الدعوة وجهت لي من قبل وزارة الثقافة وفق ما أخبرت به من ممثلية كردستان في باريس …!!.
لماذا تم توقيفكم في مطار إقليم كردستان؟
لم يوجهوا لي أية أسئلة ، بل اكتفوا بجواب واحد أن الوثيقة التي أحملها لا تخولني الدخول لأربيل ، فقلت لهم مادامت وثيقة دعوة من وزارة الثقافة ،فعلى الأقل بإمكانهم الاتصال بوزارة الثقافة للاستفسار ومن ثم التعويل على تصرف وزارة الثقافة كجهة رسمية داعية بنفسها أم باتصالها بالداخلية ، فإذا كان ثمة خطا في الوثيقة التي منحتني إياها القنصلية ، فهذا ليس ذنبي ، وإذا كان لا بد من العقاب فليس بترحيلي ،بل يجب أن تتحمله الجهة التي أصدرت الوثيقة وليس أن أعاقب كمواطن تم الخطأ معه وعلى حسابه ، أي أن أعاقب شخصيا لعدم قدرتي على معرفة كنه هذه الوثيقة بسبب عدم معرفتي باللغة الكردية ؟؟؟ !!!
واتصلنا بالجهة المعنية في باريس ،لكن ضابط المطار لم يمهلني حتى ننتظر تفسير باريس ،فقال مسرعا لا بد من ترحيلك ولم يكن قد مر على الاتصال أكثر من عشر دقائق ،قلت له لننتظر جواب باريس رغم أنكم قلتم أنه بإمكاني البقاء في المطار حتى الصباح الساعة الثامنة للاستفسار كما قال ضابط أمن المطار الذي سيتراجع لاحقا ويطالبني بالمغادرة فورا …وأضفت بأنهم لم يتصلوا بأحد مستفسرين من وزارة الثقافة حول الوضع، فقال لا نستطع أن نبقيك حتى الصباح، فيجب المغادرة فورا مع الطائرة التي ستقلع بعد ساعة هذه هي الأوامر ، ونحن منفذون والذنب ليس ذنبنا …
عندها فهمت عبارة نحن منفذون التي كنت قد سمعتها في البداية ، وذلك عند إصرارهم على ترحيلي وحملهم حقيبتي أكثر من مرة لوضعها على ميزان سفر المغادرة …أي أنني فهمت حينها أن الأوامر هي أوامر أمنية وليست ادارية !!!عندها نبهتهم إلى أن معالجة الأمور بهذه الطريقة لن أستطيع أن أفهمها إلا كونها تدابير أمنية عدائية ضدي كمعارض سوري، وأن الأمر سيقود إلى زعزعة العلاقة بيني شخصيا والشعب الكردي الذي منحني لقب (صديق الشعب الكردي) منذ حوالي ربع قرن، إثر موقفي المندد بتخاذل الأحزاب الشيوعية العربية عن التضامن مع ضحايا (حلبجة)…ودعوت موظفي المطار الذين اجتمع معظمهم حولي بسبب صوتي المرتفع بالاحتجاج ، إذا كانوا لا يعرفوني أن يعودوا إلى الغوغل وأن يكتفوا بقراءة سيرتي الذاتية الفكرية والسياسية والثقافية على موسوعة (ويكيبديا)حيث ستقول لهم الموسوعة ما هو موقعي السياسي والفكري ؟ وتشير لهم أن لدي حوالي أكثر من خمس وعشرين كتابا لا تسمح لي معنويا أن أتسلل بدون (فيزا) إلى أي بلد في العالم كما صدق الأخ صلاح بدر الدين ادعاءات وزير الثقافة والجهات الرسمية للمطار وسأعود إلى ذلك …
لكن ما لبث أن توجه لي أكبر المجموعة الإدارية الأمنية سنا وكان صامتا خلال كل هذه الفترة يراقب عن بعيد … .اقترب مني مزمجرا بلغة عراقية عربية واضحة بأن النقاش قد انتهى وإلا!!! فلا بد من تسفيري فورا لأني لا أحمل (فيزا)، عندها فهمت أن الأمور بلغت حد أني لو اعترضت لربما كنت سأساق إلى الطائرة مخفورا، فسكت بحكم خبرتي في التعامل الطويل مع أجهزة الأمن السورية واتقاني لطريقتهم في التعبير والتفكير والتشبيح، سيما وأني قدرت أنه (المعلم المخابراتي) الذي كان يراقب عن بعد ، فانصعت وسلمت للشرطة أوراقي فأعطوا جواز سفري لإدارة الطائرة تحت رقابة الشرطة … التي سلمتني في استانبول للشرطة التركية، والتي حققت معي بدورها بوصفي متسللا وفق مذكرة مخابرات أربيل …
كان على الشرطة التركية –وفق المذكرة الأمنية الكوردستنانية- أن يضعوني تحت مراقبتهم حتى يسلموني –بدورهم- للشرطة الفرنسية ، وهكذا حتى سلمتني الشرطة الفرنسية أوراقي في مطار باريس وهم يعتذرون مني لكل الإساءات التي تعرضت لها خلال ثلاثين ساعة ،معبرين عن اعتذارهم أن هذا الموضوع غير قادرين على التدخل به (لأنه موضوع سياسي أمني) يجري دائما في الشرق الأوسط ، مؤكدين تنبيههم لي من هكذا مغامرات في المرات القادمة !!!
