خشية أنّ تستيقظ صحيفة الوطن ذات يوم على حلم دومريّ

كرم يوسف

المستقل، مستقل، مستقلة، الاستقلالية، استقل، استقلال…يالها من ألفاظ تحتفظ دائماً بمكانها الدافئ في ذواتنا، لترنّ ذواتنا أجراسها حين مسمع تلك الألفاظ ، كما لو أنّ تلك الألفاظ اليد التي تقرع رهبة كل شييء مستقل لنسمع رنينه………..!
لن أقول أنيّ أول من اشترى صحيفة الوطن اليومية المستقلّة في أوّل يوم لصدورها لأنّي أعيش في مدينة الشّمال، قامشلو، ولكن سأقول : إنَّ فرحتي بقراءة جريدة ” الوطن” كانت بدرجة فرحة أخي، و “مواطني” الدمشقيّ  نفسها ، الذي اشترى الصحيفة قبل أخوته في المدن السورية، لأنَّ كثرة الانتظار تزيد دائماً الحبّ، لا بل تجعل للهفة أكثر من مكان للقاء!

أجل ، بهذا ستكون جريدة الوطن “ضيفاً” متجدداً كل يوم بين أيدي بل في أحضان كل أسرة سورية، ولكلّ منّا أن الحق في شروط استضافته لهذا الضيف.
اختيار اسم ” الوطن” على هذه الجريدة، هو لفتة  جميلة من محرّريها، وأصحابها , لأنها بهذا الاسم تحتضن كلّ أطياف المجتمع السوري، أيضاً كلمة ” المستقلة” التي تلي” جريدة الوطن” هو أيضاً فعل على ردّة فعل إيجابية منّا، ولكن ليس أي ردّة فعل، بل ردّة فعل حبّ.
ولكن، لنقف قليلاً ضمن ما تعنيه جريدة الوطن بـ “المستقلة”، أهو استقلالها المادي، أم استقلالية الفكر والطرح، أم  استقلالية الرؤى والأيديولوجية ، وهذا ما تتضمنه هذه الكلمة، أو بمعنى أدقّ هو الموضوعية، وعدم الإنحياز لأية جهة…..!
وإذا كان المعنيّ بكلمة ” المستقلة” الموضوعية وعدم الإنحياز، فهذا يعني أنّّ جريدة الوطن اختارت السير في طريق جريدة ” الدومريّ” إحدى ضحايا الكلمة المستقلة ، ولكن، إذا اختارت ” الوطن” هذا الطريق ، فهل يعني هذا أنّ أعداد الجريدة – قبل أن تصدر- لن تتعرّض للرقابة، أم أنّها اختارت لنفسها السقف الذي ستحاول من- تحته- وضع اللبنة الأولى في طريق الصحافة السورية المستقلة.
“بوستر” هذه الجريدة المعلّق على ” آرمات الفيليكس” في الشوارع العامة يقول: ” أول جريدة مستقلة منذ أربعة عقود” ، هذا يعني أننا كنا دون إعلام مستقل منذ أربعة عقود، أي ما يعني أننا – السوريين- قبل صدور أعداد هذه الجريدة كنّا نعيش ضمن عالم جرائديّ غير مستقل، أي: إعلام موجّه..!
وهنا أريد أن أسأل : ترى هل ستسطيع جريدة الوطن أن تكون قادرة على ريّ الظمأ الاستقلالي فينا، أي أن نكتب ما نريد، وأن تتبنّى هي الدّفاع عنّا لأنها حملت هذا العبء ، عبء “الاستقلالية/المستقلة” أم أن مقالتي سوف تردّ لأن المعني بالمستقل ليس ما أرسمه- أنا – من حدود لهذه الكلمة، بل ما رسمته هذه الجريدة من حدود لهذه المفردة.
إذاً، كلمة” المستقلة “هي كلمة يصعب إطلاقها على هذه الجريدة ، دون أن تخضع لامتحان، امتحان الشارع السوري بكافة أطيافه.
واسأل ثانيةً: إنَّه كيف يتمّ تعليق إعلانها على” آرمات الفيليكس” في الشوارع العامة وهي مستقلة، لأننا لم نتعود أن نشاهد ما هو مستقل جداً ، في تلك اللوائح الضوئية.
لن أكثر من أسئلتي على هذه الجريدة ، ولكن ليبق المجال مفتوحاً أمام كلّ سوريّ بدءاً بالشرطيّ ، ورجل الرّقابة، و انتهاءً بـ ” كلّ” مواطن حكمه على هذه الجريدة ، في انتظار صفحات الروزنامة المقبلة، دون لجاجة الاستعجال على تقليبها، فالأيام خير من تنبىء بما في رحمها…….!

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…