لافروف ناطقاً رسمياً للنظام السوري

عبدالباقي حسيني

يبدو من خلال التحركات الأخيرة للدبلوماسية الروسية إتجاه الأزمة السورية، وكأنها قد عينت وزير خارجيتها سيرغي لافروف وكيلاً للنظام السوري في المحافل الدولية.

وعليه تنحصر مهمته في الدفاع عن نظام بشار الأسد، وترديد رواياته عن “العصابات المسلحة”، ونسيان كل ماجرى ويجري في سورية من قتل وتشريد وتدمير وسجن للمدنيين السوريين على أيدي السلطات السورية.

لا بل وصل الأمر بالروس إلى حد الصفاقة، عندما صرح لافروف، على أن الذي يجري في سورية من أحداث القتل اليومية، لايتحمله بشار الأسد وحده.

وكأن الروس وبعد عام كامل على الثورة السورية، يتهم المتظاهرون على انهم من قتل ودمر وهتك الأعراض، وليسوا عصابة الأسد و شبيحته.
الشيء المقرف في السياسة الروسية حينما تتشدق بالديمقراطية، وما الانتخابات الأخيرة التي شهدتها روسيا و “فوز” بوتين بالرئاسة، أكبر دليل على تشويههم للديمقراطية، فحتى هذه الساعة نرى الآلاف من الروس في ساحات موسكو تعترض على نتيجة الانتخابات، بالإضافة إلى كافة وسائل الإعلام الغربية والتي تتحدث على لسان مراقبيها عن عملية التلاعب بالأصوات، وإن الانتخابات تخللها الكثير من التزوير والغش.

وها هو اليوم لافروف وأمام العرب يقول” إن روسيا تؤيد سعي الشعوب العربية نحو الديمقراطية، والعمل على الإصلاح”.
إلا أن لافروف يتناسى، أن بلاده استخدمت حق النقض ” الفيتو” مرتين أمام محاولات مجلس الأمن في الوقوف بجانب الشعب السوري وتطلعاته في الحرية والديمقراطية.

بناء على ماسبق يمكننا ان ننعت الدبلوماسية الروسية بالكاذبة والمراوغة، فإما انها تعلمت الكذب والنفاق من النظام السوري أو بالعكس هي التي علمته هذا الأسلوب الرخيص في التعامل مع شعبه.


كلام لافروف اليوم، عن أن “روسيا تتمسك بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول”، شيء يثير الاستهزاء والسخرية، وإلا بماذا نفسر كل هذا التدخل الروسي في الأزمة السورية والوقوف بجانب نظام ديكتاتوري، و دعمه بكافة الوسائل العسكرية و السياسية.
أما تصريحه لوزراء الخارجية العرب، بعدم تمويل المعارضة السورية وتسليحها، فهو أيضاً تدخل سافر من الروس للشأن الداخلي السوري، أم ان لافروف لايريد إدخال أي سلاح آخر في سوريا سوى السلاح الروسي.

لافروف يثبت لنا بأنه كذاب كزعيمه بوتين، عندما يقول: ان “روسيا لاتقف إلى جانب أي طرف، أو نظام”.

وعندما يقول أيضاً ” ان المنهج الذي اتبع في مجلس الأمن في القضية السورية كان غير واقعي”.

لا أعرف عن أي منطق وأي واقعية يتحدث لافروف، كلنا يعلم ان 137 دولة في العام اتحدت و ادانت نظام قاتل لشعبه، مقابل روسيا وإحدى عشرة دولة أخرى معروفين بإنظمتها الشمولية، هل هذا هو المنهج غير الواقعي في نظر لافروف و دولته العتيدة؟
النقاط الخمسة التي تم الاتفاق عليها من قبل لافروف والجامعة العربية، كانت في أغلبها لدواعي إنسانية، وليس اتفاقا سياسياً لحل الأزمة السورية بكل تداعياتها، وهنا أؤكد ان لافروف كان ناطقا جيدا للنظام السوري، عندما أقنع جميع العرب على ان سورية تمر بحالة إنسانية صعبة، وان الناس همهم الأول والأخير الحصول على المساعدات الإنسانية.

