هذه الخدعة هي فصل من فصول الكذبة الكبيرة التي تمر بها المعارضة السورية عموما وسط دعوات اقليمية ودولية لتوحيد المعارضة المعروف مسبقا باستحالة تحقيقه، وفي حال تحقق فاننا نكون قد خلقنا حالة شمولية جديدة، لذا فإن التركيز عليه ليس الا تهرب للمجتمع الدولي وتنصل من مسؤليته الاخلاقية عن مايحدث في سوريا من مجازر تجاوزت كافة مواثيق حقوق الانسان، بل حتى تجاوزت مواثيق حماية الحيوان في العالم المتحضر الذي يدعي الدفاع عن حقوق الانسان، من جهة اخرى ياتي التركيز على توحيد المعارضة لاضفاء الشرعية على جرائم عصابات الاسد من خلال القاء اللوم على المعارضة نفسها في تاخير الحسم الثوري عسكريا.
حيث عمد نظام الاحتلال الى ادخال الثورة في متاهة توحيد الصفوف من خلال مجموعة اجراءات اتبعها منذ بداية الثورة لممارسة التضليل والتشبيح السياسي بالترافق مع التشبيح والتضليل العسكري:
– قام النظام في بداية الثورة بزج عدد من ضباط الامن في المعتقلات مع الثوار لخلق نوع من الثقة بينهم وبين شباب الثورة وبعد خروجهم شكلو تنسيقيات وهمية للمضاربة على التنسيقيات الحقيقية وتعطيل الكتل السياسية.
– الايعاز لبعض رموز المعارضة التقليدية على رفع سقف شعاراتها ومعارضتها للنظام وفتح المطارات امامها خروجا وعودة لحضور مؤتمرات متنوعة في الخارج لاستلاب القرار السياسي للثورة وتضليل المجتمع الدولي.
– الايعاز لكافة الاحزاب الطائفية والقومية في الدول الاقليمية لرفع سقف مخاوفها الطائفية والقومية من الثورة السورية وتدخلها المباشر بحجة الحماية القومية والطائفية لتخويف الشارع السوري من سوريا بدون الاسد ونظامه العصاباتي المحتل، وتضليل المجتمع الدولي من مستقبل المحيط الاقليمي بعد انهيار الاسد.
– الايعاز لهذه الاحزاب وخاصة المتناقضة قوميا او طائفيا بتصعيد لهجة الاقصاء الطائفي او القومي في خطاباتها لتعطي المبرر لبعضها البعض في تبني هذا التصعيد بحجة المخاوف الطائفية والقومية
– الايعاز لهذه الاحزاب ولمجموعة الدول في المنظومة الديكتاتورية الداعمة لهذا النظام الارهابي باغراق الساحة السياسية بالمال السياسي وتحويل المعارضة باختلاف مكوناتها وتوجهاتها السياسية الى ساحة ارتزاق وتغليب المدعومين ماليا وسياسيا واعلاميا وتهميش المعارضة الحقيقية والمناضلين الشرفاء.
تبعا لهذه الخطوات اصبح كافة العملاء والمرتزقة والمتسلقين والجبناء المتعاملين مع اجهزة القتل يزاودون على الثوار بشعارات ثورية، ليتحولوا فيما بعد الى القومية والطائفية بشكل مبرر لانها تصدر من كلا الخصميين الافتراضيين طائفيا او قوميا كفعل ورد فعل.
