البيان التأسيسي لحركة الشباب الكردي السوري (TXKS)

لعب الشعب الكردي دوراً هاماً إلى جانب القوى الوطنية الأخرى في تحقيق الاستقلال الوطني ومقارعة قوى الاستعمار، وشارك في بناء وإدارة الدولة إلى أن جاءت القوى الشوفينية التي ادعت العروبة وهي بريئة منهم، فأبعدت الكرد ومنعتهم من ممارسة حقوق المواطنة مستخدمة جملة من القوانين الاستثنائية العنصرية وكافة أشكال التمييز القومي.
فكان من الطبيعي أن تتشكل تنظيمات كردية تطالب بحقوق الشعب الكردي في العيش بحياة كريمة، وسجلت بذلك دوراً تاريخياً بارزاً وقامت بنشر الوعي القومي وروح التضحية، لكن النظام الدكتاتوري قام بملاحقة الحركة الكردية وعمل على تفتيتها وشرذمتها بكل الوسائل، بذلك تجاوزت عدد التنظيمات والأحزاب إلى أكثر من سبعة عشر 17 حزباً،
وحاول إبعادها عن المشاركة في الحياة السياسية مع القوى العربية، مما أدى إلى عزلة الحركة الكردية عن فضائها الوطني، فلم تتمكن من التواصل مع الآخرين نتيجة السياسة المتبعة تجاههم.
واستمر الوضع هكذا حتى عام 2004 عندما ارتكبت السلطة مجزرة القامشلي، فكانت بداية البداية لعودة التواصل مع القوى الوطنية السورية الحريصة على تحقيق التغيير والانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، فتشكلت بذلك ائتلافات وتحالفات جديدة توثقت فيها القضية الكردية وتم الاعتراف بالكرد وبحقوقهم لأول مرة (ربيع دمشق- إعلان دمشق) لكن سرعان ما تحول هذا الربيع إلى خريف بائس بعدما قامت السلطة بحملة اعتقال على نطاق واسع في صفوف القوى الوطنية والكردية وحكمت على بعضٍ منهم بأحكام قاسية بتهم ملفقة مما شكلت هذه الحالة المقدمة الطبيعية لانتفاضة الشعب السوري التي نعيشها عندما تهيأ لها المناخ العربي الذي انطلق من تونس وامتد إلى دولٍ عربية أخرى( مصر، اليمن، ليبا، البحرين، سوريا).

فخرج الشباب السوري إلى الشارع بصدورهم العارية، يطالبون بالحرية والكرامة، ثورة واجهتها السلطة بالرصاص الحي منذ البداية ومارست القمع والقتل والاعتقال وازداد عدد الشهداء وتجاوز عدد المعتقلين عشرات الآلاف وامتدت الاحتجاجات إلى كل المدن والبلدات السورية، ورفع الثوار خلالها شعار إسقاط النظام ورفض الحوار معه.
تفاعل الشباب الكرد مع الثورة في مناطق التواجد الكردي وشاركوا فيها، لكن الأحزاب الكردية لم تتحرك ولم تتفاعل وعزلت نفسها في زاوية ضيقة ، دون أن تدرك مدى خطورة الموقف على المجتمع السوري أولاً والمجتمع الكردي ثانياً رغم أن بعضهم شارك باستحياء في بعض الأماكن من باب رفع العتب، فتوجهت الانتقادات المعلنة وغير المعلنة إلى هذا الموقف في كل مناطق سوريا دون استثناء، لأن الناس كانوا ينتظرون من الكرد دوراً أكثر فاعلية كما عهدوهم عبر التاريخ السوري الوطني.

وجاء إعلان المؤتمر الوطني الكردي بعد مرور أكثر من سبعة أشهر من الثورة السورية بادرة خير تحمل في طياتها كثيراً من الآمال، ولكنه جاء بمقرراته دون طموحات الشعب الكردي والحراك الشبابي الثوري.
من هنا أراد الشباب الكردي أن يؤسس موقف سياسي كردي وطني سوري واضح، وزيادة الفاعلية الكردية ومشاركتها في الثورة ودعمها في مناطق التواجد الكردي وغيرها، لذا دعت الحاجة إلى تأسيس حركة شبابية كردية سورية تأخذ على عاتقها أموراً عدة:

1- المجال الوطني السوري:
تعمل الحركة على التفاعل مع القوى الوطنية الأخرى وقوى شباب الثورة وشباب الكرد في إقامة دولة ديمقراطية مدنية تعددية تقوم على أساس المواطنة المتساوية دون تمييز على أساس القومية والدين…يكون الجميع فيها متساوون في الحقوق والواجبات وتحترم فيها حقوق الانسان كاملة كما أقرت في الشرائع الدولية.

2- المجال الاجتماعي والاقتصادي:
نظراً للأوضاع السيئة للمجتمع الكردي الذي أمعنت السلطة في قهره وإبقائه في حالة من الفقر والتخلف وإغلاق أبواب العمل والتوظيف في قطاعات الدولة وقطع مصدر رزقه ودفعه للهجرة، لذلك تعمل الحركة على إزالة الأسباب التي أدت إلى ما سبق ذكره، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية للشعب الكردي خاصة والمجتمع السوري عامة.

3- المجال القومي:
– تعمل الحركة على تنمية الروح القومية التي تنمي الشعور بالمسؤولية المنفتحة تجاه شعبنا وتجاه الآخرين، والحفاظ على العلاقات الأخوية مع القوى الكردية والعمق الكردي على أساس الاحترام المتبادل.
– تعمل الحركة على تأمين الحقوق المشروعة للشعب الكردي الذي يعيش على أرضه، حسب المواثيق الدولية.
– تعمل الحركة مع قوى الثورة السورية والقوى الديمقراطية على حل القضية القومية للشعب الكردي حلاً ديمقراطياً عادلاً ، بما يلبي تطلعات أبناء شعبنا في سوريا والحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً.
– تمتين الروابط الأخوية والتفاعل مع كافة مكونات الشعب السوري وتحقيق المساواة للجميع أمام القانون والعمل معاً لبناء سوريا ديمقراطية ينعم الشعب فيها بالحرية.
لذلك ندعو الشباب وكافة أطياف الشعب الكردي الالتفاف حول حركتنا حركة الشباب الكردي السوري التي انطلقت للتعامل في كل المستويات برؤية متمعنة وعقلية منفتحة والابتعاد عن الصراعات والنزاعات التي لا جدوى منها مع الأحزاب والقوى الموجودة على الساحة، وندعو الجميع إلى التحاور والتفاهم وإتباع الأسلوب الحضاري في التعامل مع الآخر والاعتراف به مهما كانت مكانته في المجتمع ومهما كانت وجهات نظره.

دمشق/ أواخر تشرين الأول/ 2011
الهيئة التأسيسية لحركة الشباب الكردي السوري
Tevgera Xortên Kurdê Sorî

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…