محمد قاسم ” ابن الجزيرة “
m.qibnjezire@hotmail.com
m.qibnjezire@hotmail.com
من المعلوم أن المجتمع هو تطور للروابط العائلية المتكاثرة والتي تأخذ شكلا أوسع يسمى –عادة مجتمع، ولهذا كان من أهم خصائص التعريف للمجتمع أن يكون على أرض محددة تربط أبناءه علاقات الزواج والتكاثر، ويجمعهم بعض عادات وتقاليد وفولكلور ومعتقدات… مميزة له عن غيره من المجتمعات وله غايات مشتركة ويمارسون أعمالا معينة …
ولذا فإن المجتمعات التي تكون محافظة –عادة- تكون اكثر تماسكا عموما، خاصة إذا كانت صغيرة يسهل التعاون والتواصل المباشر بين أفرادها.
ويضعف هذا التماسك الاجتماعي عند المجتمعات الكبيرة، والتي تتطور في ثقافتها نحو المتغيرات العصرية؛ ومنها سيطرة روح الدولة وهيكليتها – بغض النظر عن مدى عدالتها من عدمها- و هيمنة العلاقات القانونية التي تحل بديلا عن العلاقات الاجتماعية العاطفية والواجب– شعور القرابة والانتماء الى القبيلة أو العشيرة الخ.
والخصائص التي تراكمت زمنيا وفقا لها.
وكلما دخلت عناصر المدينية في بنية الثقافة الاجتماعية زادت العناصر التي تؤثر في خلخلة الصلة الاجتماعية الأصلية المبنية على علاقة الدم ،مما يؤدي الى علاقات متخلخلة تقل فيها القيم الأخلاقية وتغلب فيها قيم المصلحة –في أشكال مختلفة منها الجاه والنفوذ والمال والسلطة السياسية …الخ.
ويتجه أساس البناء الاجتماعي الى بروز الفرد والحرية الفردية على حساب القيم الاجتماعية والروابط القديمة المتجذرة في الحياة الاجتماعية….
هنا نحن أمام مشكلة خطيرة..
فإذا كان تطور الثقافة موازيا بسلاسة لمستوى التطور الاجتماعي ضمن مفهوم الصورة-أو النمط –المدينية، تقل التأثيرات السلبية بفعل وجود آليات قانونية ومقومات الوعي المشترك .
وكلما كان تطور الثقافة متخلفا عن مستوى التطور الاجتماعي-ونقصد هنا دخول عناصر التكنولوجيا في حياة المجتمع بالدرجة الأولى وتأثيراته – فإن المشكلات تتفاقم في هذا المجتمع … وتصبح الشخصية فيه مرتبكة …
وقد يساهم في ذلك وجود سلطات ضعيفة- أو غريبة عن الشعوب- تحكم بقوة تستمد مقوماتها وعناصرها من وسائل مباشرة أو غير مباشرة..والإشاعة واحدة من الوسائل غير المباشرة والتي تتبعها النظم المتخلفة، والتي تشعر بعدم شرعيتها، سواء نتيجة انقلابات، أو انتخابات مزورة أو غير ذلك…فتلجأ الى وسيلة -هي موجودة في كل المجتمعات عادة ولكنها تكون اكثر في هذا النموذج من السلطات غير الشرعية والمستبدة عادة..- هذه الوسيلة هي “الإشاعة”
إذا تتبعنا طبيعة الإشاعة والبيئة التي تنمو فيها يمكننا تشخيص الحالات التالية:
– المجتمع المتخلف والذي تزداد الأمية فيه،وغالبا يكون مرتبطا بقناعات غيبية دينية أو اجتماعية –أسطورية…فالجهل يسهل تفسير الظواهر والمشكلات عن طريق التفسير الأسطوري الذي لا يحتاج الى منطق وضوابط معيارية؛ تفتقر إليها الذهنية في مثل هذه المجتمعات عادة.
– المجتمع الذي تقل فيه الضوابط الدينية الواعية-والأخلاقية المتماسكة … نتيجة تطور مشوه للعلاقات فيها ،( ومن بعض أسبابها التعامل مع السياسة وقيمها دون كفاءة في الوعي والنضج الشخصي ).