وكأن الضريبة التي دفعها الشعب السوري خلال عام كامل من القتل والتشريد و السجون كانت لدواعي إنسانية و مساعدات، اما مطاليبه في إسقاط النظام وتغييره، فذهبت ادراج الرياح.

الشيء غير المفهوم في الموقف العربي والسكوت عن حق الشعب السوري وتطلعاته في التخلص من نظامه الدموي، أمام لافروف الروسي، أمر في غاية الاستغراب.
إن تطرق لافروف إلى الوضع الفلسطيني، كان يذكرنا بأحاديث التلفاز السوري، عندما يشتد الأمر على النظام، يهرب إلى القضية الفلسطينية، لكي يتخلص من أزماته.

لافروف كان في الاجتماع مع وزراء العرب لأجل الأزمة السورية وليس لكي يبيع وطنيات للعرب، كما فعلها و يفعلها نظام بشار الأسد في كل مناسبة.
أما إتهاماته للسلطات الليبية على انهم يهربون السلاح للمعارضة السورية ويقومون بتدريب عناصر ها، فهذا الكلام يتردد كثيراً في الإعلام السوري، وهل ل لافروف ودولته أي دليل على هذا؟، على الأقل لم نسمع في الأشهر الأخيرة عن جثة أي ليبي أو أجنبي بين شهداء سورية.
ملخص هذا الاجتماع، كان تهرب الجميع من المشكلة الأساسية وهي المطالب الرئيسية للثورة السورية، والتي تتلخص في إسقاط نظام بشار الأسد ومحاكمة رموزه في المحاكم الدولية على ما إقترفته هذا النظام من جرائم ضد الشعب السوري، ومن بعدها الانتقال بالبلاد إلى دولة ديمقراطية تحقق العدالة والمساواة لكل فئات الشعب.
ركز المجتمعون على المساعدات الإنسانية وبالتالي الحوار بين النظام والمعارضة، وهنا كمن يريد الحوار بين الجلاد والضحية، هل يجوز الحوار بين الشعب (الضحية) والنظام (الجلاد)، عن أي حوار يتحدثون؟ هل فكر لافروف وجميع وزراء العرب، من سيعوض الشعب السوري عشرة آلاف ضحية، و ماهو مصير الآلاف من المعتقلين، وماهو مستقبل مئات الآلاف من المتشردين، هذا عدا عن الأضرار الذي لحق بالناس جراء تخريب ممتلكاتهم ونهب أموالهم وهتك اعراضهم!
إن كل هذه الاجتماعات والتحركات السياسية من قبل المجتمع الدولي والدول العربية والإسلامية لا ولن تحل الأزمة القائمة في سورية، كون أغلب الدول تتبع مصالحها على حساب سوريا ودم شعبها، وهي تبتعد عن لب المشكلة وتتهرب من المستحقات الرئيسية وتلتفت إلى الأمور الثانوية.

الكل يعرف اين تكمن المشكلة، وكيف سيكون الحل، لكن الجميع لايريد قول الحقيقة والتقرب من المجرم بشار الأسد ونظامه.
الشعب السوري أدرك ان كل هذه المؤتمرات والاجتماعات والمواقف التي تصدر هنا وهناك، لن تفيد قضية الشعب السوري بشيء، بل على العكس إنها تمد في عمر النظام، الذي يرى في هذه المواقف الهزيلة فرصة لقتل المزيد من المعارضين وإخماد جذوة الثورة، لهذا بات الشعب السوري أقرب إلى المثل العربي القائل؛ “لايحك جلدك الا ظفرك”، لذلك سيعتمد الشعب على الله وعلى إرادته العظيمة في الوصول إلى أهدافه، وذلك بدعم الجيش الحر، و العمل بكل الوسائل المتاحة لإنهاك نظام بشار الأسد وإسقاطه، فالتعويل على الدول الكبرى وانتظار الفرج منها، لتخلصها من هذا النظام الجائر، سوف يأخذ سنين طويلة ولن يزيد الشعب السوري سوى القهر والكثير من الدم.
أوسلو 11.03.2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…