دلور ميقري
المجلس الوطني الكردي:
قالوا لجحا، يوماً: “يا هذا، الدعارة استفحلت في حيّكَ”.
فأجابهم دونما مبالاة: “عليّ بحارتي”.
بعدها ببضعة أيام، هتفوا به مجدداً: “ولكنها وصلتْ لحارتك..؟”
المجلس الوطني الكردي:
قالوا لجحا، يوماً: “يا هذا، الدعارة استفحلت في حيّكَ”.
فأجابهم دونما مبالاة: “عليّ بحارتي”.
بعدها ببضعة أيام، هتفوا به مجدداً: “ولكنها وصلتْ لحارتك..؟”
“عليّ بمنزلي”، ردّ عليهم باستهتار.
ثمّ مضت الأيام، وعاد هؤلاء إلى جحا لكي يحذرونه بأنّ ذلك الفعل الشائن وصلَ لبيته.
فما كان منه، مرتجفاً، إلا إجابتهم بالقول: “عليّ بمؤخرتي”.
ثمّ مضت الأيام، وعاد هؤلاء إلى جحا لكي يحذرونه بأنّ ذلك الفعل الشائن وصلَ لبيته.
فما كان منه، مرتجفاً، إلا إجابتهم بالقول: “عليّ بمؤخرتي”.
المجلس الوطني السوري:
يقالُ أنّ رجالاً ثلاثة، من مملكة كذا، توجّهوا إلى باطن الجبل لكي يبحثوا عن كنز.
عامٌ كامل، مضى إذن، قبلَ أن يهتدوا إلى بغيتهم.
حينما اكتشفوا الكنز، بدا لهم من الوفرة حتى أنّ شعوراً بجوع ضار، داهم، اجتاحهم على حين فجأة.
فقام كلّ منهم للمساهمة بإعداد الغداء.
أحدهم، توجّه للبحث عن بعض الأغصان الجافة لتستعملَ كحطب.
حينما بقي رفيقاه لوحدهما، ما كان من أحدهما إلا الإعرابَ عن حكمة مفادها أنّ قسمَة الكنز على اثنين هيَ عملية مربحة ولا ريب.
فما أن عادَ رفيقهما، الغائب، حتى أنطرحَ مع حطبه على الأرض إثرَ طعنة خنجر، قاتلة.
ويبدو أنّ صاحبَ الاقتراح، الحكيم، قد فكّرَ من ثمّ بقسمةٍ أكثرَ نفعاً: بادرَ إلى سحب الخنجر نفسه، لينهال به طعناً في جسد صاحبه الآخر، المشغول بالأكل.
” الآن، أستطيع القولَ بأنّ قسمَة عادلة قد تحققت “، قالها الحكيمُ وهوَ مسترخ بكسل إثرَ تناوله الغداء.
هنيهة، على الأثر، وإذا بوَجع هائل يتسللُ رويداً إلى بدن الرّجل، متبوعاً بالغثيان.
عندئذٍ، أدركَ بأنّ الطعامَ هوَ سببُ بلائه: ” ويلي، لقد دسّ رفيقي السمّ في صحني، كي يستأثرَ بالكنز لوحده “، تمتمَ المحتضرُ بأسى فيما كان يتطلع إلى جهة الجثتين، الغارقتين بالدّم.
أما الكنز، فلم يُمسّ أبداً.
الشيطان يَعِظ:
الحق أقول لكم، أنّ بيتاً سبق للقائد أن أقام فيه بدمشق، جديرٌ أن يُضحى من أجله بأرواح ثلاثة شبان من مدينة القامشلي.
وليسَ أكثر جدارة من ذلك، سوى التضحية بثلاثة ملايين كردي سوري من أجل أن تصبح جزيرة سياحية، في بحر مرمرة، مكاناً لاستجمام القائد.
بابا عمرو:
حينما تناهى للأب القائد، أنّ السوريين أضحى لهم والداً آخر، استشاط غضباً واستدعى من فوره أمراءَ الجند: ” من هوَ هذا المدعو، ” بابا عمرو “؛ الذي سرق مني محبّة الرعية وولاءها لسلالتي الحاكمة ؟ “.
الزعيم:
سخرَ فناننا المصري، الكبير، من الطاغية القذافي في مسرحيته الشهيرة؛ ” الزعيم “.
إلا أنه، فيما بعد، لم يرَ من حرج في تشجيع الصحافة المحلية على مخاطبته، هوَ بنفسه، بلقب ” الزعيم “.