– المجتمع المحكوم من نظم من شعوب أخرى…كما كانت الظروف في العهود الاستعمارية الغربية… وفي الوقت الحاضر الظروف الاستعمارية المباشرة زالت ولكن آثارها لا تزال قائمة عن وعي أو غير وعي..
وفي المجتمع الكوردي حالة شبيهة.فهو محكوم من فارس والترك والعرب..
وهذه جميعا جاهدت لامحاء القومية الكوردية بمختلف الوسائل ومنها وسيلة الإشاعة.
ومن الطبيعي أن طبيعة الإشاعة ،والتي أهم خصائصها
1- عدم معرفة المصدر
2- غموض الصياغة أو صياغتها على ضوء الحالة الثقافية الاجتماعية السائدة…ومنها ظروف الصراعات الاجتماعية والسياسية وتهيؤ النفس لتقبل ما يقال عن المختلف أو الخصم…لاسيما إذا كانت الحالة تنتمي الى اختلافات وخلافات سياسية –وهذه ظاهرة قائمة في المجتمع الكوردي –بكل أسف…
على الرغم من أن الحالة كانت موجودة في ظروف اجتماعية أخرى قبل أن تنتشر الثقافة ا لسياسية القاصرة- الشعبوية- فإن الآليات الدينية ورموزها –المشايخ والعلماء …والآليات الاجتماعية ورموزها- رؤساء القبائل والشخصيات الاجتماعية المعتبرة ومنهم الحكماء….ونمط التربية الأخلاقية عموما والتي كان التدين حاضنا لها –على الرغم من نواقص لا تنكر اجتماعيا وإداريا –أو لنقل سياسيا بمعنى ما-
هذه الآليات كانت من العوامل التي تحيط بها وتمنع سهولة انتشارها وتحاسب مصادرها بشكل أو بآخر…
لكن الظروف المختلفة والتي غلّبت الثقافة السياسية القاصرة- الشعبوية– وانحسار القيم الأخلاقية الضابطة اجتماعيا ، وتسهيل أجهزة أمنية أهم أسلحتها هي الإشاعة ….فضلا عن الاستعداد النفسي نتيجة الظروف التي أشرنا إليها، سواء أكانت فردية أو اجتماعية –ومنها السياسية طبعا-
هذه العوامل جعلت من الإشاعة عنصرا متضخما وفاعلا ومستخدما بلا حساب في الحياة الاجتماعية والحياة الاجتماعية الكوردية خاصة للأسف.
وأهم المستفيدين حتما هم المتحكمون في المجتمع وعلى رأسهم الأجهزة الأمنية، ومن ثم بعض السياسيين- وشخصيات اجتماعية- المرتبطين بهم مباشرة أو بشكل مباشر..أو الذين يحملون عبئا لا يستطيعونه فيقون في حبائل الآخرين بسهولة..ويتحولون –مجانا-الى أعداء لمجتمعهم وشعوبهم وربما وطنهم أيضا.
فضلا عن مجتمعهم المباشر في العلاقات اليومية التي يفترض أن لا تكون للسياسة دور مباشر فيها، كالقرابة والصداقة والجيرة والتعاملات الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والعادات ..الخ.
لكن من المؤسف أن الأيديولوجيا تتدخل في كل هذا بروح سلبية لا ايجابية كما يحاول الدين مثلا أن يفعل.نجح ام لم ينجح…فالاتجاه فيه- التدين- هو نحو الايجابية في الأساس، بخلاف الأيديولوجيا المصنوعة لغايات محددة سلفا من أصحابها وهي الهيمنة والتحكم..
ولعل أول إشاعة في التراث الإسلامي كانت “حادثة الإفك” مع السيدة عائشة بنت أبي بكر-زوج الرسول صلى الله عليه وسلم.والتي جاء القرآن بآية تكذبها، فرفعت مقام السيدة عائشة بدلا من الحط من شانها.وقد تخدم الإشاعة –أحيانا –الذين أطلقت بحقهم من حيث لا يدري مطلقوها.
“إذا أراد الله نشر فضيلة=أتاح لها لسان حسود”
لذا عندما جاء الرسول ليبشرها ببراءتها من خلال القرآن، وقال لها والدها قبلي يد الرسول قالت:
“لا أقبل يده، فبراءتي من الله وليست منه..لقد عشت زمنا طويلا وأنا احترق بلهيب الإشاعة الأليمة فلم يطيب خاطري …ويخفف عني عبئها فالفضل لله وليس له.وهذا موقف نسوي قوي وحر كما نلاحظ.
