مؤتمر مزاج وإقصاء أم مؤتمر وطني

خورشيد شوزي

الزمن يمضي، ويغير في طريقه النفوس والمجتمعات والدول والقارات والكون، ولكنه يعجز عن التأثير في بعضنا، فرؤوسنا هؤلاء صلبة لا تهزها عوامل الزمن للأفضل، وما دمنا غير قابلين للتطور، أقصد هذا البعض، فإننا بقينا أسرى مفاهيم خاطئة أصبحت جزءأ من عاداتنا وتقاليدنا، ولم ولن نستطع الهرب منها، والجيل الذي عايش المؤامرات والالتفافات التي أصبحت جزءاً من عقيدته وممارساته، طيلة عقود، يبدو أنه ورث هذه الخصال اللاحميدة إلى البعض من جيل الشباب الحالي، واستطاع أن يجره إلى المهاترات التي شب عليها، ضمن عقلية إقصائية وإنكارية للآخر.

 

الظروف التي يمر بها الكورد خاصة، والمناطق والدول التي يعيشون فيها عامة، تتطلب منا جميعاً التكيف معها وتجييرها لصالحنا، على الأقل محاولة تطويعها لمصلحة شعبنا الذي ظلم كثيراً، وحرم من حقوقه المشروعة أسوة بباقي شعوب المنطقة.
لكن يبدو أن بعضنا يحول جعلنا غير مؤهلين للتماشي مع متغيرات التطور، فالمصالح الضيقة الحزبية أو المناصبية أو الوجاهية أو المادية هي التي تتحكم فينا، ومع الأسف أصبحت جزءاً من عقيدتنا، وممارساتنا اليومية، وأصبحت عوامل فرقة بيننا.
قبل فترة علمنا أنه سيعقد مؤتمر في هولير(اربيل) عاصمة إقليم كوردستان، وتفاءلنا خيراً لأن المؤتمر سينعقد تحت رعاية السيد الرئيس مسعود البارزاني، المعروف لدى عموم الشعب الكوردي بحرصه الشديد على عدم التفريط بأي حق من حقوق الكورد، وفي أية بقعة كوردستانية ، وهذا ليس بخاف عند الكورد لأنه قضى عمره مناضلاً في أحضان الثورة، وهو نجل زعيمنا التاريخي المبجل الملا مصطفى البارزاني(رحمه الله).
ما يخيب الآمال، وكالعادة، قيام اللجنة التحضيرية(اسمحوا لي إن سميتها بلجنة “المزاج والمحسوبية”) بإرسال الدعوات إلى الأفراد والأحزاب المختلفة للمشاركة فيها، وحسب العقليات التي تكلمنا عنها، فإنهم أعطوا لأنفسهم الحق بالتحكم في إرسال الدعوات حسب أمزجتهم الخاصة ، ومحسوبياتهم، وفرض إرادتهم وعقليتهم في استبعاد من يريدون، وقد تم استبعاد شخصيات وطنية مشهودة لها، واستبعاد منظمات وروابط معروفة بنضالها وتفانيها في خدمة قضية شعبهم الكوردي، كالمنظمات الحقوقية الكوردية، ورابطة الكتاب والصحفيين الكورد التي ينتسب إليها أكثر من مئتين مثقفا، عانى غالبيتهم الويلات على أيدي الأجهزة الأمنية للنظام السوري بسبب أقلامهم الحرة المدافعة عن الحقوق المغتصبة للشعب الذين هم منه بكل فخر واعتزاز، واقتيد
الكثيرين منهم إلى أقبية الأمن بشكل مهين للكرامة الإنسانية، فهل كل هؤلاء يستحقون الإقصاء، وليس من حقهم المشاركة في رسم الخارطة التي تعيد الحقوق المسلوبة إلى أصحابها، كما تمت دعوة من لا إرث نضالي لهم، بل أناس عليهم الكثير من الشبهات والمآخذ الأخلاقية، ولست بصدد فضحهم وتبيان أسمائهم.
نفس الأمر حصل قبل انعقاد المؤتمر في قامشلو، ولكن بعض الشرفاء الحريصين على المصلحة الوطنية العليا للكورد تداركوا الأمر، فكانت النتيجة تأسيس المجلس الوطني الكوردي في سوريا بحضور كافة أو لنقل غالبية الفعاليات الوطنية على الساحة الكوردية السورية، وتمثيل أعضاء لهذه المنظمات والروابط والأحزاب فيها إلى جانب شخصيات وطنية، مما حدا بغالبية شعبنا إلى التفاؤل والاستبشار خيراً.
وهذه الأعمال إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن اللجنة المنظمة غير نزيهة، ولم تستطع التخلي عن العقلية الإقصائية التي تربى عليها غالبية أفرادها(لكي لا نظلم بعض الشرفاء في اللجنة)، وبذلك أثبتوا أنهم تلاميذ المدرسة البعثية، لأنهم تدربوا في مدارسها، وتربوا وتشربوا من شعاراتها البراقة، بالرغم من تغير المكان والزمان.
في الختام، أوجه التحية للرئيس مسعود البارزاني، وأرجو منه عدم التغاضي عن مثل هذه المهاترات التي تحصل في اللجان التحضيرية، ومحاسبة المسيئين منهم، لئلا تتجه مؤتمراتنا إلى الجهة المعاكسة لهدف انعقادها.
أؤكد أن هذا الكونفرانس لا يمثل جاليات الخارج، فنحن ففي دولة الإمارات لم نبلغ بالدعوة إليه، كما أن بلدان أخرى علمت انه لم توجه الدعوات لجالياتهم، لذلك ليكن هذا اللقاء تعارفياً، وأرجو ألا يسميه أحد كونفرانس الخارج، لأنه كونفراس أصدقاء ومحسوبي اللجنة التحضيرية التي تبين خلال معرفة البعض منهم أنهم غير جديرين بالثقة، وهذا أقل ما يقال في وصف البعض منهم.

وإن كان هؤلاء لجنة التحضيير للكونفرانس، فأي كونفرانس سينبثق عنه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…