صُيّاد الأزمة السورية

عمر كوجري

ثمة أناس يشبهون إلى حد كبير وطاويط الليل، يكرهون الشمس ويعشقون الظلمة، لأنهم في الأصل لم يكونوا بشراً أسوياء، وبالتالي تتوضح معالمهم «الوطواطية» أوقات العتمة التي تبعث على الخوف والرهبة، أي أوقات الأزمات التي تمر بالمجتمع.
في البلد، لا يستطيع أحد أن ينكر- مهما أوتي من مهارة- وجود أزمة وطنية كبيرة وعميقة،

سواء أكان من المعارضة أو النظام، المعارضة بكافة أطيافها وتشكلاتها وألوانها، الموجودة في الخارج لأسباب خارج إرادتها أو الموجودة في الداخل وصاحبة الإرث” النضالي ” الكبير والحاملة لأخبار وآلام السجون والأقبية في زمن مضى، أو تلك المعارضة التي يقيسها النظام بترمو متره الشخصي،

 

 كل هؤلاء يقرون بوجود أزمة كبيرة، وحتى النظام ولو أنه يكابر في التصريحات لكنه وفي خلوة مع الذات يعي ان التصريحات الإعلامية شيء وواقع الحال يقول شيئاً آخر مختلف تماماً عن واقع المكابرة الذي لم يجد حلاً إلى اللحظة لاستعصاء الحالة السورية.

وتكاد الأوضاع في الأسابيع الأخيرة أن تصبح أزمة مستعصية على الحل، وفي ظل هذا الوضع الشاذ الذي تمر به سوريا، وفي ظل هذا الاستعصاء الوطني المؤلم، ظهرت شرائح من المجتمع لم تكن تملك أصلاً تاريخاً مشرفاً، لذا لم تكن تصرفاتها مدعاة لعنصر المفاجأة، لكن الحيرة أتت فقط من جانب الاستغلال، استغلال وضع البلد.
لقد ظهرت مجموعة في وقت الأزمة، قليلي الضمير، والوجدان والكرامة، هؤلاء الذين يتباكون على الوطن، وهم كالحرباوات التي ترسم لسحناتها المتجيفة والنتنة ألف لون ولون في كل لحظة، فمع مناصري النظام هم مناصرون إلى أبعد حد، ومع الحراك الشعبي أوالانتفاضة او الثورة – سمّها ما شئت- لا يجدون غضاضة في إشهار تأييدهم لمطالب المتظاهرين ونشدانهم الحرية والفضاءات الفضلى سياسياً واقتصادياً وعلى مجمل مناحي الحياة، ويحلمون- كما يدعون- أنهم مع سورية جديدة ومتجددة بحق!.
انطلق هؤلاء، لا يملأ عيونهم كل تراب الأرض جشعاً واستغلالاً، وأراد هؤلاء الليليون الأفاقون أن يسطوا حتى على أوجاع وآلام السوريين.
انشغال النظام – الدولة بالحراك الشعبي، أبان خاصرتها لهؤلاء الصائدين في عكارة مياه الأزمة، ففي أيام قلائل كنت تدخل حياً شعبياً بالمعنى المخالفاتي للكلمة حتى كنت تشعر بدوار بل بإقياء حيال البناء الذي عُمّر على عجل وفي غير غفلة من موظفي البلديات الذين كانوا يأخذون المعلوم، وينصرفون دون أن يهدوا حائطاً، أو يكسروا بلوكةً واحدةً، لقد انتعش البناء المخالف في أحياء المخالفات بشكل سرطاني، ومخيف، وفي الطرف الآخر انتعشت تجارة مستلزمات البناء، وحلقت الأسعار كثيراً.
ومع انشغال الدولة، انشغل التجار أو الحيتان الكبار بوضع موادهم في أماكن آمنة بعيدة أو حتى قريبة عن أعين موظفي التموين، واستغلوا حاجة المواطنين، ورفعوا أسعارهم أضعافاً مضاعفة دون وازع من ضمير وكل همهم الإثراء الفاحش على حساب حاجة المواطن السوري الذي اكتوى بنيران هذه الارتفاعات المتضاعفة للأسعار.
واستغل بعض هؤلاء أزمة المحروقات، فانتعشت جيوبهم جراء استغلالهم لحاجة المواطن للتدفئة وطهي الطعام وغيرها، فكانوا يشترون جرة الغاز بالتسعير التمويني ليربحوا منها ثلاثة أضعاف أو أكثر، والمثال ينطبق على المازوت وغيره.
وغير هذا كثير..

إنهم المستغلون، والعاصرون لكل الضروع حتى لو كانت ناشفة، هؤلاء عبدة المال والجشع أين موطئ أقدامهم في سورية الجديدة؟!

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…