وبالعودة الى الساحة الكوردية، فان المزاودين على الشباب الكورد المنتمين الى الثورة بالشعارات القومية كالفيدرالية وحق تقرير المصير وهم لايحركون ساكنا لتحقيق هذه المطالب، فلا تتجاوز مزاوداتهم سوى التلاعب بالعاطفة القومية، واستثمار الشعارات لتضليل الراي العام الكوردي، وخلط الاوراق، وتميع بطولات الثوار، واهدار دماء شهداء الحرية بل في بعض المناطق الكوردية يتم تقديم خدمات مباشرة من عناصر الاجهزة الامنية نفسها برفع شعارات قومية ورفع صور قيادات حزبية غريبة عن كوردستان سوريا، ومعروفة بتعاملها مع نظام الاحتلال، وتزويد كوادر هذه الاحزاب بالسلاح وكافة مستلزمات الحماية الامنية، والسياسية بشرط ضرب الثورة في الشارع الكوردي، علما ان الثوار من الشباب الكورد وكان على راسهم عميد الشهداء مشعل تمو يساهمون فعليا وميدانيا بمطلب حق تقرير المصير سعيا الى مستقبل مدني لوطن تعددي تشاركي الى جانب اشقائهم من كافة المكونات السورية بتقديم اسمى انواع التضحيات والبطولات مقدمين دمائهم الطاهرة ثمنا لاسترداد الكرامة وممارسة حق تقرير المصير لعموم الشعب السوري الثائر الذي لم يعد يرضى حياة الذل والخضوع تحت سلطة الاحتلال مهما كان الثمن ومهما كان حجم المؤامرة السياسية من قبل معارضة تم توظيفها بشكل مباشر او غير مباشر لتكون سرطانا ينهش جسم الثورة من الداخل لحماية الاحتلال لا لمعارضته، وتحويلها الى اداة تعيق الحرية السورية في ثورة الكرامة بعد عام من عمرها من خلال تعويم كافة التضحيات الثورية، والمفاهيم السياسية لتميع النضال الحقيقي للثوار، وتميع الشخصيات الوطنية والسياسية الحقيقية كحال المجلس الوطني السوري المعطل، والمجلس الوطني الكوردي الضبابي حيث تمكن النظام من خلال وكلاء له في المعارضة من تعطيلهما.
فكما ان وجود المجلس الوطني السوري ضرورة حتمية للتمثيل السياسي للثورة ككيان سياسي قائم بذاته على ان يتمتع بالصفة التمثيلية عن كافة المكونات السورية بدون استثناء او اقصاء او استيلاء من جماعات حزبية تستخدم المال السياسي لركوب الثورة وتمرير اجنداتها.
فان اسقاط اشخاص المجلسين ايضا اصبح ضرورة حتمية بعد عام من الفشل السياسي مقارنة بالانتصار الثوري للتمكن من ترميم المجلس من حيث الاعضاء ومن حيث اليات اتخاذ القرار ومرونة التعاطي مع المستجدات، ومتابعة بناء تمثيل سياسي حقيقي للثورة، لذا فليسقط برهان غليون ومكتبه التنفيذي في المجلس الوطني السوري فهو لايمثلني، ويسقط احمد سليمان ومكتبه التنفيذي في المجلس الوطني الكوردي فهو ايضا لايمثلني، يمثلني الاحرار والابطال في الميدان الثوري، ومن يختارونه لعضوية المجلس الوطني بلافتات يرفعونها في الشارع نظرا لعدم وجود صناديق اقتراع، لكي يستعيدوا القرار السياسي المستلب منهم، ويضعوا حدا لمهاترات الكتل السياسية في حواراتها التوافقية حول توزيع الكراسي بينما لازال نظام الاحتلال موجودا.
كذلك الامر بالنسبة لمحنة توحيد الصف الكوردي، فتوحيد الخطاب الكوردي ضرورة حتمية فيما يتعلق بالاهداف القومية في ظل سورية الجديدة، لكن توحيد كافة الاحزاب تحت خيمة مجلس قومي شمولي يرفض الاعتراف بغيره على الساحة القومية لمجرد الاختلاف معه في الاهداف الوطنية وليس القومية والتمايز عنه فكريا، ليس الا اداة تعطيل للثورة، وتاخير الحرية، وتخريب تنسيقيات شباب الثورة من خلال احتوائها وانهاء دورها.
فالوحدة الحقيقية التي رايناها هي وحدة وعي شباب الثورة وتجاوزهم لكافة العقبات امام الحرية وبلوغ الوحدة الوطنية من خلال احترام كافة المكونات السورية بما يميزها قوميا ودينيا وطائفيا، وضرورة حماية هذا التنوع السوري في ظل وطن متعدد القوميات والثقافات واللغات، وهم فقط القادرين على تجاوز الخدعة التي يمارسها النظام باستثمار مفاهيم الوحدة والتوحيد والتوحد لزرع وكلائه في صفوف المعارضة وضرب الثورة من داخلها.