ارفع الرأس عاليا فنحن في آذار

صلاح بدرالدين

   ما أجمل الاحتفاء بذكرى هبة آذار الكردية الدفاعية السلمية قبل نحو ثمانية أعوام في لحظات الذكرى السنوية الأولى للثورة السورية حيث يلتحم القومي بالوطني ويمتزج الخاص الكردي بالعام الديموقراطي السوري ويبسط آذارنا بجناحيه فوق مساحة الوطن من أقصاه الى أقصاه ليصبح آذار ثوارنا الميامين من درعا الى القامشلي وآذار نصف مجتمعنا ففيه العيد العالمي للمرأة : الأم والأخت والبنت والزوجة والزميلة والرفيقة والثائرة والمبدعة والعالمة كما لآذار الذي يعرف عادة بشهر الكرد علامات بارزة في تاريخنا القديم والحديث بحلوها ومرها فهو يوم قيامتنا عندما رفع فيه كاوا الحداد ولأول مرة شعلة نوروز الخالدة ايذانا بالثورة على أزدهاك ذلك الحاكم المستبد
 وفيه ولد العديد من عظمائنا مثل صلاح الدين الأيوبي ومصطفى البارزاني وفيه ابرمت اتفاقية الحكم الذاتي لكردستان العراق وكذلك مؤامرة صدام – شاه ايران ضد كرد العراق بوساطة بومدين وفيه حصلت كارثة حلبجة التي هزت الوجدان العالمي كما اندلعت فيه انتفاضة شعب كردستان العراق واستشهد فيه كوكبة من شبابنا أيام نورز ولعدة أعوام متتالية في المناطق الكردية بسوريا .

   بعد أربعة أيام من الحدث أي في السادس عشر كتبت : ” هبة قامشلو ومحيطها قد تكون الشرارة الأولى لعملية التغيير الديموقراطي في سوريا ” ولم تنحصر الحركة الاحتجاجية الدفاعية في الجزيرة بل امتدت الى حلب وعفرين وكوباني وزورافا وجامعة دمشق مجسدة شعارات ومطالب كردية – وطنية – ديموقراطية بمشاركة مختلف الشرائح والفئات الاجتماعية وفي طليعتها الشباب وطلاب الجامعات تماما كما هو الحال في ربيع الثورات  فالظلم الواقع على الكرد مصدره نظام الاستبداد وقضية الأكراد جزء من المسألة الديموقراطية تهم كل السوريين ولم تطرح المطالب الكردية الخاصة في يوم من الأيام بمعزل عن التوجهات الوطنية العامة في سبيل الاصلاح والتغيير وتحقيق العدل والمساواة ولولا ضعف الحركة الديموقراطية السورية لكان الظرف مناسبا حينذاك بمشاركة شركائنا من العرب في مختلف المناطق السورية دعما لأشقائهم الكرد في مسعاهم الدفاعي وانتصارا لهم في محنتهم حيث استفرد بهم النظام وأراد توجيه ضربة مؤلمة لمبادىء الصداقة العربية الكردية والشراكة والمصير الواحد والعيش المشترك عندما حاول ضرب الكرد بالعرب بمحاولة تحريض وتسليح بعض العشائر في مناطق الجزيرة والفرات باشراف مباشر من الجلاد الصغير ماهر الأسد وخادم النظام المطيع اللواء محمد منصورة ومجموعة الجنرالات من بينهم (بختيار والمملوك)  اللذين انتقلوا الى القامشلي واجتمعوا في منزل أحد سماسرة النظام المعروفين منذ عقود متزعم أحد الأحزاب الكردية الذي مازال يمارس فعلته ولو بوسائل وطرق أخرى واذا كان الرأي العام الكردي قد أدان سلوك – مجموعة الأحزاب الكردية – (الموزعة الآن بالتمام والكمال بين هيئة التنسيق والمجلسين السوري والكردي) التي تواصلت مع الوفد المخابراتي الزائر وساهمت في اجهاض تلك الهبة الشجاعة كي لاتتحول الى انتفاضة عارمة فبالقدر ذاته استهجنت الجماهير الكردية التي قدمت الضحايا بالعشرات وقاومت أياما متتالية بصدورها العارية مواقف عدد من الأحزاب السورية المحسوبة على المعارضة بتقصيرها في فهم الحدث أولا وتخلفها عن استيعاب تلك الموجة الثورية واحجامها عن التجاوب مع الحراك الناشط التي شهدتها الساحة الكردية بل ذهب البعض من تلك الأطراف الى حدود اعتبار ماحدث كظاهرة شغب تحصل لدى مباريات كرة القدم وتطوع البعض للتوسط بين الضحية والجلاد ولوم الكرد بشكل واضح وبعد كل هذه المدة نسمع للمرة الأولى كلمات استذكارية استهلاكية خالية من أي مضمون من بعض قادة المجلس الوطني السوري بدلا من الاعتراف بخطأ تجاهله خلال هذه الأعوام (كون كل واحد من هؤلاء ينتمي اما الى حزب أو حركة أو تنظيم أو تيار سياسي) وممارسة النقد الذاتي  واعتبار يوم الثاني عشر من آذار مناسبة نضالية كردية يحتفى به ويقر كعيد وطني ويسمى شهداءه بشهداء الثورة السورية بعكس تنسيقيات شباب الثورة السورية التي اقترحت أن تسمى الجمعةالأخيرة جمعة الوفاء لانتفاضة الكرد عام 2004 وهو دليل آخر على اخفاق الأحزاب والتيارات التقليدية بما فيها المجالس والهيئات في الفكر والموقف والممارسة في عموم سوريا وقصورها وتخلفها عن ركب التطور والموجة الثورية التي يقودها الشباب باحتضان جماهيري غير مسبوق .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…