حقوق الكرد بين السلف والخلف

م .

بافي ژيـــن
bavejin@hotmail.com  

عقود مضت وجزمة العسكر ما انفكت ترفع عن رقاب الناس, في ظل أنظمة (جملكية) الأشد بطشاً وتنكيلاً بالناس في سوريا, ادّعوا الديمقراطية السياسية, سارعوا إلى تشكيل برلمانات صورية, لتغدو ستاراً لتبرير استعبادهم الخلق, وتثبيت حكم الأمر الواقع وصولاً للمبتغى, في امتلاك البشر والشجر والحجر, وجعل الناس خادمين الطاغوت وزبانيته, واختزال حقوق المواطن في السمع والطاعة, للحاكم الأوحد والسهر على راحته, وتنفيذ رغباته, والدعاء له بالخير والعمر المديد في حله وترحاله.
إنّ النظام المستبد في سوريا, مها طال أمد بقاءه, ومهما بلغ من القوة والجبروت, سيصل إلى نهاياته المحتومة, وحتفه الأكيد, فلغة القتل والتشريد والسجن والتعذيب, لم تعد تجدِ نفعاً لديمومته, أما وعيده بزلزلة الكون وإشعال المنطقة, لا تغدو سوى محاربة  طواحين الهواء, كما أن أجهزته الأخطبوطية القمعية, وآلته الحربية المدمرة, المقامة على حساب لقمة السوري, بدواعي حماية تخوم البلد, من الطامعين والغزاة؛ فقد سقطت في أول اختبار حقيقي, عندما استخدمها لقمع شعبه الأعزل في ثورته السلمية المباركة, ثورة الخلاص من نير الذل والمهانة والعبودية الأسدي .

يقيناً أنّ رحيل الدكتاتورية أمسى مسالة وقت ليس إلا, وإشراقة الحرية في سوريا بات قاب قوسين أو أدنى؛  فعلى المعارضة السورية, بكل أطيافها القومية والدينية والمذهبية, أن تسعى إلى كلمة سواء فيما بينها, والإجماع على مظلومية, مكونات الشعب السوري, ومنها المكون الكردي, الذي عانى كثيراً من بطش النظام واستبداده, ومورس بحق أبناءه سياسة عنصرية بغيضة وممنهجة, لأكثر من نصف قرن, وحان وقت إنصافه, وربما يتساوى مع النظام السوري من يتناسى  خصوصية هذا الشعب, وتجاهل حقوقه القومية في أية ظروف, وتحت أية مسميات, ويرتكب أفظع الأخطاء, التلويح بترحيل قضايا مصيرية بحجم قضية شعبنا الكردي, إلى ما بعد إسقاط النظام.

 

إنّ التلازم الدقيق بين المسائل الوطنية والخصوصية القومية للكرد, وعدم ترجيح كفة على أخرى في هذه المرحلة المفصلية, لا يحتمل التأجيل أو التأويل؛ فالغموض والضبابية, تعنيان, الهروب من الاستحقاق الديمقراطي في المرحلة المقبلة, وحالة من تصدير الأزمة إلى ما بعد النظام القائم, وتالياً إغراق البلد في دوامة من الفوضى, وعدم الاستقرار مستقبلاً, لذا على المعارضة العربية بتعبيراتها وألوانها المختلفة, أن تحسم موقفها بشكل واضح وجلي من قضية شعبنا الكردي في سوريا؛ فأي تجاهل لخصوصيته القومية في الوقت الراهن, هو خيانة عظمى لأهداف ومبادئ الثورة السورية, وإجهاض لمسيرتها الظافرة, ويلتقي في خانة النظام الذي عمل على إخفاء حقيقة الكرد وتضحياتهم الجسام, منذ أكثر من نصف قرن دفاعاً, عن قضايا الوطن المصيرية, وهو ما سيلحق أشد الأضرار بثلاثية الركيزة الوطنية في البلاد, العرب والكرد وباقي الأقليات والطوائف.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يكتسب الخطاب الشعبوي سلطته وسطوته حين يتم استغلاله كأداة لإعادة تشكيل الواقع وفرض رؤية محددة، لتسيدها، بغض النظر عن صحتها أو توافقها مع منطق الواقع. هذا النوع من الخطاب لا يكتفي بتقديم المواقف الخاطئة بوصفها حقائق، بل يتجاوز ذلك إلى تشويه المواقف العقلانية، وتجريم كل من يتبنى رأياً صائباً، في محاولة لترسيخ الوهم وإضعاف كل محاولة للتصحيح. إن…

فرمز حسين ليس سهلاً البقاء في القمة، مقولة سويدية و تعني أن الحفاظ على البقاء في القمة أصعب بكثير من الوصول اليها. هذا المثل ينطبق حرفياً على هيئة تحرير الشام و الفصائل الاسلامية المسلحة الأخرى التي دخلت دمشق منتصرة. الأسد سقط و زمرته بعد ثورة شعبية دامت أكثر من ثلاثة عشر عاماً شارك فيها الأغلبية الساحقة من السوريين مضحّين في…

نظام مير محمدي* لقد أشعل تحرير سوريا الجدل من جديد حول الفرص الضائعة التي أطالت أمد نظام بشار الأسد الوحشي. فقد كشف الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند في مقابلة أجريت معه مؤخرا أنه في عام 2013، خطط هو والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون لشن ضربة لزعزعة استقرار الأسد بعد استخدامه للأسلحة الكيميائية. ومع…

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…