قبيل انعقاد الجلسة الثانية للمؤتمر الوطني الكوردي في سوريا

  بقلم: م.رشيد – 25/02/2012

من أساسيات وضروريات النضال الفاعل والمنتج  لتأمين الحقوق القومية والوطنية والديمقراطية للشعب الكوردي في سوريا، هي إيجاد إطار عام وشامل للحركة الكوردية بكل قواها (الأحزاب الكوردية، الفعاليات المستقلة الاجتماعية والثقافية..، وتنسيقيات الشباب)، ولتكوين هذا الإجماع وانجاحه لابد من إزالة الخصومات الشخصية والحزبية، وتجاوز الاعتبارات والحسابات الذاتية، وحل الاصطفافات التصارعية واستبدالها بالتصالح والتسامح والتوافق والإرادة في العمل المشترك في أجواء تسودها الثقة والمصداقية والجدية والإخلاص…، انطلاقاً من ثوابت القضية الكوردية وضوابطها وأهدافها.
    وفي ظل رياح التغيير التي هبت على منطقتنا وبلدنا، والتي ولدت ظروفاً وشروطاً جديدة للحراك بكافة أشكاله، وفرضت قواعدًا وأنماطاً مختلفة تستدعي التطوروالإصلاح والتجدد لمواكبة الأحداث والأوضاع المتغيرة بتسارع كبير، والاستعداد لمواجهة جميع  الاحتمالات والتوقعات والمفاجآت…

    استبشرنا خيراً بأن مكونات الحركة الكوردية تلقت الرسالة وفهمت مغزاها، انطلاقاً من مصلحتها الحزبية أولاً ومصلحة القضية العامة ثانياً عندما لبت نداء الهيئة المستقلة للحوار الكوردي- الكوردي لعقد مؤتمر وطني كوردي لأجل تأسيس مركز قرار كوردي جامع، وانعقد المؤتمر بعد مساعٍ طويلة شريفة وجهود مضنية صادقة، وبذلك انتصرت إرادة الحق والخير والعمل وأعتبر إنجازاً كبيراًومميزاً في تاريخ الحركة الكوردية (بالرغم من حدوث أخطاء وتجاوزات ونواقص ) في ضوء الظروف الموضوعية والامكانات الواقعية المتوفرة، وبخاصة في خضم المرحلة المفصلية-الانتقالية الراهنة، والتي تؤسس لمرحلة جديدة في أنظمتها وقوانينها وإدارتها..

ليتمكن الكورد من احتلال موقعهم المناسب والسليم والموافق لوجودهم وثقلهم (شعباً وأرضاً) كشريك أساسي وأصيل وفعال على الساحة الوطنية..
    التزم العديد من الأوفياء والوطنيين الشرفاء الصمت حرصاً على وحدة الصف الكوردي وحفاظاً على المؤتمر الوطني الكوردي كعنوان موحد وممثل شرعي للشعب الكوردي، إزاء ما يحصل من خروقات وهفوات وارتباكات منذ الإعداد والتحضير للمؤتمر وأثناء انعقاده واختتام أعماله وما بعده، كانوا متأملين من القائمين والمتنفذين في اللجنة التحضيرية وإدارة المؤتمر وهيئته التنفيذية بتداركها وتصحيحها،وللأسف دون جدوى، فقد سيطر البطء والتفرد والتلكؤ والضعف في الأداء والتفعيل  لمقررات المؤتمر وتنفيذها، وأثرت فيهما سلوك البعض غير المتزن ورغباتهم غير المشروعة ومؤهلاتهم المتواضعة..

حتى طفت على السطح مع غيرها من المواضيع وأصبحت معلنة للقاصي والداني،استصعب اخفاؤها أو تأجيلها او السكوت عنها، مما أصبحت موضع استياء واستفهام واستهجان من قبل الجماهير الكوردية، تطلبت عقد جلسة استثنائية للمؤتمر في أقرب وقت ممكن لبحث تلك الأمور وتقويمها وتصحيحها،تجسدت ذلك بجلاء في دعوة العديد من المستقلين عبر قائمة من التواقيع، وبعد أن استجدت أمور أخرى محلياً ووطنياً ودولياً وتفاقمت الأحداث والأوضاع سرّعت بدورها الاقرار بعقدها من قبل الهيئة التنفيذية مؤخراً.
    ونحن على أعتاب الجلسة المزمع عقدها نشير إلى عدة أمور غير مستحبة حصلت خارج نطاق الموضوعية والواقعية وخارج سياق التجربة الجديدة والتراكمات الكبيرة والعقد الكثيرة والخلافات المزمنة والمهام الصعبة والأحداث المتسارعة..

بل كانت معظمها مفتعلة عن سابق اصرار وتصميم من قبل بعض الأطراف، لدفع المؤتمر نحو منحى محدد وتوجه معين في ظل المتغيرات المتلاحقة والمستجدات الجارية، بالرغم من وجود خطوط عريضة وعامة وشاملة للسياسات والمهام والتوجهات ..وعلى كافة الأصعدة.
    إن كل مهتم ومتابع لأعمال المؤتمر وفعالياته من المقدمات ثم المجريات إلى النتائج … يلاحظ الأخطاء والعثرات التي حصلت، نذكر أبرزها:
·  حدوث ارتباك واضطراب في إدارة جلسات المؤتمر ومناقشة جدول أعماله السياسية والتنظيمية، وتعرض مقرارته وتوصياته إلى تعديلات قسرية وتحويرات كيفية واجتهادات شخصية في تعريفها وتحليلها،وذلك بفعل الصراعات الحزبية والحسابات الشخصية والاعتبارات الكوردستانية والمحلية ..، والتي أدت إلى افتقار تلك المقررات إلى القوة والوضوح.