ولأنّ الزعماء من المفترَض أن يتضامنوا مع بعضهم، فما أن هلّ الربيع العربي حتى صارَ صاحبنا، الفنان الكذا، يتحسّر على مصائر حسني ومعمّر وبشار.
عام على الثورة:
في عامها الأول، فإنّ الطفلة، “سورية”، تلقت الكثير من الهدايا: صواريخ وقذائف وطلقات متفجرة وحراب، من قبل “الأب القائد”؛ كلمات مواساة ومشاعر مرهفة ودموع سخية، من لدن “أصدقاء سورية”.
أما مكان الاحتفال، الحزين، فكان صالة أفراح اسمها “حمص”، تتوسطها تورتة من هياكل بشرية على شكل برج الساعة.
كل ثورة وإسرائيل بخير:
حينما أوردت الصحافة التركية، ومن بعدها الخليجية، خبراً عن استخدام الجيش السوري لطائرات استطلاع إسرائيلية بدون طيار، فإنّ إعلام النظام السوري ردّ عليهم بخبر آخر؛ وهوَ العثور على طائرة من نفس النوع والجنسية في حيّ ” بابا عمرو “، الحمصي، يستعملها الجيش الحرّ في اجتياح البلد.
وعندما صرّحت إحداهنّ، بصفتها عضواً قيادياً بالمجلس الوطني المعارض، عن حرصها على أمن إسرائيل وسلامة قلبها، فإنّ أحدهم، بصفته مستبعداً من عضوية المجلس نفسه، راحَ يُزايد عليها بالوطنيات؛ قائلاً أن المشكلة ليست في مضمون تصريحها، بل في نفيها له لاحقا.
الملاك الأسود:
إثرَ حضور الفريق مصطفى الدابي، رئيس بعثة المراقبين العرب، انتقلت أعداد القتلى السوريين، اليومية، من العشرات إلى المئات.
الآن، مع وصول كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، إلى سورية بصفته مبعوثاً دولياً؛ فإنّ فئة المائة، من عملة القتل اليومية، ربما تتحوّل إلى الألف.
المملكة العربية الأسدية:
بما أنّ بشار الجعفري، ما غيره، قد ضمن لنفسه دوراً مميزاً في المسلسل الأبدي، ” باب الحارة “، فلا غرو أن يتابع التمرّن على التمثيل في أروقة الأمم المتحدة ومجلسها الأمني ومخابراتها الجوية والعسكرية.
لقد استعارَ من زميله في التشبيح، تيم حسن، نبرة الشاعر المغدور نزار قباني؛ عندما صارَ يرجّف صوته في مجلس الأمن، وعلى مرأى من العالم كله، متأس ٍ على حال العرب العاربة والمستعربة.
ثمّ ما لبث أن هرولَ إلى مقر الأمم المتحدة، لكي يردّ على المندوب السعوديّ بلهجة أخرى، مُجارياً فيها هذه المرّة لهجة سميّه، طيّب الذكر، الممثل بشار إسماعيل.
“على الأمم المتحدة أن ترسل قوات حفظ سلام، عربية ودولية، إلى السعودية لحماية مواطنيها في منطقة القطيف”، قالَ الجعفري بنبرة متهكمة.
ثمّ أضافَ متسائلاً بخفة، وهوَ يجول ببصره بين الحضور: ” هل ثمة دولة تدّعي الحرص على الحرية والديمقراطية، بينما هيَ تسمّي نفسها “المملكة العربية السعودية”، تيمناً باسم سلالتها الحاكمة ؟”.
ثمّ اختتمَ دورَهُ بالتأكيد، على أنّ بلاده اسمها “الجمهورية العربية السورية”.
بعيداً عن التمثيل وشجونه، علينا تذكير الجعفري بحقيقة ربما غابت عن ذاكرته؛ وهيَ أنّ “التبشير” بإعادة مجد السلالة الفاطمية، قد تمّ في زمن يسبق الثورة السورية الحالية بعدة أعوام: إذ تمّ تشجيع المقبور، العقيد القذافي، على تبني هذه الفكرة مدخلين في روعه أنها طريقة مجدية لإسكات شيعة لبنان، المطالبين برأسه على ذمّة قضية اختفاء الإمام موسى الصّدر.
وفي السياق نفسه، كانت محاولات ترسيخ فكرة السلالة الفاطمية بنسختها “الأسدية”، من خلال فكرة التوريث؛ التي حوّلت النظام الجمهوريّ في سورية إلى أشبه بنظام ملكيّ.
وما إتخام اليوتوب بأفلام تصوّر موهبة ” الحافظ الثاني ” بالخطابة والفصاحة والقيادة ـ كذا ـ سوى من تجليات مبدأ التوريث ذاته.
