عبدالباسط سيدا…

  حسين جلبي

ثمةَ عدوٌ مُبين للأمة الكُردية هذه الأيام أسمه عبدالباسط سيدا، تهاني الحارة للجميع على إكتشافه، الأمر يستحق أن يتنفس المرء لأجله الصعداء.

هذه الأمة التي لطالما رفعت رؤوساً لا عماد لها، و أخفضت أُخرى دون أن تهتم بما فيها، و لم تترك شاردة و واردة إلا و أبدعت فيها، قررت اليوم خوض أم المعارك على عدوها اللدود بعد أن شخصته، و أعدت الخطط لحربها، إذ لا مندسين لديها يتصيدون في مستنقع النظام أو يسبحون فيه، لا شبيحة من بين صفوفها و لا من يحزنون، صفحتها ناصعة البياض.

خلال بضعة أشهر إنقلبت الأُمة على طبيبها المفوه فسحبت منه لقب الدكتوراة، و حولته ليس إلى شخص عادي فحسب، بل إلى ممثل لا يمثلها و لا يمثل حتى نفسه ككُردي، بعد أن كان نجم كل المناسبات، يتنازع الجميع على الفوز بصورة معه، أو له و عليها (أوتوغرامه) الغالي.
 لو كانت الظروف تسمح لأجرت الأمة أيضاً إحصائها الإستثنائي، و لجردت عبدالباسط سيدا من جنسيتها، لكي يشعر بأهمية ما يمتلكه اليوم من نِعمْ، أهمية كونه مواطناً محظوظاً في هذه الأمة السعيدة.

كان كل شئ (أوكي) و عال العال، كانت الأمة (واثق الخطوة يمشي ملكاً)، تسيرُ من نصرٍ إلى نصر، إلى أن خرج من بين ظهرانيها من يشق الصفوف و يفرق الجماعات، و لا يلتزم بالميثاق (المللي) الكُردي.

 لكن ما الذي حدث حتى جعل الأُمة تنقلب هكذا رأساً على عقب على واحدٍ من أبناءها المدللين و تدير له ظهر المجن؟ لا يهم، المهم أن الأمة تدرك حجم التخريب الذي كان يمارسه عبدالباسط سيدا، و دوره في مصائبها، بدءاً من أول إنشقاق ضرب أول حزب كُردي إلى ما تلاه من إنشقاقات حتى أصبح العدد يتجاوز الثلاثين و ربما الأربعين، إلى دوره الحالي كحصان طروادة يستخدمه الأعداء في خرق حصون الأُمة الواحدة الموحدة تمهيداً لتشتيتها إلى ملل و نحل، و هي التي كانت على مدى تاريخها واحد واحد واحد.


عبدالباسط سيدا مُدان و ليس مُتهم، لا يحتاج الأمر إلى سماع دفاعه، فكل شئ واضح، قالت له الأمة أترك (المجلس) فركب رأسه و عاند، و قد أزال ذلك عنه القناع، و أسقط رداءه الأبيض، و الأمة عندما تصدر قرارها فإنها لا تمزح، إنه قرار نهائي، ليس من مقتضياته سماع المحكوم عليه مهما كانت لديه من أدلة معاكسة، فالأمة لا تخطأ أبداً، حاشى لله.
 لو لم يكن عبدالباسط سيدا موجوداً، لو كان عبدالباسط سيدا عربياً، لبحثت الأمة في جينات الجهة التي ينتمي إليها الآن بحثاً عنه، و إذا كانت ستعجز، كانت ستصنع واحداً لإتخاذه شماعة تعلق عليه أخطائها و خيباتها و إنشقاقاتها و تشتتها.
 الأُمة عرفت اليوم من أصابها في مقتل، إنه عبدالباسط سيدا، و إعتباراً من هذه اللحظة، لحظة إكتشاف الخيانة، ستعود إليها طُمأنينتها و هدوءها و وحدتها و كل شئ جميل و مثالي فيها ألف مبروك.

عن صفحة حسين جلبي:

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي   لم يعد سرًّا أن البلاد تمر بحالة انهيار اقتصادي شملت جميع القطاعات والمؤسسات، والدليل على ذلك المعاناة اليومية للمواطنين من الفقر والجوع والعجز عن تأمين أبسط مستلزمات الحياة اليومية، نتيجة توقّف الرواتب وتسريح الآلاف من الموظفين من أعمالهم. تزامن ذلك مع ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش الذي يزداد يومًا بعد يوم دون أي حلول تلوح في الأفق….

إبراهيم اليوسف سبع سنوات من الظلام تحت الاحتلال التركي ومرتزقته!   لم تكن عفرين ضحية حربٍ عادية، بل كانت ساحةً لأحد أبشع سيناريوهات الاحتلال الممنهج في القرن الحادي والعشرين. إذ أنه منذ اجتياحها واحتلالها عام 2018، دخلتها القوات التركية ومعها جحافل الفصائل المسلحة، الذين لم يكونوا سوى أدواتٍ رخيصة لتنفيذ أجندة أنقرة. تحت قناع “عملية غصن الزيتون”،…

عشرون سنة مضت، وشعبنا الكردي في سوريا يستذكر انتفاضته المجيدة، التي هبّت في 12 آذار 2004م، على امتداد الجغرافيا الكردية من مناطق وتواجدٍ في سوريا، مروراً بكوباني وعفرين، بما فيها العاصمة دمشق ومدينة حلب، حيث استمرّت لأسبوعٍ واحدٍ، راح ضحيتها حوالي ٤٠ شهيداً، ومئات الجرحى، واعتقال وملاحقة الآلاف من النشطاء الكرد. وبحكم مشاهداتي ومتابعتي ليوميات الانتفاضة، وخاصةً في حلب وعفرين،…

عبد الجابر حبيب   مقدمة   لا تزال سوريا تواجه واقعاً مريراً مليئاً بالتحديات الداخلية والخارجية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات. في هذا السياق، يظهر جلياً أن الحكومة السورية الحالية تستمر في إقصاء العديد من المكونات الاجتماعية والثقافية في البلاد، محاولات ترقيع لا تلبث أن تُظهر أخطاءً أكبر. وبينما يترقب السوريون حلولاً حقيقية تسهم في بناء سوريا المستقبل، نجد…