الكرد وضريبة التشرذم

 دلكش مرعي

بالأمس القريب تم اغتيال السياسي الكردي المعروف مشعل تمو من قبل شبيحة النظام واليوم تطال نفس الأيادي الآثمة المجرمة لتغتال عضو  المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) نصرالدين برهك والدكتور شيرزاد حاج رشيد القيادي في حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا بالإضافة إلى قتل المجندين والاعتقالات التي تطال نشطاء الكرد في الثورة السورية فالنظام عبر هذه الممارسة يتحدى بوضوح  الشعب الكردي وبشكل مكشوف ويتحدى ويعلن للجميع بأن أي شخصية كردية مؤثرة له تأثيره على حراك الشارع الكردي ويتمتع بمواقف جريئة وشجاعة ضد النظام وشبيحته سيكون هذه الرموز والنشطاء مشروع اغتيال وتصفية من قبله …
 و سبب هذا التحدي من قبل النظام واضح ومكشوف ويعود إلى عدة أسباب من بين أهمها إن النظام على علم تام بواقع الشعب الكردي والحالة التشرذمية العامة المستفحلة في هذا الواقع  وهو يدرك بأن هذه الحالة لا تشكل أية خطورة أو تحدي على وجوده كبقية المناطق في الداخل السوري … ومن الأسباب الأخرى يمكن القول بأن هناك قوى سياسية كردية فاعلة تتبنى شعاراً متناقضاً تسمى إيجازاً // مع وضد // أي أنها مع النظام في السر وتمتلك علاقات واتفاقيات وثيقة معه وضده في بعض الشعارات العلنية خوفا من ردود أفعال الشارع الكردي اتجاه مثل هذه المواقف … ولجملة هذه الأسباب لم يقدم النظام حتى الآن إلى احتلال المدن الكردية كبقية المدن السورية أو قصفها بالدبابات والمدرعات وراجمات الصواريخ وقذائف المدفعية أي بعكس الذين يعتقدون بأن النظام لا يتجرأ استفزاز الشعب الكردي فالنظام لو كان خائفاً من هذه الأحزاب لما تجرأ على الإقدام على اغتيال هذه الشخصيات الحزبية الجريئة والنشطة   ….

وبصيغة أوضح نقول لو كان هناك مجلس أو هيئة سياسة عامة موحدة تمثل الطيف السياسي والجماهيري والشبابي للشعب الكردي لما تجرأ النظام على الأقدام إلى مثل هذه الأعمال الإجرامية بحق هذه الرموز ولكان له حسابات أخرى بعكس هذه الحسابات ….

إي إن مسئولية هذا الواقع يتحملها الجميع ولكن الجزء الأكبر من هذه المسئولية يتحملها الأحزاب الكردية  فمنذ اندلاع الثورة السورية وإلى حينه كان معظم هذه الأحزاب تراهن على الحوار مع النظام ومن أجل هذا الرهان كانت تتهرب وتتملص من مسؤولياتها الوطنية والأخلاقية اتجاه الثورة السورية واتجاه دماء الأطفال والنساء والشيوخ الاعتقالات الجماعية والتعذيب الوحشي البربري التي يمارسه النظام بحق التواقين إلى الحرية والكرامة من إبناء هذا الشعب   … فمعظم هذه الأحزاب لم تتملص من مسئولياتها الوطنية اتجاه الشعب السوري فحسب بل عملت بشتى الوسائل الملتوية  وبشكل ممنهج لترويض الشارع الكردي ولجمها عبر تصريحات بائسة لردع هذا الشارع  ومنعها عن المشاركة في الثورة  السورية ومن خلال حجج واهية ومخجلة  فعبر بعض  تصريحاتهم أو محاضراتهم كانوا يدعون بأن الأخوان المسلمين أو المعارضة السورية لن تعترف بحقوق الشعب الكردي! …  وأحياناً أخرى كانوا يقولون بأننا نخاف على أبناء هذا الشعب المسكين الغلبان المغلوب على أمره على المشاركة في الثورة السورية لأنه لن يتحمل تبعات وتكاليف الثورة الباهظة! … أما الآن وبعد صدور ما يسمى بالدستور السوري التي تجاهلت تماماً وجود الشعب الكردي على هذه الأرض وأقل ما يمكن قوله بشأن هذا الدستور بأنها كانت صفعة قوية بوجه هؤلاء المراهنين على الحوار مع النظام أما الصفعة القوية الأخرى لهؤلاء المراهنين فقد أتت ليلة أمس من الجمعية العامة للأمم المتحدة حين صوت مائة وسبعة وثلاثين دولة ضد ممارسات النظام وجرائمه الهمجية ووقوفها إلى جانب ثورة الشعب السوري .

كلمة أخيرة نقول : بأن تحقيق الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الكردي تقع على عاتق الشعب الكردي ذاته ولا يتوسل من هذا الطرف أو ذاك 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…