الدروز ماهيتهم ومعتقداتهم

محي الدين عيسو

الدروز فرقة باطنية نشئت في مصر لكنها ما لبثت أن هاجرت إلى الشام وعقائدها خليط من عدة أديان وأفكار يبدأ تاريخها من العام الهجري 408 هـ  حين كشف الحاكم بأمر الله عن مذهب التوحيد الدرزي ، وسلّم قيادة الدعوة لصاحبها حمزة بن علي بن أحمد، وصدر سجل من الأمام الحاكم يدعو الناس إلى كشف عقائدهم بلا خوف ولا تستر.

فكانت ثورة على التقاليد التي ليس لها معنى، والتكليف الذي ليس له مضمون، ولأي مجاز من دون حقيقة.

وأشار الحاكم إلى المؤمنين أن ينفضوا عن أنفسهم غُبار الخوف والتستر لأنهم أحرار فيما يفعلون، ولهم حرية التعبير والخيار في الاعتقاد وقد كان الحاكم بأمر الله قوي العزيمة حازماً، تسلم مقاليد الحكم بنفسه ومارس السلطة بعدالة.

وكان عطوفاً على الرعية، قريبًا من الناس، يُشرف بنفسه على شؤون الحكم ويعمل على تطهير الإدارة والقضاء من الرشوة والفساد، ومكافحة الاستغلال.

كان يستمع إلى شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم بالعدل والمساواة.

وكان يطوف الأسواق ليلًا ونهارًا ليرى بنفسه المساوئ الاجتماعية والأخلاقية ومدى الحاجة إلى الإصلاح، وعمل جهده لإغاثة الناس في أوقات الشدة.

اهتم الحاكم بالعلم وأهله، فكان يدعو الفقهاء والأطباء وأهل الحساب والمنطق ويجالسهم ويستمع إليهم.

تخلى الحاكم عن كل ما يتعلق بالملك من أبهة وفخامة ومظهر، وتخلى عن المظلة المطرزة بالذهب، والمواكب الفخمة والمآدب الحافلة، والحلى والمجوهرات والأحجار الكريمة.

طرح كل ذلك جانباً، وارتدى البسيط من الملبس، واقتصر في الطعام على ما يحتاج إليه الجسد، وزهد في ملاذ الدنيا وركب الحمار بدل الجياد في طوافه بين الناس.

وأمر أن لا يُقبل أحد له الأرض ولا يقبل يده عند السلام.

حاول الحاكم التوفيق بين السنة والشيعة لتوحيد المسلمين، وأنفق بسخاء على ترميم وتشييد المساجد.

وجدد جامع الأزهر المشهور، وهو أول جامع بني في القاهرة.

وسمح للذين اعتنقوا الإسلام جبرًا أو خوفًا من العقاب أو لمكاسب دنيوية أن يعودوا إلى ديانتهم، وأعاد بناء الكنائس والأديرة
يحتفظ الدروز بتفاصيل عقائدهم سرية لا يبوحون بها.

يؤمن الموحدون الدروز أيضا بوحدانية الله لذلك يسمون أنفسهم بأهل التوحيد , و يؤمنون أن الأديان التوحيدية من مسيحية و يهودية و إسلام جميعها متشابهة , و يعتبرون أن جميع طلاب الحقيقة من رتبة الأنبياء فالمفكرين القدماء مثل فيثاغورس يعتبر بمثابة نبي عند الدروز .

الفكر الإلهي عند الدروز في معظمه ذو مصدر غنوصية مستمد من الفلسفة الأفلاطونية المحدثة و بالتالي فإن فكرة العقول و الفيض الإلهي الشهيرة في كتب الغنوصية موجودة في كتبهم العقائدية .
مبادئ الدين الدرزي : حفظ اللسان و حماية الوطن , و الإيمان بالله الواحد .

كما يؤمنون بفكرة التقمص لجميع الأفراد .

لا يقبل الموحدون الدروز التدخين و لا شرب الكحول .

كما لا يسمحون لأفراد طائفتهم بالتزاوج مع أفراد الديانات الأخرى مثل المسلمين و اليهود و النصارى , إلا أن هذا يخترق عند الدروز غير المتدينين سيما في بلدان مثل لبنان .
شعار الدروز نجمة خماسية ملونة ترمز ألوانها إلى المبادئ الكونية الخمسة : العقل (الأخضر) , الروح (الأحمر) , الكلمة (الأصفر) , القديم (الأزرق) , الحلول أو التقمص (الأبيض) ومعتقدات الدروز نتجت من العديد من الجذور الفكرية وأبرزها تأثرهم بالباطنية عموماً وخاصة الباطنية اليونانية متمثلة في أرسطو وأفلاطون وفيثاغورس حيث يعتبرونهم أسيادهم الروحيين ومن أهم الشخصيات الدرزية القديمة واللذين كان لهم الفضل في انتشار المذهب الدرزي :
– الحاكم بأمر الله وهو محور العقيدة الدرزية
– حمزة بن علي بن محمد الزوزني وهو المؤسس الفعلي للعقيدة الدرزية وهو مقدس عندهم بمثابة النبي محمد عند المسلمين
– محمد بن إسماعيل الدرزي المعروف بـ نشتكين كان مع حمزة في تأسيس عقائد الدروز
– الحسين بن حيدرة الفرغاني وهو المبشر بدعوة حمزة بين الناس
– بهاء الدين أبو الحسن كان له أكبر الأثر في انتشار المذهب وقت غياب حمزة وقد ألف الكثير من النشرات الدرزية
– إسماعيل بن حامد التميمي صهر حمزة وساعده الأيمن في الدعوة وهو الذي يليه في الدعوة
يعتقد الدروز إن نفوس البشر خُلقت كلها دفعة واحدة، وعددها ثابت لا ينقص ولا يزيد.

