لاتعترفوا بـ « المجلس السوري» ممثلا شرعيا وحيدا

صلاح بدرالدين

بعد اجتماع ” المجلس الوطني السوري ” الأخير بالعاصمة القطرية ردد بعض أعضاء مكتبه التنفيذي أقوالا توحي باحتمال حصول اعترافات رسمية بالمجلس كممثل شرعي وحيد للشعب السوري وثورته وحراكه السياسي المعارض من جانب ” مجلس التعاون الخليجي ” أولا ثم من غالبية أعضاء المجلس الوزاري في جامعة الدول العربية لاحقا ولم يوضح هؤلاء تفاصيل أكثر عن الجديد في علاقات المجلس مع تلك الأطراف العربية من اتفاقيات أو مشاريع سوى اعادة ذلك الى مواصلة النظام السوري في اقتراف الجرائم وتوسيع حملاته وقمعه ضد الشعب السوري في مختلف مناطق البلاد .
  قبل أن يشعر مواطنونا من الأشقاء والرفاق والأصدقاء والشركاء بالاستغراب من العنوان وهم يعرفون أنني معارض منذ أربعة عقود ولست من حديثي العهد بالمعارضة كما نصف أعضاء المجلس السوري وغيره من المجالس والهيئات عانيت السجن والاعتقال والملاحقات وقد أعبر بكل تواضع عن قطاع واسع في الداخل والخارج وحتى تكون الأمور واضحة من دون ابهام وحتى نكون صريحين مع شعبنا وثوارنا في الداخل وفي أقصى درجات الشفافية تجاه كل شركائنا في النضال المعارض داخل البلاد وخارجها وحتى نكون صادقين أمام الأصدقاء والمتعاطفين والداعمين عربا وأجانبا القريبين منهم والبعيدين نقول :

 أولا – لاتعترفوا با ” المجلس الوطني السوري ” ممثلا شرعيا وحيدا بتشكيلته الراهنة لأنه بني وعنوانه الأساسي والوحيد ” حركة الاخوان المسلمين ” التي نراها تيارا سياسيا عقائديا شموليا يتواجد خارج البلاد ولايشكل العنوان الرئيسي للحراك المعارض والثورة في الداخل نتقبله شريكا من ضمن عشرات المكونات والتيارات والجماعات وليس عنوانا ومهيمنا أو مرشحا للسيطرة مستقبلا في حلول شمولية مكان شمولية بغض النظر عن اذا ماكانت شمولية علمانية أو دينية فالجوهر واحد وبالأخير نرضى ما يقرره الشعب من خلال صناديق الاقتراع .
 ثانيا – لاتعترفوا با ” المجلس الوطني السوري ” ممثلا شرعيا وحيدا بتركيبته الراهنة لأنه لايتمثل فيه معظم المكونات الوطنية السورية من كرد وعلويين ومسيحيين وتركمان وفئات أخرى وحتى تواجد بعض من يزعم التمثيل من المنتمين لتلك المكونات داخل المجلس لايغير من الحقيقة شيئا لأنهم لايمثلون سوى أنفسهم بل لايحظون برضى وتقدير أي مكون .
 ثالثا – لاتعترفوا با ” المجلس الوطني السوري ” ممثلا شرعيا وحيدا بأجندته الراهنة لأنه استبعد وأقصى العديد من التيارات والفئات والمجموعات السياسية الليبرالية والديموقراطية والكثير الكثير من الشخصيات الوطنية المعروفة التي أفنت عمرها في النضال المعارض وهي اما حرمت من المساهمة في مواجهة الاستبداد وجمدت طاقاتها الخلاقة المعطاءة أو انتظمت – مضطرة – في أطر ومنظمات ومؤسسات موازية .
 رابعا – اننا نعذر بعض تنسيقيات الثورة في اعتبار المجلس يمثله فثوارنا متمسكون بضرورة من يمثلهم على أكمل وجه وفي سبيل ذلك لايتوقفون على التفاصيل بل أن الحالة التي يعيشونها في المواجهة والشهادة من أجل الحرية بأمس الحاجة الى من يمثل طموحاتهم ويعبر عن أهدافهم ولكن وبكل أسف نقول أن المجلس بسياساته وتناقضاته وتردده أثبت أنه لايمثل الثورة على الأقل في تحقيق الحماية الدولية والتدخل الخارجي من أجل حماية وانقاذ الشعب السوري وفي فشله باستيعاب الجيش الحر والتعاون معه ومساعدته وتسببه بالنهاية في دب الانقسام بالكثير من تنسيقيات الثورة أو استخدام بعضها لغايات دعائية خاصة .
 خامسا – كما نعذر العديد من الأطراف والدول العربية والأجنبية الصديقة المتعاطفة مع شعبنا وثورتنا بل نقدم لهم الشكر والتقدير على استقبال وفود المعارضة وخاصة من المجلس لأنهم يهدفون الى مساعدتنا ودعمنا ولا يهمها من يكون ذلك المعارض وماذا يمثل ولكننا في الوقت ذاته نطالبها بأن تكون الى جانب وحدة المعارضة لتتحول الى فعلا الى ممثل شرعي معبر .
 سادسا – منذ أكثر من ثلاثة أشهر وعلى سبيل المثال قامت مجموعة من المفكرين والمثقفين من نشطاء المعارضة الوطنية السورية ومن مختلف المكونات والأطياف والتيارات من العرب والكرد والمسلمين والمسيحيين والعلويين وأنا شخصيا من بينها بمبادرة انطلاقا من العاصمة المصرية أطلقت عليها ” المبادرة الوطنية لتوحيد المعارضة السورية ” وأجرى ممثلوها لقاءات مع ممثلي المجلس والأطراف المعارضة الأخرى طارحين عليهم مقترحا بضرورة اما اعادة هيكلة المجلس برنامجا وتشكيلا وهيئات ليستوعب كل من في خارجه أو المضي قدما لتوحيد غالبية الأطراف الأخرى من خارج المجلس  وهاهي المبادرة اليوم وبعد الموقف السلبي الانعزالي من المجلس على وشك عقد مؤتمرها التوحيدي ببرنامج جديد وخارطة طريق جديدة وقيادة جماعية ديموقراطية جديدة .

 سابعا – لجميع تلك الأسباب نناشد كل الأصدقاء من عرب وأجانب أن لا يسببوا لشعبنا المتاعب وأن لايؤذوا ثورتنا وأن لايتحولوا الى مشجعين لانقسام المعارضة الوطنية السورية وتكريس الأمر الواقع الراهن واذا كانوا يتمنون الخير لشعبنا فليساعدوا في توحيد المعارضة السورية في اطار صيغة جديدة تنبثق عن مؤتمر توحيدي يضم كل مجموعة وطيف وتيار وشخصية يؤمن بشعار اسقاط النظام مؤسسات وبنى ورموز وتفكيك منظومة الدولة الأمنية واعادة بناء الدولة الوطنية الديموقراطية التعددية لكل المكونات القومية والدينية والمذهبية ويتم فيها الحل العادل للقضية الكردية على قاعدة الشراكة الحقة .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…