ومن مهازل المقدور، أنّ معارضاً معروفاً اسمه نزار نيّوف، كان قد كتبَ مقالاتٍ عن مجد الأسرة الفاطمية، في الفترة التي سبقت اشتعال ثورات الربيع العربي.
يقالُ أنّ رجالاً ثلاثة، من مملكة كذا، توجّهوا إلى باطن الجبل لكي يبحثوا عن كنز.
عامٌ كامل، مضى إذن، قبلَ أن يهتدوا إلى بغيتهم.
حينما اكتشفوا الكنز، بدا لهم من الوفرة حتى أنّ شعوراً بجوع ضار، داهم، اجتاحهم على حين فجأة.
فقام كلّ منهم للمساهمة بإعداد الغداء.
أحدهم، توجّه للبحث عن بعض الأغصان الجافة لتستعملَ كحطب.
حينما بقي رفيقاه لوحدهما، ما كان من أحدهما إلا الإعرابَ عن حكمة مفادها أنّ قسمَة الكنز على اثنين هيَ عملية مربحة ولا ريب.
فما أن عادَ رفيقهما، الغائب، حتى أنطرحَ مع حطبه على الأرض إثرَ طعنة خنجر، قاتلة.
ويبدو أنّ صاحبَ الاقتراح، الحكيم، قد فكّرَ من ثمّ بقسمةٍ أكثرَ نفعاً: بادرَ إلى سحب الخنجر نفسه، لينهال به طعناً في جسد صاحبه الآخر، المشغول بالأكل.
” الآن، أستطيع القولَ بأنّ قسمَة عادلة قد تحققت “، قالها الحكيمُ وهوَ مسترخ بكسل إثرَ تناوله الغداء.
هنيهة، على الأثر، وإذا بوَجع هائل يتسللُ رويداً إلى بدن الرّجل، متبوعاً بالغثيان.
عندئذٍ، أدركَ بأنّ الطعامَ هوَ سببُ بلائه: ” ويلي، لقد دسّ رفيقي السمّ في صحني، كي يستأثرَ بالكنز لوحده “، تمتمَ المحتضرُ بأسى فيما كان يتطلع إلى جهة الجثتين، الغارقتين بالدّم.
أما الكنز، فلم يُمسّ أبداً.
الشيطان يَعِظ:
الحق أقول لكم، أنّ بيتاً سبق للقائد أن أقام فيه بدمشق، جديرٌ أن يُضحى من أجله بأرواح ثلاثة شبان من مدينة القامشلي.
وليسَ أكثر جدارة من ذلك، سوى التضحية بثلاثة ملايين كردي سوري من أجل أن تصبح جزيرة سياحية، في بحر مرمرة، مكاناً لاستجمام القائد.
بابا عمرو:
حينما تناهى للأب القائد، أنّ السوريين أضحى لهم والداً آخر، استشاط غضباً واستدعى من فوره أمراءَ الجند: ” من هوَ هذا المدعو، ” بابا عمرو “؛ الذي سرق مني محبّة الرعية وولاءها لسلالتي الحاكمة ؟ “.
الزعيم:
سخرَ فناننا المصري، الكبير، من الطاغية القذافي في مسرحيته الشهيرة؛ ” الزعيم “.
إلا أنه، فيما بعد، لم يرَ من حرج في تشجيع الصحافة المحلية على مخاطبته، هوَ بنفسه، بلقب ” الزعيم “.
ولأنّ الزعماء من المفترَض أن يتضامنوا مع بعضهم، فما أن هلّ الربيع العربي حتى صارَ صاحبنا، الفنان الكذا، يتحسّر على مصائر حسني ومعمّر وبشار.
عام على الثورة:
في عامها الأول، فإنّ الطفلة، “سورية”، تلقت الكثير من الهدايا: صواريخ وقذائف وطلقات متفجرة وحراب، من قبل “الأب القائد”؛ كلمات مواساة ومشاعر مرهفة ودموع سخية، من لدن “أصدقاء سورية”.
أما مكان الاحتفال، الحزين، فكان صالة أفراح اسمها “حمص”، تتوسطها تورتة من هياكل بشرية على شكل برج الساعة.
كل ثورة وإسرائيل بخير:
حينما أوردت الصحافة التركية، ومن بعدها الخليجية، خبراً عن استخدام الجيش السوري لطائرات استطلاع إسرائيلية بدون طيار، فإنّ إعلام النظام السوري ردّ عليهم بخبر آخر؛ وهوَ العثور على طائرة من نفس النوع والجنسية في حيّ ” بابا عمرو “، الحمصي، يستعملها الجيش الحرّ في اجتياح البلد.
