من يقتل رجالات الكورد؟ ومن يحمي شعبنا؟

جان كورد

سؤالان نطرحهما على طاولة النقاش لأن وقت طرحهما يفرض علينا ذلك.

لقد تم اغتيال سلسلة من زعماء وناشطي الحركة الوطنية الكوردية في غرب كوردستان منذ عام 2004 وإلى الآن، ومنهم شيخ الشهداء الدكتور محمد معشوق الخزنوي، الأستاذ مشعل التمو، الدكتور شيرزاد حاج رشيد والأستاذ نصر الدين برهك، فلم يساهم النظام في الكشف عن حقيقة هذه الاغتيالات، كما لم تكشف الحركة الكوردية بنفسها عن قاتلي رجالها سوى في حالة الدكتور شيرزاد، وبصورة تثير المزيد من التساؤلات حقاً، حيث أن هذا العمل خاص بالأجهزة الأمنية للنظام القائم، وليس بحزبٍ المواطن الذي تم اغتياله.

وإن طريقة البحث عن الجناة المجرمين وفضح اسمائهم وتسليمهم لذوي الشهيد تدعونا إلى السؤال عما إذا كانت السلطة “غائبة” في سوريا، فيقوم حزب من احزاب الكورد بمهامها؟ ولماذا لم يقم المجلس الوطني الكوردي بذلك العمل الجيد، أو لم يتم العمل باسمه على الأقل؟ طالما حزب الوحدة الديموقراطي الكوردي، الذي سجل هذا “الانجاز الأمني”، عضو في المجلس.
نعم، السلطة غائبة، والناس تتحدث عن “حكومة فلت!” في العديد من المناطق السورية مع الأسف.

وهذه الأوضاع الاستثنائية ترغم الحركة الكوردية ومجلسها الوطني الكوردي على الإجابة عما إذا كانت هي المسؤولة منذ الآن، وإلى حين آخر، عن حماية شعبنا من جرائم الاغتيال واختطاف الفتيات الكورديات في وضح النهار، وكذلك الناشطين السياسيين وتعذيبهم والقضاء عليهم.

ولو لم تكن السلطة غائبة لما استمرت سلسلة قتل رجال الحركة الوطنية الكوردية، التي لاتحمل السلاح ولا تتقدم صفوف المعارضات ولا تهدد أحداً ولا تغتصب مال أحد المواطنين ولاتملك برامج سياسية ذات أفكار عنصرية أو طائفية أو متضمنة لاستخدام العنف والارهاب.

فالكورد يسألون عن القتلة المجرمين ولكنهم لايتلقون إجابات صريحة، لا من النظام ولا من معارضيه، بل اتهامات لهذه الجهة وذاك وتضليل وتمييع، بهدف التغطية والتستر على الجناة الحقيقيين، الذين هم في النهاية، أياً كانوا، من أعداء الكورد وكوردستان، ومن أعداء الإنسانية بالتأكيد.
وطالما السلطة غائبة أو نائمة أو أنها تسلك سلوكاً هادفاً لاشعال النار في المزرعة السورية، بحيث تصبح سوريا مثل لبنان أثناء الحرب الأهلية المدمرة، فتستغل فئات معينة الظروف السائدة من خلال الفلتان الأمتي لتمرير مشاريع تقسيمية قديمة لسوريا، فإن على الحركة السياسية الكوردية السورية البحث عن طريقة وأدواتٍ تكشف بها عن القتلة المحتملين لرجالاتها، من قبل أن يقدموا على تنفيذ مخططاتهم، وأن تشرع في إيجاد الامكانات التي تحتاج إليها لحماية أرواح نشطائها المعرضين لخطر الاغتيال والخطف، أي بكلمة واحدة: أن تسلح نفسها وتستعد لصون شعبها الكوردي منذ الآن، ولايجوز لأحد الزعم بأن الموضوع سابق لأوانه، فالمرحلة القادمة في سوريا تبدو وكأنها ستكون أشد دموية.
إن من يقتل رجالات ونشطاء الكورد هم من طينةٍ واحدة ومن جهة واحدة، مهمت اختلفت هوياتهم وأسبابهم وأساليبهم، لأنهم يستهدفون معاً إرهاب الشعب الكوردي وإلقاء الرعب في صدور رجاله ونشطائه العاملين على تحقيق شيء ما لشعبهم المظلوم ولأنهم يدعون شعبهم للانتظام في صفوف الثورة السورية المظفرة.

