قياسا على ما ذكر لا زالت الأحداث الجارية والمتلاحقة تثبت يوم بعد يوم “وقد كان ذلك من قبل أيضاً” بأننا في العموم متخلفين عن هذا المفهوم وعن روح العصر فنخرج في متاهة وندخل في الأخرى ولا يعرف لهذا السلوك الضلالي والمتعنت والمنهج الرجعي في التفكير من نهاية أو تقويم والخشية من المرتقب والمجهول القادم إذا ما سارت الأمور والتفكير على المنهج القديم والفاشل الذي لم يجن منه الكرد سوى الخيبة والندم على مر التاريخ السابق وأن ترجع بنا الفوضى واللامسئولية إلى الوراء والدفع بالواقع المتحرك والحراك إلى الأجواء المقيتة في الثمانيات والتسعينات من القرن الماضي ونعود أدراجنا بخفي حنين كما يقول العرب .
كما لا يخفى على أي عاقل من هو ذو ذاكرة سليمة سوف يرد أسباب ذلك التخلف السياسي والتنظيمي إلى تخلف نخب الأحزاب الكردية بلا استثناء وتخندقاتها السلبية وتخبطاتها ولا تستثنى النخب الأخرى وليس الشعب الكردي من ذنب أبداً في هذه المسألة باعتبار الشعوب لا يصنعون القيادات بل يكون أفرادهم أرقام ووقود ولا يقومون بالتعيير عن ذاتهم بمنأى عن قيادات حكيمة وراديكالية حداثية تخرج من صلب مجتمعاتها على اعتبار أن تلك الأحزاب والنخب الرائدة تتكون من شخصيات وعناوين سياسية من المفترض أنها قد خرجت من صلب المجتمع الكردي وقبلت أن تكون مسئولة عن قضاياه وفرضت نفسها عليه سواء كان بالقوة والإكراه أو بالرغبة والمحاباة كنخبة قائدة اؤتمنت على عهدة كبيرة .وهنا من الجدير ذكره ولا ننكر بأن تركة ثقيلة قد حملت على أكتاف تلك الأحزاب ولكن لا تبرر رميها لها ولمسؤولياتها السياسية والأخلاقية والقومية كواجب لها مطلقا ما دامت تقبل وتصر أن تكون قائدة وهي تحتاج على تضافر الجهود وجمع الطاقات حتى يمكن السير نحو الأمام .وفي نفس الوقت يفترض عليها أن تكون مسئولة أمام هذا الشعب والتاريخ والحقوق أيضا وأن تحاسب وتنتقد أداءها كلما شعر الشعب الكردي بتقاعسها وخروجها عن المسار الصحيح على اعتبار أن الشعب هو مصدر الشرعية وصاحب الحق حيث تجري السياسة من خلاله وتمارس عليه وكذلك هو المعني والمتأثر بتبعاتها ونتائجها وهو أيضاً الرافد الحقيقي والنبع الذي يغذي هياكل تلك الأحزاب بالمال والشباب والمعنويات والديمومة لذا تكون الأحزاب الكردية وقياداتها مسئولة أمام الشعب الكردي مسئولية مباشرة من حيث النقد وسحب الثقة والمحاسبة .
ما يشهده الواقع المنظور من تخبط وشد واستقطاب وتخندقات حزبوية وتفضيل أناني على مصير الشعب الكردي وخلق الخلافات وإنتاج الاختلافات بقصد وتعمد لأجل مصالح شخصية لا معنى لها وزرع الفوضى وتكريس ثقافة التشتت على مستوى الشارع المنتفض من خلال شعارات ورؤى ومواقف ارتجالية التي هي بنظر العرف السياسي ومنطقها سخرية وتهريج وسذاجة أكثر من وصفها وتوصيفها بألف باء السياسة وهي تصرفات في منطق وعرف التاريخ يمكن أن تصل إلى درجة الجرائم الكبرى بحق الشعب الكردي الذي كاد أن ييأس من تصرفات نخبه قياسا مع التغييرات السياسية العامة وكبر وصعوبة القضية الكردية من حيث التعامل المرن والتفاعل الإيجابي مع الحدث والقراءة السياسية السليمة والموقف المسئول ومقارنة مع السنوات الماضية من حيث الركود والجمود والتشتت .كما أن تخلف تلك الأحزاب ونعتقد بأنه لا يختلف عليه اثنان كي ترجع بالأسباب إلى تخلف النخب الكردية القائدة للمجتمع الكردي بكل صنوفها السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية من حيث درجة وعيها الجمعي وامتلاكها روح التضحية والمسئولية التي ما زالت تسير على منهج فاشل كان ولا يزال متخلفا عن روح العصر وبذلك لا ولن تستطيع تلك النخب من إيجاد وإبداع وسائل وأدوات عصرية جديدة ومرنة وفعالة وفكر وتفكير منتج لمجاراة الأحداث والمستجدات المتغيرة باستمرار والتي تتغير أحيانا خلال /24/ ساعة ونحن الكرد ما زلنا نناقش أعمال ومسلمات وأفعال عفا عليها الزمن وبطل العمل بها ونتمسك بسلوكيات لم و لن تأتي بثمار أو أن تكون حل لمشاكلنا وقضايانا الأساسية .
لذا من الضرورة بمكان وللأسباب المذكورة أعلاه وأسباب أخرى موضوعية فإن قياداتنا الحزبية والنخبوية “على كل المستويات والأصناف والفئات” ربما تحتاج على قيادة تقودها وتؤهلها للمرحلة القادمة حيث أقولهم وأفعالهم تشهد عليهم وليس خليل كالو وسوف لن يكون لنا من شأن غداً سوى قول من يأتينا لاحقا ويقول ليس بالإمكان أكثر مما كان بعد أن يكون قد فات الأوان.