· سعي البعض لإيصال أكبر عدد من المحسوبين عليهم والمؤيدين والمؤازرين لهم من المستقلين والشباب إلى الهيئة التنفيذية لضمان غالبيتهم وسيطرتهم، دون النظر إلى النوعية والأهلية والإمكانية المتوافرة فيهم، مما خلقت خمولاً وضعفاً في القسم المستقل من الهيئة التنفيذية والذي أثر بدوره سلباً على القسم الحزبي أيضاً و أداء الهيئة بشكل عام.
·  عقد بعض الأطراف صفقات (من خلف الكواليس) غير مشروعة لإبعاد أو تثبيت أشخاص أو مواقف من بعض القضايا والمواقع، متجاوزين الأصول والأعراف والتوقعات.
· تجاوز الهيئة التنفيذية على صلاحيات المجلس التشريعية في اتخاذ قرارات وإجراءات مثل تشكيل الأمانة العامة وتسمية الوفود.
· قطع الاتصال والتواصل مع جميع أعضاء المؤتمر الوطني (المستقلين بصورة خاصة) عدا بعض أعضاء الهيئة التنفيذية منذ عقد المؤتمر وحتى تاريخ إنشاء المجالس المحلية، مما أعتبر تجميداً أوإهمالاً أوتعطيلاً للطاقات والخبرات المفترض استثمارها في هذه المرحلة الحرجة .
·  عدم التزام الهيئة التنفيذية ببعض مقررات المؤتمر بما يخص ضم باقي القوى والأحزاب والتنسيقيات إلى المؤتمر واتبعت معها سياسة التماطل والتهميش والرفض تارة، والتشتيت والاضعاف والاحتواء تارة أخرى.
·       وبناء على ما سبق نقترح ما يلي :
1-  ضرورة تحضير وثيقة سياسية ونظام داخلي وبرنامج عمل وهيكلية (كمشروع متكامل وتصور واضح غير قابل للتأويل والتحريف) للمؤتمر والمجلس والهيئة التنفيذية واللجان المنبثقة، واقرارها بعد دراستها ومناقشتها لاكتساب الشرعية والصلاحية.
2-  انتخاب مجلس وطني من المؤتمرين بحيث لا يتجاوز عدد أعضائه نسبة 20% عدد المؤتمرين مناصفة بين الحزبيين والمستقلين، وتقليص عدد أعضاء الهيئة التنفيذية إلى ثلث عدد أعضاء المجلس المنتخب، وانتخاب مكتب لرئاسة المجلس وآخر للهيئة التنفيذية.
3-  التأكيد على نوعية المستقلين من النخب والكوادر والفعاليات الثقافية والاجتماعية والحقوقية ..

في الهيئة التنفيذية مع أخذ الأهلية السياسية والادارية والثقافية بعين الاعتبار في المقام الأول ثم التوزع الجغرافي والتخصصي.
4- تخفيض عدد ممثلي التنسيقيات الشبابية في الهيئة التنفيذية بعد توحيد صفوفهم في اطار (خاص) وانتخاب ممثليهم (وكذلك لباقي الفعاليات الاجتماعية والمهنية…) ،لأن التنسيقيات هي القوى العاملة والفاعلة ميدانياً تفتقر معظمها إلى الخبرة والقدرة في النواحي الادارية والسياسية والتنظيمية والبرامجية..
5- تحديد نسبة الحزبيين والمستقلين والشباب والمرأة في المجلس والهيئة التنفيذية من المؤتمر وانتخابهم بالاقتراع  المباشر من قبل جميع الأعضاء دون استثناء(حزبيين ومستقلين) وليس كما جرى في الجلسة الأولى حيث تم التقسيم  بشكل نسبي ومناطقي ، أوانتقائهم بشكل توافقي وفق أسس ومعايير موضوعة كما حصل في بدايات تأسيس المجلس الوطني الفلسطيني.


6-  إعادة النظر في ترشيح المستقلين من الهيئة التنفيذية الحالية لإتاحة الفرصة أمام غيرهم من النوعيات والإمكانات بسبب بيان عدم جدارة بعضهم في التمثيل والأداء، وعدم استقلالية بعضهم الآخر، حيث تبين أنهم أعضاء منظمين في الأحزاب أو أعضاء في مجالس استشارية وهيئات اختصاصية (اجتماعية وثقافية وأعلامية..) تتبعها،إضافة إلى ممارسات وسلوكيات غير مقبولة وخاصة من النواحي المالية.
7-  التأكيد على مأسسة المؤتمر الوطني الكوردي ودمقرطة الآليات والأساليب..

وتشكيل لجان ومكاتب تخصصية من شأنها التخطيط والتنسيق والاشراف..

بصورة مركزية وأخرى مناطقية لتنظيم وتوحيد الصفوف والجهود،مهمتها التطوير والتحديث لمواكبة المستجدات والمتغيرات.

8- التأكيد على استقلالية القرار الكوردي في سوريا،وخصوصيته الوطنية والقومية، والانطلاق منها في رسم البرامج والقرارات، مع احترام التحالفات والتفاهمات الثنائية مع القوى الفاعلة على الساحة الكوردستانية، والاستعانة والاستفادة من خبراتها وامكاناتها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…