وللرد على هؤلاء يجدر بالحراك السياسي – الثقافي الكوردي امتلاك هوية سياسية مشتركة والسير في اتجاه واحد ومشترك والنضال كتفاً إلى كتف ضمن حلف واحد ومتناسق ومتضامن، لا مجال فيه لانحرافات عن جادة الكفاح الوطني السوري العام ضد الاستبداد والاضطهاد والاقصاء والارهاب.

فالأعداء يستفيدون من خصومات الكورد السوريين واختلافات طلائعهم السياسية، كما استفادوا سابقاً من التناحرات الدموية لأحزابنا في جنوب كوردستان، ثم أسقطوا في أيديهم حينما اتفق الكورد هناك على الحد الأدنى الذي يجمع كلمتهم ويوحد صفوف ويقوي تحالفاتهم ويخفي عيوبهم.
لذلك أدعو مثل غيري إلى الكف وراء الركض خلف الآخرين ومحاولة إرضائهم على حساب وحدة الشعب الكوردي وعدالة قضيته، والكف أيضاً عن اختلاق المزاعم للتهرب من الوحدة الوطنية – القومية التي تفرض نفسها على جميع المكونات الكوردية في هذه المرحلة الخطيرة، التي وصل الأمر فيها إلى قتل رجالات الحركة الكوردية وناشطيها واحداً بعد الآخر… والكل سيشعرون بأنهم أخطأوا بحق بعضهم بعضاً عندما تسقط على رؤوسهم الصواريخ ورشقات القذائف… فليتدبروا أمرهم قبل فوات الأوان.

 

‏26‏ شباط‏، 2012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

نظام مير محمدي*   بعد الذي حدث في لبنان وسوريا، تتسارع وتيرة الاحداث في المنطقة بصورة ملفتة للنظر ويبدو واضحا وتبعا لذلك إن تغييرا قد طرأ على معادلات القوة في المنطقة وبحسب معطياتها فقد تأثر النظام الإيراني بذلك كثيرا ولاسيما وإنه كان يراهن دوما على قوة دوره وتأثيره في الساحتين اللبنانية والسورية. التغيير الذي حدث في المنطقة، والذي كانت…

عنايت ديكو سوريا وطن محكوم بالشروط لا بالأحلام. سوريا لن تبقى كما يريدها العرب في الوحدة والحرية والاشتراكية وحتى هذا النموذج من الإسلاموية، ولن تصبح دولة كما يحلم بها الكورد، من تحريرٍ وتوحيد للكورد وكوردستان. هذا ليس موقفاً عدمياً، بل قراءة موضوعية في ميزان القوى، ومصارحة مؤلمة للذات الجماعية السورية. فمنذ اندلاع شرارة النزاع السوري، دخلت البلاد في مرحلة إعادة…

محمود برو حين يتحدث البعض عن كوردستان على أنها أربعة أجزاء، ثم يغضون الطرف عن وجود كوردستان الغربية، ويحاولون النقص من حقوق شعبها تحت ذرائع مبرمجة ومرضية للمحتلين ،فهم لا ينكرون الجغرافيا فقط، بل يقصون نضالاً حقيقياً ووجوداً تاريخيا و سياسياً للكورد على أرضهم. إنهم يناقضون انفسهم ويدفعون شعبهم إلى متاهات صعبة الخروج كل ذلك بسبب سيطرة الادلجة السياسية…

حوران حم واقع يصرخ بالفوضى في مشهد يعكس عمق الأزمة البنيوية التي تعيشها الحركة الكوردية في سوريا، تتوالى المبادرات التي تُعلن عن تشكيل وفود تفاوضية موسعة، تضم عشرات الأحزاب والتنظيمات، تحت مسمى التمثيل القومي. غير أن هذا التضخم في عدد المكونات لا يعكس بالضرورة تعددية سياسية صحية، بل يكشف عن حالة من التشتت والعجز عن إنتاج رؤية موحدة وفاعلة….