بأي حالٍ عدُت يا عزيزنا عبد الرزاق عيد

أمين عمر

فلنفرض إن الداعية الخطير، للحرية والمساواة ، المفكر عبد الرزاق عيد قد فر من فرنسا لاجئاً، هارباً من بطش ساركوزي وشبيحة الأليزية، وقد قطع البحار لينجو بأفكاره النيرة، ليرمي ببعضها في بلاد الكرد ، آملاً أن يجد ملاذاً عند من كان يعتبر إنهم يعتبرونه من أشد أصدقائه ، وهم الكرد الذين قد منّ الله عليهم وبفضل تضحيات بيشمركتهم  بالأمن والسلم ، أفلم يكن من الواجب الإنساني البحت، النظر في أمر هذا الوافد على ديارهم ، وما بالك بهذا الضيف المصقل فكراً و الصديق الوفي من العيار الثقيل للمظلومين وللكرد خصوصاً، ألا وهو المفكر والباحث عبد الرزاق عيد، الأكثر تفهماً لقضيتنا الكردية في سورية .
هل هكذا يستقبل كردستانيونا وهم أهل الكرم والضيافة بمن يلوذ بهم ، غريباً كان أم صديقٌ حميم ، هل هكذا يقدرون أهل العلم والمعرفة ، هل حقاً كانت كردستان قبل أيام..

كردستان، أليس من عادات الكرد أن يتغنوا عشرات السنين بأي شخص قال عنهم كلمة خير دفاعاً عنهم، بل كانت الأمور تصل الإدعاء بكردية أصدقائهم، حباً وتقديراً لهم ولوفائهم ، فماذا حدث لكردستان ..المفروضة إنها كردستان الحرية والمظلومين، كردستان المدرسة الابتدائية للديمقراطية في شرقنا الحزين، لماذا لم تكن كردستان كاسمها كردستان ، لماذا كانت كردستان ..

كردستان البدلة الرسمية و”الدفتر*” وأوامر فظة ووجهة نظر سطحية لمسؤول جاهل بأمور العلم والعلماء ، يتلقى الأمور وينفذها كآلة دون توقف، آلة أضاعت رقمها السري ، ألم يكن من المفترض أن تتسابق باقات الورود على استقبال هذا الصديق في أيام المحن هذا العملاق الممتلئ إنسانية ونبلاً ، ألم يكن الأجدى بهم تكريم هذا الصديق في العديد من المحافل، ولو كان ذاك المسؤول يمتلك أدنى مستوى من الثقافة والإطلاع، لعمل على الأقل على استضافة الرجل على حسابه في غرفة ما في المطار، ضارباً عرض الحائط بقوانين مشفرة لا تعرف وفاءاً وإخلاصاً ، لا تعرف قدر المثقف الإنسان ، هذا إن كانت هناك قوانين تعزم ضيفاً وتطرده من على الباب، فيطلب المسؤول! بمغادرة هذا الصديق من ديارنا المباركة ، كما قوانين العسكر السوريين “نفذ ثم أعترض” ، أي أرجع إلى باريس ثم افعل ما شئت ، بالفعل إنه لأمرٌ صعبٌ إن تكون كردستان ناكرة للجميل، غادرة بأصحابها وهي من غير عاداتها ، حيث كانت ناراً في وجه ضيفها، كما كانت الحمى زائرة ثقيلة في جسد المتنبي، لذا فلم تسع ارض كردستان ضيفها ، وهذا ما لا يبشر بخير .
هل يعرف القائمون على هذا العمل من هو الدكتور عبد الرزاق عيد، وما هي حجم الإساءة للكردايتي قبل الإساءة لضيفها ؟.
هل يدركون خسارة الكرد لمواقف وتصريحات وشهادات كثيرة كان سيفصح عنها الضيف الذي طالما أفصح عنها عيدنا وأصبحت تلازمه و رافقت إنسانيته وتوحدت مع نبله وشجاعته وكانت ستضاف لصالح الكرد، سوريين وعراقيين وتسجل كشهادات قيّمة نواجه بها الآخرين من الحاقدين والظالمين .
هل سبق وسمعتم بمقيمٍ في فرنسا أو سويسرا أو ألمانيا قد أقدم على اللجوء في دولة عربية أو شرقية أو شبه دولة ككردستاننا، فيشككوا بالرجل وكأنه جاء يرمي بنفسه على أبوابهم ، فتعمدوا إهانة الحرية بشخصه.


هل من المفروض في عُرف الشرقيين أن يكون الشخص يشبه سيف الإسلام وماهر الأسد كي يكون معروفاً ، ويشار إليه بالبنان، فيعرفون مقامه وقدره.
إننا بحق نعتبر هذه مؤامرة على سمعة كردستان قبل أن تكون على صديق شعبنا العزيز عيد وعلى الفكر الحر، هناك مؤامرة وهي شديدة الإساءة للكرد ويجب تقديم هؤلاء الشبيحة للمحاكمة وتقديم اعتذار رسمي من مستويات رفيعة.

نحن دائماً نثق بشخص الرئيس مسعود البرزاني الذي طالما أحسسنا بقلبه الكبير وشهامته ويجب عليه قطع دابر التشبيح في كردستان قبل أن ينمو في ديارنا العشرات من أمثال رامي مخلوف وأشباهه.


صديقنا عبد الرزاق عيد، المسؤول هناك لا يمثل الشخصية الكردية لا يمثل العقل الكردي، تقبل اعتذارنا أيها القلب الكبير، فإنا والله لخجلون وحزينون من هكذا موقف.
—————————— 

·         *الدفتر : عشرة آلاف دولار

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…