نصرالدين برهك .. جبلاً شامخاً

عمر كوجري

لم تستطع الرصاصات الغادرة التي أطلقت على الشهيد الشامخ أبداً في وجه عته الريح وقسوة الحياة والظلّام الكثيرين نصرالدين برهك، لم تستطع أن تثني عزمه على نيل العظمة والقداسة والتبجيل والكرامة الحقة، وهي الشهادة.

لقد فضّل برهك العالي أن يعانق السماء في سموّها، والجبال في شموخها، ويعانق الكرد في توقهم الأبدي للحرية وعشق الشمس، وكان لهذا الغالي ما أراد، عرف جيداً أنه يلعب بالنار، عرف تماماً ولم يكن بحاجة إلى مشورة أحد بأنه نشاطه وحبه لكرده ولسورييه سيكون وبالاً عليه، فالخفافيش لا تعشق الوجوه الصبوحة كوجه نصرالدين.
الخفافيش تعاف خيوط النور، لأنها خلقت لتكون ليلية نكراء قزمة القامات والطيران حتى أبد الدهر.
لذا قاومت الخفافيش عنفوانَ ومحبة الشهيد ورغبته في أن يكون بنو أهله في أبهى عيش وهناءة البال، ولو كلف ذلك استقالة البطل من جمال الحياة ومتعها الزائلة وهو الذاهب بكل فخر إلى ساحة العز، ساحة الكرامة لكلِّ السوريين ولشعبه الكردي.
 الحياة جميلة، قالها برهك، والورود جميلة قالها قلبه لحظة عشق، لكنها قاسية إذا ظلت تغزل منّا هدر الكرامة ذاته منذ عقود أو قرون من الزمن، لذا لا بأس أن أفدي بروحي، وأقدم لأهلي وأحبتي أجمل وأغلى ما أملك، ليعيشوا هم سعداء راغدين، وليهنأ ضميري – يقول الشهيد- بأني لم أبخل بأية لحظة من عمري، ولم أسمح لها أن تذهب هدرا،ً حيث كان كلُّ ما أقوم به في غدوي ورواحي ..

في ليلي وإصباحي، هو أن أرى البسمة تتشقق طريقها عبر الدموع والأحزان على وجوه أطفال بلادي..

وكان لي ما أردت، إذ كيف سيغدو الوطن أجمل؟؟ كيف سيسعد الأطفال إذا كان طائر البوم واليأس يحوم فوق الرؤوس، إذا لا بد لي أن أكون أول أو مليون عاشق للحياة السديمية الأرقى، والأكثر نقاء.
لقد اعتبر كل من عرف نصرالدين، ومن لم يعرفه بأن الشهادة لامست جفون البطل، لكنها خذلته في لحظة رغبة منها ليقدّم لشعبه أقصى ما لديه، فما زال الوقت مبكراً لصعود سلم هذا المجد، طالما أن أعمالاً ومواقف نبيلة كثيرة على الطريق تنتظر العاشق.
اعتبرناه في بدء يد الغدر لإخراس صوته، وترويض قلبه وروحه أنه عاد بأعجوبة إلى الحياة ليقصَّ على مسامعنا قصصَ الشموخ والبطولة وتحمُّل الألم، لكن الشاعر العاشق لقامة محبوبته..

الحرية، ذهب بعيداً إلى هناك حيث تتحوّل الجبال الشامخات في حياتنا إلى وديان سحيقة أمام عظمة ونبل الشهداء هناك.
المجد لك، أيها البطل وأنت تسطّر ملحمة الكرد التي كتبت منذ غابر الأزمان وإلى الآن بحروف من ذهب وأيقونة و……..

حرية.
المجد لك، وأنت ترسل لكل محبيك، بطاقات الفرح بقلب طافح بالحنين إلى تلك الأنثى الأجمل..

الحرية.
الشكر لدمائك الناصعة حيث زرعت الشهادة في قلوب الكرد نعناعاً وقصائد عاشقات.
الشكر لروحك تطوف علينا، وحولنا جميعاً تستحثنا على حمل وهجها.
شكراً لك وأنت تعبّر لأمم الأرض أن الكرد يستحقون الحياة..

يستحقون الحرية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…