دلكش مرعي
أعتقد بأن أحد أسباب حالة التشرذم السياسي التي عانى منه الشعب الكردي في سوريا وعبر عدة عقود كانت تكمن في إبعاد هذا الشعب والعديد من مكوناته عن المشاركة في القرارات المصيرية المهمة التي تتعلق بمستقبل هذا الشعب وقضياه العامة حيث يجد المتابع لهذا الوضع بأنه كان هناك دائما وعلى طول الخط من يتخذ من نفسه ممثلاً لإرادة هذا الشعب هكذا وبالغصب وبدون أن يمتلك أي شرعية أو تفويض من قبل هذا الشعب يخوله لهذا التمثيل فالأحزاب الكردية التي لا تتجاوز عدد منتسبها وعلى أبعد تقدير الخمسة بالمائة من مجموع تعداد الشعب الكردي في سوريا ولكن ومع هذا النسبة المئوية المتدنية فهي ومنذ تأسيسها تعلن للملأ بأنها هي وحدها التي تمثل إرادة هذا الشعب ومن حقها وحدها أن تتحدث بالنيابة عنه وأن تقرر مصيره ووجهته السياسية دون أن يكون لهذا الشعب أي رأي في اتخاذ مثل هذه التمثيل او رأي في النهج السياسي التي تتبناه هذه الأحزاب …
أما البحث عن مبررات هذه الشرعية وهذا السلوك فالحقيقة نحن هنا لا نعلم من أي شرعية تنطلق هذه الأحزاب لتغتصب مثل هذا الحق وتحتكره لنفسها فالكل يعلم بأنه من الناحية الحقوقية لا يجوز ولا يحق لأي حزب أو أي قوة مهما علت شأنها بأن تجعل من نفسها ممثلة لشعبٍ بكامله أو أن تصادر رأيه أو حقوقه دون تصويت أو // عقد اجتماعي // هكذا ودون موافقة الشعب وبالغصب وأقل ما يقال عن هذا التوجه بأنه تشبه إلى حد كبير توجهات حزب البعث ونص مادته الثامنة … وكمثال للتوضيح فأبان التحضير للمؤتمر الوطني الكردي كانت هناك أحزاب لم تكن تتجاوز عدد أعضائها عدد أصابع اليدين ربما أقل أو كثر بقليل قد خصص لها ثمانية مقاعد داخل المؤتمر الوطني الكردي بينما في بعض المناطق التي كان عدد المستقلين فيها يقارب المائة ألف مستقل خصص لهم ثلاثة مقاعد فقط وبالرغم من قلة عدد المقاعد المخصصة لهذا العدد الضخم فمن المؤسف أن نقول بأن هذه المقاعد الثلاثة لم تكن مخصصة للمستقلين بل كانت مخصصة لأنصار هذه الأحزاب أي تم اختيارهم عبر أسلوب قائمة الظل وعبر انتخابات شكلية تشبه إلى حد كبير الأسلوب الذي كان يستخدمه حزب البعث في انتخابات مجلس الشعب والإدارة المحلية هذا الأسلوب الذي كان يلقى استهجانا واستنكاراً من قبل الأحزاب الكردية ذاتها !!!!
ما نود قوله هنا هو أن الكرد هم بحاجة إلى // عقد اجتماعي // يعبر هذا العقد عن طموح ورغبات وأهداف وحقوق هذا الشعب ويعقد بين جميع مكونات وشرائح الشعب الكردي دون تهميش أو إقصاء… وعبر هذا العقد سيتمكن كل شريحة أو مكون اجتماعي أو سياسي أو ثقافي من تقديم ممثلين عنه إلى المجلس الوطني وبشكل عادل ومنصف وعبر هذه الآلية وحدها كان بإمكان هذا المجلس أن يكتسب الصفة الشرعية الحقيقة للشعب الكردي ناهيك بأن هذه العملية كانت ستفعّل سياسياً مجمل مكونات المجتمع الكردي وكان سيرى الجميع بأن المجلس يمثله بشكل شرعي وحقيقي ولكن من المؤسف بأن هذه الأحزاب وعبر ممارستها الخاطئة التي أقصت العديد من الكيانات والشرائح الاجتماعية والسياسة والثقافية كانت تهدف من وراء ذلك على أن تكون هي وأنصارها وحدهم في رئاسة الأمانة العامة لهذا المجلس … وعبر هذا التصرف الخاطئ قد ألحقت أبلغ الضرر بهذه المجلس وبشرعيته .