أي جناية يجتنيها الكرد السوريون !

د آلان كيكاني

لا يزال الفكر القومي العربي بطعمه العنصري المر طاغياً لدى شريحة واسعة من الشعب العربي في سورية وهو نتاج نصف قرن من التربية والتوجيه الذيَن مارسهما البعث بحقهم , هذا الفكر الذي أثبت أنه خُلق ليعاكس الأكراد ويناكدهم والدليل أنه يفتقد إلى المنجزات منذ تأسيسه حتى الوقت الراهن فيما عدا ما قام به في رسم الحزام العربي وتعريب المنطقة الكردية , والملفت أن هذا الفكر لم يتوهن في مخيلة البعض في هذه الظروف التي تعرى فيها البعث العربي وبان على حقيقته بقتل الشباب والأطفال والنساء العرب بطرق وحشية قرباناً لكرسي النظام الميمون , بل ازداد هذا الفكر لدى بعض الغلاة لدرجة تمسكهم بالنظام بكلتا يديهم خشية أن يؤثر انهياره سلباً على الواقع العروبي في سورية.
عربيٌ سوريٌ وزميل عمل قريب مني وعلى اتصال يومي بي يقف في المساحة الرمادية من الثورة إن لم يكن في أقصى جهة الشبيحة , ينتمي إلى ذلك الشريط الممتد من اليعربية شرقاً إلى حلب غرباً, أعني المساحة الملاصقة للمنطقة الكردية في سورية والخاملة ثورياً والكارهة للوجود الكردي والمنكرة لحقوق الكرد , والغاضّة طرفها عن سيول دماء أشقائها في حمص وحماة وإدلب .

يقول لي حين الجدال : ”  كيف سنشارك في الثورة وكل يوم نسمع موالاً للكرد السوريين , مرة يشكلون مجلساً خاصاً بهم , وتارة يطالبون بالفيدرالية , وحيناً يجهر بعضهم بالرغبة في الانفصال عن سورية .

وعليه هذا النظام على علاته خير من نظام ديمقراطي يصول فيه الأكراد ويجولون على هواهم في سورية الجريحة ” .
هذا ومثله كثيرون هم أشبه بحارس المرمى الذي ينقض على حذاء المهاجم الخصم الطائر في الهواء تاركاً الكرة تسجل هدفاً في مرماه , لا مشكلة لديهم إن أباد الطغاة بني جلدتهم ولا يهمهم أمر الحرية والديمقراطية ولا قضية الفساد ولقمة المواطن , ولكن الطامة الكبرى في رأيهم تكمن في حصول الكرد على بصيص من حقوقهم .


لا يمكن تبرئة النظام من زرع هذه الفكرة في ذهن هؤلاء فهو الذي يغض الطرف عن الحراك الثوري لشباب الكرد لا لرحمة في قلبه تجاههم بل لأنه يعرف مسبقاً أن هذا الحراك سيثير الكثير من السوريين العرب المشحونين بشحنة قومية طاغية ويرميهم في احضان النظام , وهو الذي أغمض عينه عن تشكيل المجلس الكردي السوري للسبب عينه .

وعليه , أي جرمٍ يجترمه الكرد السوريون بحق الثورة السورية وأي ذنب يقترفونه ! إنهم السبب في عدم انخراط  شريحة واسعة من المجتمع السوري في الثورة إذن !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…