رسالة مفتوحة من المجلس الوطني السوري إلى الشعب اللبناني الشقيق

 

مع دخول ثورتنا، ثورة الشعب السوري، شهرها الحادي عشر، ومع التضحيات التي يقدّمها شعبنا من أجل الحريّة والكرامة والتغيير الديموقراطي، وفي غمرة نضالنا لإسقاط نظام بشّار الأسد وعصابته، وهو هدفٌ يقترب من التحقّق، فإنّ مجلسنا يقدّر عالياً وقوف الشعب اللبنانيّ بجانب شقيقه الشعب السوريّ، ودعمه السياسيّ والإنسانيّ والأخلاقيّ للثورة السوريّة.

 

ويرى المجلس الوطنيّ السوريّ أنّ بين الشعبين السوريّ واللبنانيّ قضيّة مشتركة، ذلك أنّ الديموقراطيّة لسوريّة خيرُ دعم لاستقلال لبنان، وهي فرصةٌ لطيّ صفحات سود في تاريخ العلاقات السوريّة – اللبنانيّة، مردّ سوادها إلى النظام الديكتاتوريّ في سوريّة، والذي مارس أبشع صور الوصاية والنفوذ والتدخّل.

ويؤكّد مجلسنا أنّ المنعطف الذي ترسمه الثورة السوريّة بين زمنَين: زمن الديكتاتوريّة والطغيان من جهة، وزمن الحريّة والديمقراطيّة من جهة ثانية، يفتح الأفق واسعاً أمام مستقبل مشترك لشعبينا ويؤسّس للتعاون الوثيق بينهما.

أيّها الأشقّاء اللبنانيّون:

إنّ المجلس الوطنيّ السوريّ، إذ يسعى إلى مستقبل مضيء بين سوريّة الحرة الديمقراطية ولبنان، يؤكد على المبادئ الآتية:

1.إنّ سوريّة الحرّة المستقلّة والديمقراطيّة تعترف بلبنان وطناً سيّداً مستقلاً.

2.وهي تريد للعلاقات السوريّة – اللبنانيّة أن تكون بين دولتين مستقلّتين سيّدتين متساويتين، وشعبين شقيقين يقوم بينهما تاريخ مشترك وحاضر مشترك ومستقبل مشترك.

3.وهي تتطلّع إلى أن تبني مع لبنان المستقلّ والديموقراطيّ مشاريع مشتركة بين الدولتين والشعبين في شتّى المجالات لا يتدخّل فيها جانب في شؤون الجانب الآخر، وتؤدّي الدولتان في إطارها دوراً تكاملياً في الإطار العربيّ من أجل قيام نظام عربيّ جديد يستلهمُ مفهوماً متجدداُ للعروبة بوصفها رابطة ثقافية وحضارية واقتصادية وإنسانية.

ويتعاون البلدان من أجل عقد عربي جديد يستلهم “إعلان الرياض” للعام 2007 ويؤسّس لترسيخ قيم التعددية والتسامح في العالم العربي.
4.وبعتبر البلدان التعددية الدينية والعرقية ميزة فريدة يتشارك فيها لبنان وسورية ويتعهدان الدفاع عن هذه الخصوصية التاريخية التي يعتبرانها مصدر غنى على المستويين الثقافي والانساني.
5.وهي تتطلع، انسجاماً مع المبادئ الآنفة، واحتراماً منها لميثاقكم الوطني المتجسّد في اتفاق الطائف، إلى عمل مشترك مع لبنان المستقلّ والديموقراطي من أجل معالجة فوريّة مباشرة للملفّات الملحّة الآتية:

أ‌.إعادة النظر في الاتفاقيّات الموقّعة بين البلدين في سبيل التوصّل إلى اتفاقيّات جديدة تراعي مصالح كلّ من البلدين من ناحية والمصالح المشتركة بينهما من ناحية ثانية.
ب‌.تركيز العلاقات بين البلدين والدولتين في إطار التمثيل الديبلوماسيّ الصحيح على مستوى سفارتين.
ت‌.إلغاء المجلس الأعلى اللبناني – السوريّ.

ث‌.ترسيم الحدود السوريّة – اللبنانيّة لا سيّما في منطقة مزارع شبعا.

ج‌.ضبط الحدود المشتركة بين البلدين.

ح‌.انهاء الدور الأمني – المخابراتي، سواء التدخّل في الشؤون اللبنانيّة، أو التهريب السلاح لجعل لبنان ساحةً تتنافى ومبادئ الكيان والدولة والقانون.

خ‌.تشكيل لجنة تحقيق سوريّة لبنانيّة مشتركة لمعالجة ملفّ المعتقلين والمفقودين اللبنانيين في سجون النظام.

أيّها الأشقّاء اللبنانيّون،

أمام السوريين بعد انتصار ثورتهم، وأمام اللبنانيين بعدَ حريّة سوريّة وديموقراطيّتها، كفاحٌ مديد من أجل نقل البلدين إلى عصر جديد، عصر الدولة المدنيّة، عصر الحداثة والتقدّم، عصر بناء المصالح المشتركة.

إن المجلس الوطنيّ السوريّ إذ يتقدّم بالمبادئ التي يرى أنّها يجب أن تحكم العلاقات بين سوريّة ولبنان، فإنّه في واقع الأمر ينطلقُ من مصلحة سوريّة في أن تقوم بينها وبين لبنان علاقات أخوّة وحسن جوار وعمل مشترك ومصالح بيّنة، ومن مصلحة سوريّة – لبنانيّة في أن ينهض نظام عربيّ جديد مؤسَّس على المصالح بين دول سيّدة ومتكافئة.

والمجلس الوطنيّ يختار هذا التوقيت للتقدّم بهذه المبادئ، على مشارف لحظة تاريخيّة لكل من سوريّة ولبنان، مشارف سقوط نظام الأسد الذي يمثّل العقبة الدائمة في طريق بناء العلاقات الصحيحة بين الدولتين والشعبين.

وإنّ ما نعلنُه اليوم ليس فقط فعلُ إيمان بتلك العلاقات، بل هو أيضاً فعلُ اعتراف بأنّ الدولتين المستقلّتين تستطيعان العمل معاً والتعاون معاً والإنجاز معاً.

دولتان تساعد كلٌّ منهما الآخرى ولا تشكّل أيٌّ منهما عبئاً على الثانية.

أيّها الأشقّاء

ها هي الثورة السوريّة تخاطبكم من القلب إلى القلب ومن العقل إلى العقل.

ها نحنُ اليوم نعمل معاً..

من أجل مستقبل مشرق يحقق الأمن والسلام والاستقرار للمنطقة وشعوبها.
المجدُ للشهداء من أجل استقلال لبنان،

والمجدُ لشهداء الثورة السوريّة الذين يكتبون بدمائهم مستقبل سوريّة ولبنان والمنطقة.

المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…