النظام السوري يتخبط في بحر من دماء السوريين

أحمـد قاسـم

     كل المحاولات بائت بالفشل لوقف النظام من سفكه لدماء الشعب السوري، فقط لأن النظام يابى ان يترك السلطة للشعب، ويصرعلى بقائه واستمرار حكمه بقيادة بشار الأسد.

ومنذ اندلاع الثورة السلمية تحركت كافة الدول ألإقليمية والمجتمع الدولي بما فيها جامعة الدول العربية لإقناع النظام السوري على التخلي عن خياره الأمني ـ العسكري وتنفيذ تعهداته الإصلاحية،  إلى جانب ترك الجماهير لتعبر عن مطاليبها المشروعة بشكل سلمي، والسماح للمظاهرات الإحتجاجية لكسب ثقة الناس برزمة الإصلاحات التي اطلقها بشار الأسد.
إلا أن إتباع النظام التمسك بالحل الأمني ـ العسكري وقمع المتظاهرين بشكل وحشي، وقتل المحتجين وإعتقالهم بشكل يومي لتخويفهم ، وإفلات العصابات الإجرامية من الشبيحة في الشوارع لملاحقة النشطاء والمتظاهرين وقتلهم ، واقتحام المدن والبلدات بالدبابات والمدرعات وكأن سوريا بمساحتها اصبحت ساحة لحرب مفتوحة ، حيث قتل من الشعب أكثر من خمسة آلاف مواطن بريء وجرح عشرات الآلاف إلى جانب إعتقال ما يقارب المائة ألف مواطن وتهجير عشرات الآلاف إلى دول الجوار وانتشار السلب والنهب التي تقوم بها الشبيحة، كل ذلك تجري بقرار من رأس النظام ودائرته الضيقة والمغلقة، مما أدت إلى فصل النظام عن الشعب بشكل كلي.
      أمام هذا المشهد الذي وصلت إليها الحالة السورية يتنبأ المجتمع الدولي السيناريو الأسوأ الذي تنتظرها سوريا في الأيام والأسابيع القادمة، في الوقت الذي لم يبقى أمام الشعب إلا الإستمرار في إحتجاجاته السلمية لإسقاط النظام، والمطالبة من المجتمع الدولي القيام بحمايته من تورط النظام في قتل المتظاهرين بشكل ممنهج ومخيف، ويومي.

في حين ، أن النظام يرفض رفضاً قاطعاً وقف العنف من جهته مبرراً ذلك ، بأن هناك (عصابات مسلحة ومؤامرة دولية وإقليمية ) على سوريا ، يجب مقاومتها بكل الوسائل، وأن من يقتلون هم من العصابات ، وإلى ما هنالك من مبررات لم يثبت منها شيئاً على الأرض ، ولكن الثابت هو استمرارية الثورة مقابل استمرار النظام التمسك بخياره الأمني ـ العسكري.
     ومع تطور الإحتجاجات وسط المزيد من سفك الدماء، تحركت المعارضة السورية لتوحيد صفوفها والإنضمام إلى الثورة من خلال عقد العديد من المؤتمرات والإجتماعات واللقائات، حيث انبثق المجلس الوطني السوري وهيئة التنسيق الديمقراطي السوري للتغيير والمجلس الوطني الكردي، بالإضافة إلى تجمعات أخرى هنا وهناك حديثي التكوين على أمل أن تتوحد كل تلك التشكيلات من خلال مؤتمر جامع بإشراف جامعة الدول العربية قريباً، لإمكانية التمثيل لغالبية الشعب السوري والثورة السورية سياسياً، وليتمكن المجتمع الدولي أن يخاطبها كممثل شرعي لإرادة شعب سوريا والتنسيق معها لتقديم التعاون والمساعدات اللازمة للشعب السوري وإبعاد شبح الحرب الأهلية والطائفية عن البلاد.
      لكن، على ما يبدو أن النظام سيذهب إلى أسوء الإحتمالات، في الوقت الذي يرفض كل ما من شأنه إنقاذ سوريا من المنزلقات المدمرة والخطيرة، كالحروب الغير مشروعة، والتي تتخوف منها الدول الإقليمية والمجتمع الدولي، والتي أشار إليها بشار الأسد ووزير خارجيته ، وكذلك بثينة شعبان ومفتي الجمهورية ، وليتناولها كل أبواق النظام ليهددوا بها العالم على أن ليس هناك من خيار ( إما الحرب الشاملة في المنطقة أو بقاء النظام) يعتمدون في ذلك على الحلف الإستراتيجي بين (سوريا،أيران،حزب الله، مقتدى الصدر العراقي، وخلايا نائمة من الإرهابيين التابعين لنظام السوري وإيران وحزب الله المنتشرة في الجوار الإقليمي) وبمساندة واضحة من روسيا والصين وسط تخبطات سياسية، يشتم منها رائحة الدم ،وعدم إيجاد مخرج يرضي كافة الأطراف.
     لتلافي المخاطر، ولإنقاذ سوريا والمنطقة من المنزلقات المدمرة، أقدمت الجامعة العربية مبادرة الحل التوافقي لتواجه الرفض من النظام، ولتأخذ عقوبات إقتصادية وسياسية لتلافي التدويل والتدخل الخارجي، وكذلك جوبهت بالرفض من قبل النظام السوري، انضمت تركيا إلى مشروع العقوبات لتضييق الخناق على السلطة السورية من أجل قبوله لوقف العنف وحل الأزمة بشكل سلمي، إلى جانب العديد من مشاريع العقوبات السياسية والإقتصادية التي اتخذتها الجانب الأوروبي والأمريكي ضد نظام بشار الأسد، كل ذلك لم تجدي نفعاً مع هذه العصابة الحاكمة التي تعودت وأدمنت على تذوقها لدماء الشعب ، وأصبح القتل من قوتها اليومي منذ تسعة أشهر ناهيك عن طغيانها واستبدادها الجاسمة على صدر هذا الشعب المنكوب.


      واستنكاراً لجرائم النظام وعصاباته، ورفضاً لأوامر القيادة لقتل المتظاهرين، انشق الآلاف من الضباط والجنود من بين صفوف الجيش السوري لينظموا أنفسهم تحت لواء (الجيش السوري الحر) بتأييد واسع من الشعب السوري لحماية المحتجين والمتظاهرين السلميين، حيث نرى العديد من الإشتباكات المسلحة بين عناصر هذا الجيش وعصابات الأمن التابعة للنظام وفي عديد من المدن ( درعاة وأريافها، ريف دمشق، حمص وحماة وأدلب ودير الزور وأريافها ) لا للحصر .

تتخوف الكثيرون من المهتمين والمتتبعين للشأن السوري أن تؤدي ذلك إلى تسليح الثورة ومن ثم يؤدي إلى حرب أهلية طائفية التي يدفع النظام بسورية إلى تلك الإتجاه من خلال تخبطها السياسي والعسكري والإعلامي وسط بحر من الدماء التي تسبب في سفكها منذ تسعة أشهرعلى قاعدة (علي وعلى أعدائي بدون أية احساس بمسؤولياته الأخلاقية والإنسانية) فهل من خيار آخر يرضي هذا النظام ليتخلى عن السلطة بشكل آمن إلى أهلها  من الشعب السوري؟ و لقد اثبت التاريخ عكس ذلك (فمن حكم بالدم لا يتنازل إلا في وسط بحر من الدماء) قدر لابد منه، على السوريين مواجهته من دون تردد لتحرير هذا البلد العظيم من هذا الإحتلال البغيض.
  كاتب وساسي كردي سوري  
  30112011

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…