إدعائهم ،هي أيضاً حليفة للاستبداد والقهر، ولا مكان فيها  لهكذا تعدد  ،هناك شك يقترب من الواقع الفعلي والكورد متخوفون منه بأنّ الوطني السوري راكب على ظهر دبابة تركية ،ويعمل وفق بوصلتها ، لأن خروجهم من تونس حمل البشائر للكورد ولمستقبل سوريا ،بعكس تواجدهم في تركية .


سبق كتبت مقالاً بعنوان يطلبون من الكورد تجميد حقوقهم لحين انتصار الثورة ، والآن وثيقة العهد تعد لما بعد النظام ، وليس قبل ذلك ، إذن لماذا هذا الإغفال والتجاهل لحقوق الكورد ؟ ومن وراء ذلك ، باعتقادي هي محاولة لخلق أجواء توتر ، ودفع الكورد إلى طرح فيه التطرف والعزلة عن الحراك الثوري، وعن المشاركة في بناء سوريا المستقبل يسودها مبدأ المواطنة، والتعددية القومية والسياسية ، نعم فيما إذا استطاعوا عزل المكونات الكوردية بأطرها التقليدية ، فلن يستطيعوا تحقيق ذلك باتجاه شبابهم الذين اعتبروا أنفسهم مكون رئيسي من ثورتهم ، ومكمل لباقي المكونات الأخرى في حمص ودرعا وحلب ودمشق ….

بدوركم ككورد كيف كان درجة استعدادكم لحضور هكذا مؤتمر؟ ، وهل الحضور لوحده كاف ، أشك حضوركم مثل فريق شعبي  من حي العنترية من قامشلو سيلاقي فريق  برشلونة الاسباني ، نعم رصاصة واحدة ستقضي على تمزق صفوفكم المبثوثة، تجاه القضية الكوردية وتمثيلها ،كما قالها أحد الغارقين في طفولتهم ، وأقولها أيضاً تهميش صاروخي من المعارضة تجاهكم ستجمع صفوفكم التقليدية الهرمة ، تعلمتم التعامل مع الشباب حتى الآن كرعايا تتفقدون أحوالهم، حتى تمارينهم في الثورة  لم تتمرنوا عليها .
  إذن هناك أكثر من زاوية، تنتهك فيها مفهوم التعددية القومية في سوريا ، وربما تتقاطع في أكثر من زاوية ، ولكن لابد من مواجهة بقاياها في سوريا القديمة أولاً، ومن ثم التفكير بمستقبلها من أجل بناء سوريا بالفعل جديدة.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

فواز عبدي في مشهد الصراع السوري، تُستدعى رموز التاريخ الإسلامي بشكل متكرر من قبل الفصائل المختلفة، كلٌّ بحسب توجهه وهويته. ومن بين تلك الرموز، يبرز اسم الدولة الأموية / بني أمية / الأمويين بقوة في خطاب بعض الجماعات والفصائل ذات الطابع السنّي، خصوصاً تلك التي ترى نفسها امتداداً لـ”أمجاد الماضي”. لكن استحضار بني أمية اليوم، في سياق شبه حرب أهلية…

د. محمود عباس   بعد مجريات الأحداث المتسارعة في سوريا، وتحوّل ما يُسمّى بالحكومة الانتقالية إلى واجهة مفرغة من الوطنية، خاضعة بالكامل لهيمنة هيئة تحرير الشام، ومُلتحقة بالإملاءات التركية، لم يعد أمام الحراك الكوردي خيار سوى الإعلان، وبشكل صريح وحاسم، أن المنطقة الكوردية ستدار بشكل مستقل عن المركز، إلى أن تتضح ملامح سلطة سورية بديلة، مدنية، لا مركزية، تؤمن بالنظام…

ابوبکر کاروانی. من خلال عقد مؤتمر للوحدة والموقف الكردي الموحّد في روج آفا، دخلت القضية الكوردية في ذلك الجزء من كوردستان مرحلة جديدة ومهمة. وتتمثل في توحيد القوى الكوردستانية في روج آفا على أساس تمثيل الذات كناطق باسم شعب كوردستان في هذا الجزء من كردستان، ولحلّ قضية عادلة لم تُحل بعد. هذه الخطوة هي ثمرة جهود للقادة، وضغوط ومساندة الأصدقاء،…

نظام مير محمدي* لطالما كان الملف النووي الإيراني أحد التحديات الأساسية على الساحة الدولية. فمنذ الأيام الأولى لنشاط مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، سعى النظام الحاكم جاهداً، عبر خلق العقبات وتقديم معلومات منقوصة، إلى إخفاء الطبيعة الحقيقية لبرنامجه النووي. هذا النهج المخادع، الذي أكدت عليه مراراً وتكراراً السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، مطالبةً برقابة…