وعندما صرّحت إحداهنّ، بصفتها عضواً قيادياً بالمجلس الوطني المعارض، عن حرصها على أمن إسرائيل وسلامة قلبها، فإنّ أحدهم، بصفته مستبعداً من عضوية المجلس نفسه، راحَ يُزايد عليها بالوطنيات؛ قائلاً أن المشكلة ليست في مضمون تصريحها، بل في نفيها له لاحقا.
الملاك الأسود:
إثرَ حضور الفريق مصطفى الدابي، رئيس بعثة المراقبين العرب، انتقلت أعداد القتلى السوريين، اليومية، من العشرات إلى المئات.
الآن، مع وصول كوفي عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، إلى سورية بصفته مبعوثاً دولياً؛ فإنّ فئة المائة، من عملة القتل اليومية، ربما تتحوّل إلى الألف.
المملكة العربية الأسدية:
بما أنّ بشار الجعفري، ما غيره، قد ضمن لنفسه دوراً مميزاً في المسلسل الأبدي، ” باب الحارة “، فلا غرو أن يتابع التمرّن على التمثيل في أروقة الأمم المتحدة ومجلسها الأمني ومخابراتها الجوية والعسكرية.
لقد استعارَ من زميله في التشبيح، تيم حسن، نبرة الشاعر المغدور نزار قباني؛ عندما صارَ يرجّف صوته في مجلس الأمن، وعلى مرأى من العالم كله، متأس ٍ على حال العرب العاربة والمستعربة.
ثمّ ما لبث أن هرولَ إلى مقر الأمم المتحدة، لكي يردّ على المندوب السعوديّ بلهجة أخرى، مُجارياً فيها هذه المرّة لهجة سميّه، طيّب الذكر، الممثل بشار إسماعيل.
“على الأمم المتحدة أن ترسل قوات حفظ سلام، عربية ودولية، إلى السعودية لحماية مواطنيها في منطقة القطيف”، قالَ الجعفري بنبرة متهكمة.
ثمّ أضافَ متسائلاً بخفة، وهوَ يجول ببصره بين الحضور: ” هل ثمة دولة تدّعي الحرص على الحرية والديمقراطية، بينما هيَ تسمّي نفسها “المملكة العربية السعودية”، تيمناً باسم سلالتها الحاكمة ؟”.
ثمّ اختتمَ دورَهُ بالتأكيد، على أنّ بلاده اسمها “الجمهورية العربية السورية”.
بعيداً عن التمثيل وشجونه، علينا تذكير الجعفري بحقيقة ربما غابت عن ذاكرته؛ وهيَ أنّ “التبشير” بإعادة مجد السلالة الفاطمية، قد تمّ في زمن يسبق الثورة السورية الحالية بعدة أعوام: إذ تمّ تشجيع المقبور، العقيد القذافي، على تبني هذه الفكرة مدخلين في روعه أنها طريقة مجدية لإسكات شيعة لبنان، المطالبين برأسه على ذمّة قضية اختفاء الإمام موسى الصّدر.
وفي السياق نفسه، كانت محاولات ترسيخ فكرة السلالة الفاطمية بنسختها “الأسدية”، من خلال فكرة التوريث؛ التي حوّلت النظام الجمهوريّ في سورية إلى أشبه بنظام ملكيّ.
وما إتخام اليوتوب بأفلام تصوّر موهبة ” الحافظ الثاني ” بالخطابة والفصاحة والقيادة ـ كذا ـ سوى من تجليات مبدأ التوريث ذاته.
ومن مهازل المقدور، أنّ معارضاً معروفاً اسمه نزار نيّوف، كان قد كتبَ مقالاتٍ عن مجد الأسرة الفاطمية، في الفترة التي سبقت اشتعال ثورات الربيع العربي.
بغض الطرف عن طريقة التعامل مع المواطنين، يبقى ثمة فرق آخر بين المملكة العربية السعودية وشقيقتها، اللدودة، المملكة العربية الأسدية: فهذه الأخيرة، واعتماداً على ذاك الموروث، المَوْسوم، أخذت تتبنى مفهوم ” تأليه الحاكم ” بصورة واسعة، هستيرية ومدروسة في آن.
هذا، جنباً لجنب مع تدفق مراسيم الإصلاحات ودماء السوريين.
هذا، جنباً لجنب مع تدفق مراسيم الإصلاحات ودماء السوريين.