عند الموت تنتقل نفس الإنسان إلى جسد إنسان آخرأي يؤمنون بالتناسخ بعد الموت .
وينقسم المجتمع الدرزي المعاصر من الناحية الدينية إلى قسمين:
أولاً : طبقة العقلاء وينقسمون إلى ثلاثة أقسام
اً – شيوخ العقل : الذين يشرفون على أمور الطائفة الدينية ، وهم زاهدون في الحياة يحافظون على طهارة فروجهم ويتزوجون بعقد وشهود ويأكلون من جهدهم ويسوسون العقال في مجالسهم وهم لا يشربون الخمر ولا يدخنون ولا يأكلون إلا القليل من الطعام
ب – المتنسكون : يعيشون في خلوات زاهدون في الدنيا منصرفون للعبادة والعلم يمتنعون عن أكل اللحم وشرب المسكرات والتدخين ولا يتزوجون
جـ – الأجاويد – يطلق على الرجل المتدين من العامة حيث أن صفاته وأخلاقه مثل شيوخ العقل والمتنسكين وهو رجل صادق يكره الكذب والبهتان لا يشرب الخمر ولا يدخن
ثانياً : طبقة الجهال هؤلاء لم يأخذوا دينهم بعد ولا يعرفون من أمور الدين الباطنية ولا يسمح لهم بحضور المجلس الديني إلا في عيد الأضحى المبارك وهم كبقية الناس لا قيود على لباسهم ومأكلهم ومشربهم فهم يشربون الخمر ويدخنون
ومن بعض العادات عند التوحيد الدرزي حيث  لا يقومون بأي من العبادات والطقوس الإسلامية فلا يصومون في رمضان ولا يحجون إلى بيت الله الحرام ، ولا يزورون المسجد ولكنهم يزورون الكنيسة المريمية في قرية معلولا بمحافظة دمشق.

إذ أنهم لا يؤمنون أصلا بمحمد عدا عن أنهم يؤمنون بان الصلاة هي طريق للإيمان وليست هدفا للحياة كما يوجب على الموحدين أن يتزوجوا من بعضهم البعض.

والزواج في شريعة التوحيد يجب أن يكون مبني على المحبة، الائتلاف، الإنصاف، العدل والمساواة.

لذلك منع تعدد الزوجات لأن ذلك يقضي على الإنصاف والعدل والمساواة.

وشروط الزواج هي أن يتعرف الزوجين على حقيقة بعضهم البعض، سواء من حيث الحالة الصحية أو الروحية أو العقلية.

وإذا حصل الزواج وجب أن يعامل الزوجين كلاهما الآخر بالمساواة والعدل.

واجب الزوج أن يساوي زوجته بنفسه وينصفها مما يملك.

وعلى الزوجة أن تسير على الطريقة التي درج عليها الزوج وبمقتضى خطته بالحياة، وأن تبني بيتها على المبادئ التي يمشي عليها في الحياة، شرط أن تكون إرادة الزوج مبنية على الإنصاف والعدل غير مناقضة لحقوق الزوجة وحريتها كإنسان.

ولكلا الزوجين الحق في طلب الطلاق، وبعد الطلاق لا يحق لهم الزواج من بعضهم البعض.

إذا طلب أحد الزوجين الطلاق من دون أسباب موجبة يحق للآخر أن تحصل أو يحصل على نصف ما يملكه أو تملكه طالب أو طالبة الطلاق
من زعماء الدروز المعاصرين :
–  الشيخ علي جنبلاط الكردي الأصل أحد أمراء مدينة كلس وهم أكراد أيوبية وقد أسست هذه الأسرة حزب القيسيين
– كمال جنبلاط زعيم سياسي لبناني وقد أسس الحزب التقدمي الاشتراكي استشهد سنة 1977 مـ
–  وليد جنبلاط وهو خليفة والده في زعامة الدروز وقيادة الحزب
– الدكتور نجيب العسراوي رئيس الرابطة الدرزية في البرازيل
– عدنان بشير رشيد رئيس الرابطة الدرزية في أسترالية
من المعارك التي خاضها الدروز في سوريا ضد الاحتلال الفرنسي  :
– معركة الكفر في شهر تموز سنة 1925
– معركة جوفنيل كانت هذه المعركة بداية المعارك الكبرى في جبل الدروز الذي سمي جبل العرب وهي بداية الثورة السورية الكبرى
– معركة المزرعة حيث تعرف هذه المعركة بحملة الجنرال ميشو
–  معركة الجبل التي قادها سلطان باشا الأطرش
المصادر :
– كتاب صابئة حران والتوحيد الدرزي – محمد عبد الحميد الحمد
– موقع الإسلام أوين لاين

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…