وحدة الصف الكوردي شرط لازم و لكنه غير كاف!!!

لازكين ديروني

إن وحدة الصف الكوردي في غربي كوردستان هو أمر ضروري و ملح خاصة في هذه المرحلة التاريخية و المصيرية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام و سوريا بشكل خاص, وما ستحصل فيها من تغييرات جذرية في الحياة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية , التي لم نشهدها ولم نتعود عليها منذ عدة عقود .

و الشعب الكوردي في سوريا معني بهذه التغييرات أكثر من غيره لأنه يعاني مرارة الظلم و الاضطهاد القومي و الحرمان من الحقوق و إنكار وجوده كشعب, و عدم الاعتراف بهويته القومية, ناهيك عن المشاريع العنصرية و الشوفينية المطبقة بحقه في ظل نظام استبدادي و قمعي منذ عقود.
إن حالة الانقسام و التشرذم غير المبررة التي كانت تعاني منها الحركة الكوردية في سوريا جعلتها ضعيفة و غير قادرة على تحقيق ابسط أهدافها حتى الآن و كانت السبب في ضعف شعبيتها و مصداقيتها بين الجماهير.

أما اليوم فقد خطت الحركة الكوردية في سوريا خطوات هامة يشهد لها و ذلك بتشكيل المجلس الوطني الكوردي و الذي يضم أكثر من نصف الأحزاب الكوردية بعدما سمعنا دخول أربعة أحزاب أخرى إليه , و مجلس شعب غربي كوردستان و اتحاد تنسيقيات شباب الكورد و غيرهم من التجمعات و التنظيمات .
إذا الانتقال من الحالة الحزبية إلى حالة التجمعات أمر في غاية الأهمية, ولكن الأهم من ذلك هو إن تكون تلك المجالس و التجمعات هدف و ليست غاية , فما فائدة الوحدة بدون قرارات صائبة , و القرارات تحتاج إلى إرادة و الإرادة تخلق قوة ,القوة التي تغير المعادلات السياسية و تحقق الأهداف.
إن مطالب و حقوق الشعب الكوردي في سوريا معروفة كونه شعب يعيش على أرضه التاريخية و لا يحتاج إلى تأويل, و لم يحصل عليها حتى هذه اللحظة , و الدستور الجديد لسوريا لم يتضمن أيا من هذه الحقوق, و هذه رسالة واضحة للبعض اللذين يتأملون الحوار مع النظام و يدعون إلى تغيير بنيته الاستبدادية.

أما من يطالب بحق تقرير المصير أو الفدرالية أو الإدارة الذاتية فيجب عليه أن يمتلك الوسائل و الإمكانيات التي تجعل منه قوة حقيقية على الأرض يستطيع من خلالها تحقيق هذه المطالب و الدفاع عنها و إلا ستبقى مجرد شعارات و بيانات نرددها فقط في المناسبات و المحافل مثل مسألة الإحصاء التي طالبنا بها أكثر من أربعين سنة رغم بساطتها لم نستطع تحقيقها و انتزاعها بقوتنا.


إذا من يدعي بأنه يمثل الشعب الكوردي في سوريا و يضع نفسه في موقع المسؤولية سواء كان مجلسا أو تجمعا أو حزبا أو تنسيقية أو تنظيما أو هيئة أو حتى شخصية مستقلة يجب أن يكون على قدر تلك المسؤولية التاريخية تجاه شعبه و وطنه و لا مبررات من بعد اليوم, فمصير هذا الشعب و حقوقه في أعناقكم و مطلوب منكم قبل غيركم من الشعب السوري, و مطلوب منكم إن كنتم قادة فعلا و تتمتعون بصفات القيادة: الحكمة و العقلانية و الواقعية و القرار المصيري و لا تدعو الفرصة تفوتكم و إلا فخيانة تاريخية.
Lazgin60@gmail.com

3/3/2012 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مصطفى منيغ / تطوان تأجيل المُنتُظر لا يجُوز، ومِن المُنتَظر التأجيل بالواقع ممزوج، بالتمعن في الجملتين نصل لمدخل معرفة دول تائهة كتلك البلهاء لا تفكر إلا أن يحتَلَّها زوج وإن قارب أعمال يأجوج ومأجوج ، و تلك العالمة لما تقدِّمُه من معقول لكل مَخْرَج لها معه نِعْمَ مَخْرُوج ، المكشوفة رغم تستُّرها وراء سَدٍّ يقِي وجودها دون تقدير إن تردَّ…

د. محمود عباس   يعوّل الشعب الكوردي على المؤتمر الوطني الكوردي في غربي كوردستان بوصفه لحظة مفصلية، لا لمجرد جمع الفاعلين الكورد في قاعة واحدة، بل لتأسيس إرادة سياسية حقيقية تمثّل صوت الأمة الكوردية وتعبّر عن تطلعاتها، لا كفصيل بين فصائل، بل كشعبٍ أصيلٍ في جغرافيا ما تزال حتى اللحظة تُدار من فوق، وتُختزل في الولاءات لا في الحقوق. إننا…

ماهين شيخاني في عالم تُرسم فيه الخرائط بدم الشعوب، لا تأتي التحوّلات العسكرية منفصلة عن الثمن الإنساني والسياسي. انسحاب نصف القوات الأمريكية من شرق الفرات ليس مجرد خطوة تكتيكية ضمن سياسة إعادة التموضع، بل مؤشر على مرحلة غامضة، قد تكون أكثر خطراً مما تبدو عليه. القرار الأميركي، الذي لم يُعلن بوضوح بل تسرب بهدوء كأنّه أمر واقع، يفتح الباب أمام…

لم يعد الثاني والعشرون من نيسان مجرّد يومٍ اعتيادي في الروزنامة الكوردستانية، بل غدا محطةً مفصلية في الذاكرة الجماعية لشعبنا الكردي، حيث يستحضر في هذا اليوم ميلاد أول صحيفة كردية، صحيفة «كردستان»، التي أبصرت النور في مثل هذا اليوم من عام 1898 في المنفى، على يد الرائد المقدام مقداد مدحت بدرخان باشا. تمرّ اليوم الذكرى السابعة والعشرون بعد المئة…