«نوروز» آخر ومازالت الثورة مستمرة

صلاح بدرالدين

أيام معدودات من عمر الثورة السورية سبقت نوروز العام الماضي واذا كان الشيء بالشيء يذكر يمكن احتساب عمر الثورة بأنها اندلعت في نوروز قبل عام وأطفأت الشمعة الأولى في نوروز هذا العام واذا كان نوروز أم الثورات ورمز ازالة الظلم والاستبداد وتحطيم الأصنام وتحقيق المساواة كماتخبرنا صفحات التاريخ وبحسب ماتتناقله شعوب الشرق ومعتقدات مئات الملايين وباكورة الربيع والدفىء وجمال الطبيعة وسعادة الانسان فان للثورة السورية علاقة وثيقة مع ربيع الثورات المندلعة في أكثر من بلد من جهة ومع ثورات الربيع وانتفاضاتها وعروسها نوروز الذي اندلعت فيه ثورة كاوا الحداد من الجهة الثانية وللثورة السورية الوطنية الديموقراطية بعدا رمزيا ربيعيا آخر بصلتها العضوية التكاملية مع الهبة الكردية الدفاعية
 أو مشروع الانتفاضة المغدورة التي لم تتوفر شروطها وأسبابها القومية والوطنية وانطلقت شرارتها الأولى بالقامشلي في الثاني عشر من آذار قبل ثمانية أعوام وتمددت لتشمل المناطق الكردية الأخرى وعددا من المدن مثل حلب ودمشق ثم ما لبثت أن توقفت بفعل عوامل موضوعية من دون تحقيق أهدافها القريبة والبعيدة ويجمع المحللون المتابعون على أن تلك الهبة الدفاعية في الأطراف كان يمكن أن تتحول الى انتفاضة ثورية عارمة في وسط  سوريا وعاصمتها لو لم تتقاعس الحركة الحزبية السياسية الكردية بأجمعها بمشاركتها السلطة الأمنية في وقفها عبر التجاوب مع لجنة الجنرالات من مسؤولي الأمن والمخابرات (علي المملوك وبختيار ومحمد منصورة) الذين اجتمعوا مطولا بالقامشلي في أحد مكاتب رجل السلطة الدائم في كل الفصول ومنذ عقود وعلى الأغلب فان المكان ذاته شهد عقد مؤتمر ” المجلس الوطني الكردي (” الذي لم يمانع الى الحوار مع النظام ولم يلتزم بشعار الثورة الأول والأساسي : ” اسقاط النظام “) قبل عدة أشهروبعد حوالي تسعة أشهر من عمر الثورة السورية وبعد التضحيات الجسام وآلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى والمعتقلين والمشردين .

 لابد ونحن في حضرة نوروز الذي نعتبره عيدا قوميا أساسيا ومناسبة تحتفي بها غالبية شعوب الشرق وكل شعب على طريقته والذي يصادف دخول الثورة السورية عامها الثاني من القول والتأكيد على المهام والثوابت التالية :
 1 – الثورة الوطنية الديموقراطية مستمرة حتى تحقيق هدف اسقاط النظام بكل مؤسساته ورموزه وبطابعها السلمي الاحتجاجي الدفاعي وصولا الى العصيان المدني العام في جميع ربوع البلاد .
 2 – الثورة تستمر بفضل مشاركة كل مكونات الشعب السوري القومية والدينية والمذهبية وفي جميع المناطق دون استثناء ولمصلحتها ومن أجلها وقاعدتها الداخلية راسخة وموحدة وتنسيقيات الشباب متضامنة ومتكاملة ومتفاهمة ومتحدة حول الشعارات والخطاب والموقف السياسي .
 3 – الجيش الوطني الحر تتعاظم صفوفه وتزداد أعداده وعدته وهو حامي الشعب والثورة والمؤتمن على الوحدة الوطنية وصيانة منجزات الثورة مابعد الاستبداد وتقع على كاهله واجب استيعاب ورعاية وتنظيم كل العسكريين المنشقين عن جيش نظام الأسد بما فيهم العسكرييون الكرد حتى يثبت على أرض الواقع أنه رمز الاتحاد والتلاحم والتضامن .
 4 – الشعب الكردي جزء أساسي من الثورة وتنسيقيات الشباب الكرد بمختلف مسمياتها وتشكيلاتها في مقدمة الصفوف الأمامية من الثورة الوطنية وللكرد مصلحة مزدوجة في اسقاط نظام الاستبداد واجراء التغيير الديموقراطي واعادة بناء الدولة الديموقراطية التعددية على أساس المشاركة والتكامل والتلاحم ومن هنا فان المزاج العام للرأي العام الكردي ولقواه وتياراته الفاعلة على الأرض غير قابل على الاطلاق لتوجهين انتهازيين متشابهين متكاملين : واحد ويمثله (جماعة العمال الكردستاني التركي) يربط مصيره بنظام الأسد ويتحول الى أداة أمنية كمخلب قط للجم الثورة في المناطق الكردية انطلاقا من مقولات هزيلة مصطنعة غير مقنعة تربط المصير الكردي بمصالح من خارج الحدود ويرفع شعارات غامضة تتضمن التلاعب بالألفاظ والمصطلحات الى أبعد الحدود والثاني ويمثله (المجلس الوطني الكردي) : يتمسك بمقولة تحييد الكرد والتفرج من بعيد والانعزال عن ركب الثورة السورية ووضع شروط لاحراج المعارضة السورية وعرقلة التلاحم الكردي العربي في أتون الثورة وعملية التغيير وذلك تحت شعارات براقة متلونة زئبقية تتراوح بين (حق تقرير المصير والفدرالية وتهبط الى اللامركزية السياسية كاختراع جديد في علم قضايا الشعوب) لاتؤمن بغالبية تلك الشعارات بل حاربتها خلال عقود خلال الصراع الفكري والسياسي والثقافي بين اليسار القومي الديموقراطي واليمين القومي وعلينا الاشارة وللأمانة الى أن كلا التوجهين يحملان تناقضات واختلافات بالرأي كما أنهما يضمان أفرادا لايؤمنون بما يرمي اليه المتنفذون بالطرفين ولكن وحتى اللحظة تبدو أصواتهم خافتة وغير مؤثرة    .


 5 – المعارضة السورية في الخارج وخاصة الطرف الأكثر بروزا – المجلس الوطني السوري – لاتعكس حقيقة الداخل ولاتعبر عن أهداف وطموحات الثورة الوطنية الشعبية وتنسيقيات الشباب ولاتمثل المكونات الوطنية القومية منها والدينية والمذهبية وقد فوت المجلس فرصة اعادة هيكلته من جديد ومراجعة وضعه تقييما نقديا لذلك ليس أمام المكونات والقوى والمجموعات والكتل والتيارات السياسية المعارضة جمعاء الا البحث الجاد والمسؤول من أجل الاعداد للمؤتمر الوطني السوري العام بالخارج عبرتشكيل لجنة تحضيرية معبرة تعد الوثائق وتوفر الشروط المناسبة لعقد المؤتمر بنجاح وكنا في ” المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية ” قد طالبنا بذلك منذ أربعة أشهر ومازلنا نحاول عبر الاتصالات والمشاورات والمناشدات والبيانات للتوصل الى تحقيق هذا الهدف الوحدوي النبيل .
  ختاما نقول النصر لثورتنا وكل نوروز وأنتم بخير وسلام

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….