هل بدر أي تصرف غير لائق من قبل امن مطار الإقليم؟ هل شعرت انك في خطر عند ترحيلك من مطار اربيل؟
-التصرف غير اللائق الوحيد هو قرارهم الحاسم والنهائي وغير القابل للإستئناف ، كما هي محاكم أمن الدولة في دمشق ، حيث تتلى في المحكمة القرارات الصادرة عن الجهات الأمنية العليا من قبل رئيس المحكمة…….ولهذا فقد حكموا فورا وفق الأوامر بترحيلي فورا، مما أشعرني بالمهانة أمام الناس الذين كانوا يمرون أمامي وهم يتساءلون عن هذا الكهل الشايب الموقوف الخارج على القانون والمتصعلك في المطارات الدولية بحثا عن فرصة للعيش أو اللجوء الاقتصادي …رغم أني نبهت رئيس أمن المطار بأنه لا يعقل أن أتصعلك بحثا عن فرصة للرزق في كردستان وأنا مقيم بوضع قانوني وودي بل وتكريمي في باريس ..
شعرت بالمهانة أمام الناس وهم يدخلون الطائرة وأنا أنتحي زاوية تحت رقابة شرطي كردي فقير مظلوم كنت طوال حياتي متعاطفا معه ومع قضيته وحريته وكرامته وإنسانيته وطيبته الكردية التي طالما كنت أرى فيها إرثا وطنيا يجب الحفاظ عليه كقيمة وطنية سورية كردية وعربية معا ، نعم شعرت ببعض المهانة أن أجد نفس في موقع الملاحق الخارج عن القانون ….رغم أني كنت دائما أعتبر أن أية مواجهة مع الأنظمة الديكتاتورية هو شرف، أي أنه شرف لي أن أكون طريد كل بلطجيات وتشبيحيات الأمن والمخابرات في العالم العربي والشرق أوسطي بما فيه الكردي الرسمي والدولتي، مما واجهته في أربيل التي دعيت لها مرات عديدة عندما كنت في سوريا من قبل أصدقاء أكراد ، لكن الظروف لم تتح ليلا أن أستجيب لهذه الدعوات الكريمة، وكان آخرها دعوة كريمة من الصديق صلاح بدر الدين الذي فوجئت بأنه غادره دهاؤه السياسي المعروف.ليصدق الفبركات الإعلامية لأنظمة المخابرات التي خبرها جيدا من قبل في سوريا والعراق …فلا أريد له وهو كبير –وهو الأصدق كرديا مع الراحل مشعل التمو في راديكالية مواجهة نظام الإجرام الأمني التشبيحي الأسدي – أن يصدق أخي صلاح بأني يمكن لي أن أكون (أزعر) وأسافر لدول بدون استئذانها أي (فيزتها) ،أي أني يا أخي صلاح لم أعرض نفسي على حكومة كردستان لكي أحضر هذه الندوة وأنت تعرف مشاغلي ، وأني لم اقرر –مع وضعي الصحي أن أقطع هذه الرحلة مع تبديل في استانبول-لو لم تكن الدعوة من الأصدقاء الذين أحبهم وهم الأكراد الذي بينهم أنفسهم من يأخذ علي (أن ذقني طرية أمام الشعب الكردي) الذي لا أستطيع أن أعتذر عن أي مطلب له لقناعتي بأنه شعب مظلوم ويجب أن لا نرد له طلبا …ولعل أحد عوامل تجاوبي مع هذا اللقاء مع الأخوة الأكراد – على موقع اون لاين هو موقف صديقي صلاح بدر الدين والكثيرين من الأصدقاء الأكراد الذين أحبهم وأحترمهم –ممن صدقوا الرواية الرسمية لحكومة كردستان عبر تصريحات وزير الثقافة كأخي صلاح- ..والحق لولا محبتي لهم ورغبتي بوضعهم في صورة الأمر لما تجشمت عناء الكتابة التفصيلية هذه …ولهذا فأنا أكتب للأصدقاء وليس للرد على الخصوم الذي عادة لا يستحقون الرد ..