وطبعا لا ينبغي أن ننسى أن الإشاعة سلاح يمكن أن يستعمل ضد أي احد..فلا يفرح أحد بأنها خدمته اليوم –أو وافقت هواه- لأنها قد تصيبه غدا .
ويضعف هذا التماسك الاجتماعي عند المجتمعات الكبيرة، والتي تتطور في ثقافتها نحو المتغيرات العصرية؛ ومنها سيطرة روح الدولة وهيكليتها – بغض النظر عن مدى عدالتها من عدمها- و هيمنة العلاقات القانونية التي تحل بديلا عن العلاقات الاجتماعية العاطفية والواجب– شعور القرابة والانتماء الى القبيلة أو العشيرة الخ.
والخصائص التي تراكمت زمنيا وفقا لها.
وكلما دخلت عناصر المدينية في بنية الثقافة الاجتماعية زادت العناصر التي تؤثر في خلخلة الصلة الاجتماعية الأصلية المبنية على علاقة الدم ،مما يؤدي الى علاقات متخلخلة تقل فيها القيم الأخلاقية وتغلب فيها قيم المصلحة –في أشكال مختلفة منها الجاه والنفوذ والمال والسلطة السياسية …الخ.
ويتجه أساس البناء الاجتماعي الى بروز الفرد والحرية الفردية على حساب القيم الاجتماعية والروابط القديمة المتجذرة في الحياة الاجتماعية….
هنا نحن أمام مشكلة خطيرة..
فإذا كان تطور الثقافة موازيا بسلاسة لمستوى التطور الاجتماعي ضمن مفهوم الصورة-أو النمط –المدينية، تقل التأثيرات السلبية بفعل وجود آليات قانونية ومقومات الوعي المشترك .
وكلما كان تطور الثقافة متخلفا عن مستوى التطور الاجتماعي-ونقصد هنا دخول عناصر التكنولوجيا في حياة المجتمع بالدرجة الأولى وتأثيراته – فإن المشكلات تتفاقم في هذا المجتمع … وتصبح الشخصية فيه مرتبكة …
وقد يساهم في ذلك وجود سلطات ضعيفة- أو غريبة عن الشعوب- تحكم بقوة تستمد مقوماتها وعناصرها من وسائل مباشرة أو غير مباشرة..والإشاعة واحدة من الوسائل غير المباشرة والتي تتبعها النظم المتخلفة، والتي تشعر بعدم شرعيتها، سواء نتيجة انقلابات، أو انتخابات مزورة أو غير ذلك…فتلجأ الى وسيلة -هي موجودة في كل المجتمعات عادة ولكنها تكون اكثر في هذا النموذج من السلطات غير الشرعية والمستبدة عادة..- هذه الوسيلة هي “الإشاعة”
إذا تتبعنا طبيعة الإشاعة والبيئة التي تنمو فيها يمكننا تشخيص الحالات التالية:
– المجتمع المتخلف والذي تزداد الأمية فيه،وغالبا يكون مرتبطا بقناعات غيبية دينية أو اجتماعية –أسطورية…فالجهل يسهل تفسير الظواهر والمشكلات عن طريق التفسير الأسطوري الذي لا يحتاج الى منطق وضوابط معيارية؛ تفتقر إليها الذهنية في مثل هذه المجتمعات عادة.
– المجتمع الذي تقل فيه الضوابط الدينية الواعية-والأخلاقية المتماسكة … نتيجة تطور مشوه للعلاقات فيها ،( ومن بعض أسبابها التعامل مع السياسة وقيمها دون كفاءة في الوعي والنضج الشخصي ).
– المجتمع المحكوم من نظم من شعوب أخرى…كما كانت الظروف في العهود الاستعمارية الغربية… وفي الوقت الحاضر الظروف الاستعمارية المباشرة زالت ولكن آثارها لا تزال قائمة عن وعي أو غير وعي..
وفي المجتمع الكوردي حالة شبيهة.فهو محكوم من فارس والترك والعرب..
وهذه جميعا جاهدت لامحاء القومية الكوردية بمختلف الوسائل ومنها وسيلة الإشاعة.
