هل الرئيس البارزاني مؤهل لاعلان دولة كردية مستقلة؟

  نواف محمد قلديماني

     ان الشعب الذي لايملك كيانه السياسي – وهذه بديهة –  هو كالرجل العاري الذي لايجد ما يستر به عورته، ومع ان هذا الوصف قاس بعض الشيء، ولكنه حقيقة واقعة لكل من ذاق مرارة الاضطهاد وعانى من صنوف الاذلال اليومي المستمر لعقود من الزمن، ويكاد الكرد اعلم الناس بهذ ا الامر ، لانهم القومية التي لا تزال تئن تحت وطأة العبودية واغلالها الصدأة الى يومنا هذا، علما انه تتوفر لديهم من مقومات القومية ما لا تتوفر للكثير من الامم والشعوب التي اقامت بنيانها منذ سنوات عديدة خلت.
    راود حلم تأسيس الدولة الكردية، العديد من القوميين الكرد منذ وعوا ان الاخرين يواصلون الليل بالنهار من اجل انجاز  كياناتهم السياسية المعبرة عن اراة شعوبهم وفي مقدمتهم الارمن وغيرهم، وقارنوا النظرية بالفعل الثوري وتوضح ذلك في كوردستان المركزية خلال فترة الكفاح المسلح (1925 _ 1937)، وفي جنوب كردستان (1919 _ 1961)، وفي شرق كردستان (1920 _ 1946)، وغرب كردستان بعدة انتفاضات محلية ابان فترة الثلاثينيات والاربعينيات تحت حكم الانتداب الفرنسي على سوريا، ومع ذلك لم تكتب لمحاولاتهم النجاح لاسباب داخلية ذاتية، واخرى خارجية قاهرة، لايسع المجال لشرحها في هذا المقال.

    يكتب لجنوب كردستان ، انها اججت الرغبة في تشكيل دولة كردية مستقلة منذ اعلان برلمانها الفيدرالية في بداية التسعينيات من القرن الماضي، والتصريحات الواضحة لقادة الاقليم بهذا الخصوص، وعلى رأسها تصريحات الرئيس مسعود البارزاني، الذي يؤكد مرارا على حق الكورد الطبيعي في بناء دولتهم القومية دون ان يكون ذلك على حساب معاداة أي قومية اخرى في المنطقة.
    تصب اقوال الرئيس البارزاني الاخيرة  في 19 شباط 2012، وتوضيحه ان الوقت قد حان لان يتمتع الكرد بحقوقهم، في خانة تأسيس الدولة الكردية من دون شك، لا بل ان الشارع الكردي انتشى وتفتحت اسارير وجوه عامة الشعب لهذا الاعلان الجريء، لانهم وجدوا فيه البداية المعلنة لاقامة كيان سياسي ذي استقلالية بعد تجارب اخرى اجهضت لعوامل متعددة وعلى رأسها تجربة قيام جمهورية كوردستان الشعبية خلال احد عشر شهرا، عرف فيها الكورد ادارتهم الذاتية بصورة متقدمة.
      الرئيس البارزاني مؤهل اكثر من غيره، لان يكون اول من يعلن ولادة جمهورية كردستان المستقلة، كتتويج لجهود قديمة تعود لعقود من الزمن، كان بدايتها ما قاله المستشرق البريطاني ويكرام في كتابه مهد البشرية انه التقى بالشيخ عبدالسلام البارزاني في بداية القرن العشرين في بارزان، وان الاخير طلب منه المساعدة البريطانية للتخلص من الهيمنة العثمانية على كردستان عامة، وما يملكه البارزاني من التأييد والتعاطف لدى شرائح واسعة من الشعب الكردي يمكنها ان تخلق الية فعالة تدفع مسالة اقامة جمهورية كوردسان الى المقدمة.
    لقد حان الوقت لان نشمر عن ساعد الجد، وان يقودنا الرئيس البارزاني نحو تحقيق حلمنا الكردي ونؤسس جمهوريتنا المستقلة الحرة، لان المزاج العام العالمي لن يقف ضدنا هذه المرة، وان وقف فلن يكون بحدة المرات السابقة، والامر الاخر ان نسبة جيدة من المثقفين، والقوميين الواعيين تتصدر المشهد المجتمعي الكردي اكثر من أي وقت سبق، ولا تنقصنا الا ارادة الاعلان البناء، والتي لا نشك للحظة في ان الرئيس البارزاني يملكها منذ ولد من رحم جمهورية كردستان الشعبية سنة 1946، وقضى عمره كبيشمركه مناضل في ثورتي ايلول وكولان وكان مقاتلا شرسا في معارك تحرير كردستان على الدوام.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…