.وفي هذا السياق أجد لزاما علي أن أضع الأصدقاء في الصورة الحقيقة لما يحدث ، فقد زارني ممثلو الحكومة الكردستانية في باريس ليعتذروا ويفسروا ما حدث ،فحملوا معهم كل مشاعر الطيبة التي تميز الشعب الكردي ،فراحت ممثلتهم في باريس تعبر عن أسفها بطريقة أشعرتني بالمسؤولية بأنني سببت لمشاعرها العظيمة ألما كبيرا، فأردت أن أعتذر منها وألطف خاطرها ، ووجدتها أكثر مظلومية مني أنا الذي دفع الضريبة …وذلك لأنهم أقنعوها –على الطريقة الشمولية الإرهابية المؤسسة على ثقافة الخوف-بأنها هي السبب في المشكلة التي حدثت ،لكي أتوقف عن القراءة السياسية والأمنية لمسؤولي المطار في أربيل …..فشعرت بتعاطف شديد مع هذا النقاء الضميري الأنسوي لهذه المرأة العظيمة التي كانت تعبر عن شعورها بما أبدوه لها من مسؤولية وتقصير وهي تبكي نبلا ووطنية وإخلاصا لكردستانها المبتلي كغيره من أنظمة العالم العربي والشرق الأوسطي بالاستبداد ،إذ هي تعتبر نفسها –بطريقة ماسوشية متألمة وموبخة للذات- أنها المسؤولة وزميلها الطيب عن هذه المشكلة ،رغم توضيحاتي لها بأن الأجهزة المخابراتية عندما تأخذ قراراتها في عالمنا العربي والكردي والشرق أوسطي، لا تهتم برأيها ولا برأي وزيرها ولا حكوماتها، فالمخابرات في الأنظمة الشمولية تصل بها الأمور أن تحكم رؤساءها أنفسهم كما عبر الوريث الأسدي الصغير عن عدم مسؤوليته عن الإبادة الجماعية للشعب السوري لأنه رئيس وليس مالكا…!!!
هذه البساطة الطيبة التي تميز الضمير الكردي عبر عنه وزير الثقافة بسذاجة ، لكنها سذاجة فظة فوضع نفسه في موقع الدفاع عن (التشبيح الأمني) ليكرر ذات العبارات لمسؤولي أمن المطار بأني لم يكن لدي(فيزا) ، ولم أبلغهم بتاريخ حضوري _وكأني أقتحمت عليهم حدود كردستان اقتحاما وأني لا أصدق متى سيتاح لي ضيافة وزير ثقافتها العتيد –فعندما عبرت له كمدخل للعتاب الأخوي ،بأني كنت أعتبر أن قيام كردستان الديموقراطية سيكون بوابة للديموقراطية في العالم العربي والشرق الأوسطي، وأني حزين لكوني عوملت بهذه الطريقة على حدودها، فأجابني وزير الثقافة (المثقف جدا) ، بأن كردستان بوابة الديموقراطية (غصبا عنك) ، فما كان مني إلا أن أرد بمنتهى البساطة والتلقائية : كنت أظن أن لديكم شبيحة مخابرات كما عندنا في سوريا ….لكن لم أعرف أنه يمكن لوزير ثقافة أن يكون (شبيحا) مثلك يا سيادة وزير ثقافة كوردستان ؟؟؟!!!!
-أما عن سؤال شعوري بالخطر عند ترحيلي من أربيل …فأقول لكم نعم …لأن الطريقة الأمنية التي تم فيها ترحيلي السريع أوحى لي أن ثمة (فخا أمنيا) بين مخابرات كردستان والمخابرات السوري بتوسيط تركي أو عراقي، لكي يسلموني لهم عبر وسيط تركي عميل …فشعرت بأني ربما أكون الصيد الثاني للمخابرات السورية بعد الشهيد الراحل المقدم هرموش ،كما هو معروف موضوع تسليمه لمخابرات الإجرام والتشبيح والقتل الأسدية …وبقيت أعيش هذا الشعور طالما كنت في مطار استانبول ، حتى سلمتني الشرطة التركية للشرطة الفرنسية عند صعودي للطائرة الفرنسية …عندها أحسست بالأمان …أي لم أشعر بالأمان إلا لدى (الافرنج أو الفرنجة) بعد أن خرجت من عالم كوابيس عالم العروبة والترك والكرد والشرق الأوسط عموما ..
هل تم توقيفك في تركيا .
و لماذا؟
-أما عن توقيفي في تركيا فقد حصل كما حدثتكم ، وذلك فقد تم التوقيف بناء وتأسيسا على التقرير الأمني (الكردستاني) ،الذي صورني متسللا، وسلمني مع جواز سفري للشرطة التركية التي كان عليها بدورها أن تسلمني للشرطة الفرنسية …وهكذا حتى دخلت برزخ الغرب (المسيحي –الإمبريالي – دار الكفر الصليبي) الذي سخر من قوانين كردستان وإدارتها، معتذرين مني قائلين بأنهم لا يستطيعون أن يتدخلوا بالشؤون الداخلية السيادية (التشبيحية) لعالم عربستان وكردستان وتركستان وكل عوالم (الشرأوسطستان) ، باعتبار أن قضيتي قضية سياسية –أمنية بامتياز … وأعادوا لي أوراقي معتذرين عن سلوك أهلي في العروبة والكردية و(“الشر” أوسطية) … سقطت (القاف) في كلمة (الشرق) الأولى،لأسباب تتعلق بالهفوات اللاشعورية للقهر الشر-أوسطي …في عالم العروبة والكرد والإسلام …
المصدر: كورداونلاين