ومن الطبيعي أن طبيعة الإشاعة ،والتي أهم خصائصها
1- عدم معرفة المصدر
2- غموض الصياغة أو صياغتها على ضوء الحالة الثقافية الاجتماعية السائدة…ومنها ظروف الصراعات الاجتماعية والسياسية وتهيؤ النفس لتقبل ما يقال عن المختلف أو الخصم…لاسيما إذا كانت الحالة تنتمي الى اختلافات وخلافات سياسية –وهذه ظاهرة قائمة في المجتمع الكوردي –بكل أسف…
على الرغم من أن الحالة كانت موجودة في ظروف اجتماعية أخرى قبل أن تنتشر الثقافة ا لسياسية القاصرة- الشعبوية- فإن الآليات الدينية ورموزها –المشايخ والعلماء …والآليات الاجتماعية ورموزها- رؤساء القبائل والشخصيات الاجتماعية المعتبرة ومنهم الحكماء….ونمط التربية الأخلاقية عموما والتي كان التدين حاضنا لها –على الرغم من نواقص لا تنكر اجتماعيا وإداريا –أو لنقل سياسيا بمعنى ما-
هذه الآليات كانت من العوامل التي تحيط بها وتمنع سهولة انتشارها وتحاسب مصادرها بشكل أو بآخر…
لكن الظروف المختلفة والتي غلّبت الثقافة السياسية القاصرة- الشعبوية– وانحسار القيم الأخلاقية الضابطة اجتماعيا ، وتسهيل أجهزة أمنية أهم أسلحتها هي الإشاعة ….فضلا عن الاستعداد النفسي نتيجة الظروف التي أشرنا إليها، سواء أكانت فردية أو اجتماعية –ومنها السياسية طبعا-
هذه العوامل جعلت من الإشاعة عنصرا متضخما وفاعلا ومستخدما بلا حساب في الحياة الاجتماعية والحياة الاجتماعية الكوردية خاصة للأسف.
وأهم المستفيدين حتما هم المتحكمون في المجتمع وعلى رأسهم الأجهزة الأمنية، ومن ثم بعض السياسيين- وشخصيات اجتماعية- المرتبطين بهم مباشرة أو بشكل مباشر..أو الذين يحملون عبئا لا يستطيعونه فيقون في حبائل الآخرين بسهولة..ويتحولون –مجانا-الى أعداء لمجتمعهم وشعوبهم وربما وطنهم أيضا.
فضلا عن مجتمعهم المباشر في العلاقات اليومية التي يفترض أن لا تكون للسياسة دور مباشر فيها، كالقرابة والصداقة والجيرة والتعاملات الاقتصادية والعلاقات الاجتماعية والعادات ..الخ.
لكن من المؤسف أن الأيديولوجيا تتدخل في كل هذا بروح سلبية لا ايجابية كما يحاول الدين مثلا أن يفعل.نجح ام لم ينجح…فالاتجاه فيه- التدين- هو نحو الايجابية في الأساس، بخلاف الأيديولوجيا المصنوعة لغايات محددة سلفا من أصحابها وهي الهيمنة والتحكم..
ولعل أول إشاعة في التراث الإسلامي كانت “حادثة الإفك” مع السيدة عائشة بنت أبي بكر-زوج الرسول صلى الله عليه وسلم.والتي جاء القرآن بآية تكذبها، فرفعت مقام السيدة عائشة بدلا من الحط من شانها.وقد تخدم الإشاعة –أحيانا –الذين أطلقت بحقهم من حيث لا يدري مطلقوها.
“إذا أراد الله نشر فضيلة=أتاح لها لسان حسود”
لذا عندما جاء الرسول ليبشرها ببراءتها من خلال القرآن، وقال لها والدها قبلي يد الرسول قالت:
“لا أقبل يده، فبراءتي من الله وليست منه..لقد عشت زمنا طويلا وأنا احترق بلهيب الإشاعة الأليمة فلم يطيب خاطري …ويخفف عني عبئها فالفضل لله وليس له.وهذا موقف نسوي قوي وحر كما نلاحظ.
وطبعا لا ينبغي أن ننسى أن الإشاعة سلاح يمكن أن يستعمل ضد أي احد..فلا يفرح أحد بأنها خدمته اليوم –أو وافقت هواه- لأنها قد تصيبه غدا .