ولنا كلمة (3)

روني علي

    للمرة الألف تدغدغ في عقولنا مقولات ومقولات وتحاول إيهامنا بأن أصحابها قد وضعوا القدم في موطئه ” ونحن الآن أحوج ما نكون إلى ..

”  و ” في مثل هذه الانعطافات التاريخية ..

” و ” إن المرحلة بإفرازاتها واستحقاقاتها تتطلب ..

” لكن هي مجرد مصطلحات يستخدمها كل من يشاء ، الذي يمتلك مؤهلاتها ويعيها وله القدرة على ترجمتها، أو الذي لا يعنيها سوى من ناحيتها اللغوية وديباجتها المطروقة ..

تستخدمها الأنظمة والسلطات، وكذلك الأطر والمعارضة ، ودون أن يعود أحد إلى أرشيف مذكراته ليجد أن مثلها وما على شاكلتها، وباختلاف المراحل والانكسارات، قد ملأت صفحات أدبياتهم ودعواتهم، ودون ترجمتها في الممارسة ..

أي نحن على استعداد لحرق أكثر من مرحلة وطرح مثل هكذا مصطلحات ، أو أن نعود إلى ما قبل أكثرها وتبنيها أيضاً دون أن يغير ذلك في المعادلة شيء .

    لكن السؤال الذي طالما يبحث عن جواب ، نحن أحوج إلى ماذا ..

؟ ! إلى سرد حكايات التاريخ والتغني بأمجادنا ..

إلى كيل التهم وصياغة الأباطيل ..

إلى نسف الكل ، بل وحتى التاريخ ، أم ندفع بأدواتنا من أجل امتلاك مثل هذه الحاجات ..

مثلها مثل الانعطافات والاستحقاقات ..

فمتى كنا نقطة التحول في المنعطف ، ومتى كنا ركيزة المرحلة أو أحد ركائزها أو حتى مجرد التفكير بأن نكون كذلك لنبحث عن حصتنا من الاستحقاقات..؟.
  فكفانا صراخاً وشجباً واستنكاراً، وبيانات الإدانة في الذات ، أو ما على شاكلتها والداخلة في فلكها من تصريحات وتهويلات ، تملأ المسامع عند كل خطوة فعل أو عمل .

وكفانا تقزيم الآخر وتشويه الذاكرة ، لأننا وبكل بساطة منصهرون ومتحدون  – حتى النقي  – في ذلك .

ولنعود ولو مرةً ، فقط مرةً واحدةً، إلى عوامل الذات .


    فكل ما حولنا يجري ويبحث ، وكل ما تحتنا يتغير ، وكل ما فوقنا يتطور، إلا نحن ، نجري ونتغير ونتطور من خلال بحثنا عن شظايا الأوراق ورصاصات الأقلام لنخط فيها من جديد ووفق ديباجات المرحلة أيقونات الشجب والإدانة، ونذيلها بأختام تؤكد على أن المعني رجيم من المهد إلى اللحد ..
    هكذا نحن أحوج إلى ما نكون ، وقد نكون في الغد أحوج أكثر ، من أن نتبارى على قدرة الامتلاك لديباجاتٍ أكثر تطوراً ، وإبداعات أكثر مهادنةً ، لأننا في زمنٍ أضحت المهادنة هي الموضوعية وهي الواقعية وهي العقلانية .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…