طبقا لمزاجيات البعض

    احمد عجة

 ثمة أسئلة طرحت في السابق , و تطرح الآن، و كل تلك الأسئلة على الأغلب تتعلق بشكل أو بآخر بالظاهرتين الأبرز حاليا داخل الحركة الكوردية في سوريا و التي صاغتها قيادات فصائل و أحزاب الحركة الكوردية في سوريا و كل على حدى و التي اعتقدت بأنها ترى فيها حلاً أكيدا للازمة التي تعاني منها الحركة الكوردية ككل.

   و على الرغم من استحداث هذين الإطارين و العمل بها وفق إستراتيجيات تلك الفصائل , إلا إن الأزمة ما تزال قائمة و لم يطرأ أي تغيير, لا في العمل التنظيمي و الذي يعتبر الأساسي و الأهم في ارتقاء أي إطار و بالتالي نجاحه على نحو مطلوب , و لا في سلوكية هذين الإطارين في التعامل مع الأزمة الراهنة من جهة , و من جهة أخرى لا في التعامل مع بعضهم البعض ضمن الإطار نفسه.
   و من هنا , و باعتقادي , بان الأمر لا يتعلق بطبيعة هذه الأطر بصفة مباشرة , بقدر ما يتعلق بصورة أساسية بطبيعة هذه المحاولات التي فرضتها قيادات الفصائل الكوردية من اجل تجميع القوى ذاتها و التي هي في النهاية أجنحة من تنظيم الأم , و لا تقتصر هذه المحاولات في نظري فقط بمدى نجاح تطبيق الأطر ذاتها و توظيف قواها الذاتية لمصلحة جماهيرها التي هي في الواقع المحرك الأساسي لأي إطار فعال , بقدر ما هنالك و ربما لغاية واحدة, و هي رغبتها في امتلاك صفة الشرعية لقيادة المرحلة أو الهروب من شبح العزلة التي تفرضها الفصائل الكوردية على بعضها البعض.

و بالفعل هذا ما حدث مع أحزاب و فصائل الحركة الكوردية حين بادرت القيادات الكردية إلى تسجيل اسم فصيلها في قائمة إحدى هذين الإطارين و كأن لسان حالها يقول “الحالة تستدعي هذا التوقيع” .

   أنا متفق تماما , و بصفة أساسية على طرح أي إطار من جانب الفصائل الكوردية بوصفها شعار استراتيجي, و لكني لا اتفق مع هذه الفصائل من حيث أسلوبها في التعامل من جهة , و من جهة أخرى من حيث أسلوبها في تأطيرها الخندقي أو ضمن اطر شكلية و على الأغلب محورية , و كما هو معروف إن من طبيعة المحاور لا يمكنها بأي شكل من الأشكال أن تستوعب الخصوصية التي تمتاز بها الحركة الكوردية في سوريا, و من جانب آخر حين ننظر في الدعوات التي تطلقها الفصائل الكوردية بعد حين و آخر ونتأمل طبيعة ومنطق هذه الدعوات يبادر إلى الذهن تساؤلات عدة:
–         هل هناك إمكانية في استمرار هذه الأطر في ظل هيمنات بعض الفصائل على الأخرى ؟
–         ألا تستدعي الحالة الراهنة إلى توحيد الخطاب السياسي و ذلك لاعتبارات تخص و قبل كل شيء “الأمن القومي الكوردي” ؟
–         ماذا تعني تجميع القوى ضمن الأطر المحورية طبقا للطفرات و وفق مزاجيات هذه الفصائل ؟
–         أليست هذه آلية دفاعية يحتمي بها القيادات الكوردية نفسها ؟ لذلك نستنتج بان أغلبية الفصائل الكردية و عبر أطرها تبحث عن معادلة توفيقية تكاد أن تكون مستحيلة  لتبرر جملة الأخطاء التي ارتكبتها خلال مسيرتها النضالية و على كافة المستويات.
و السوائل الذي يطرح نفسه, هل بإمكان هذه الأطر بشكلها الحالي أن تحدد مسار الحركة الكوردية في سوريا و تعطيها القدرة على إنجاز مهامها الوطنية و القومية على أكمل وجه ؟ أم إن مهمة هذه الأطر الأنفة الذكر و التي أوجدتها القيادات الكوردية تكمن قبل كل شيء الهروب من مسؤولياتها الحزبية و تبرئة ذمتها أمام الشعب الكوردي المناضل.
و أمام كل هذا, و برأي إن نجاح أي إطار يجب أن يستند بالدرجة الأولى على العامل الذاتي و لكن ما يبدو , ومع الأسف الشديد إن العامل الذاتي حتى الآن غير متوفر بسبب تلك الإشكاليات التي أوجدتها القيادات الكوردية, إضافة إلى ذلك الصراعات الحزبية الضيقة والخلافات الجانبية بين القيادات أنفسهم و بالتالي رافقت هذه الآفة المميتة مسيرة الحركة الكوردية على مدى عقود عديدة  و وقفت عائقا أمام عاملها الذاتي والذي يعتبر في الأساس أرضية خصبة للتفرد في خصوصيته و استقلاليته.
   2122012

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…