الثورة السورية وموقف حزب العمال الكردستاني منها

سيروان حجي بركو*

في أغلب تصريحات مسؤولي حزب العمال الكردستاني تجاه الاحداث الجارية في سوريا، لابد ان ينوهوا الى أن ” الحكومة التركية لاتريد ان يصل الكرد السوريين الى حقوقهم”.

وقبل عدة أيام في آخر تصريح لأحد مسؤولي هذا الحزب للصحيفة الاسبوعية الكردية (روداو)، وتجاه الاحداث في سوريا، أدلى أحمد ترك في سؤال الصحيفة ذاتها بما يلي: “تركيا ايضا تساند وتدعم التغيير في سوريا، لكن بشرط ألا يصل الكرد السوريون الى حقوقهم”.

وقبلها بعدة أسابيع تهجم كل من دوران كالكان و جميل باييك القياديين البارزين في حزب العمال الكردستاني على الحكومة التركية- واعادا نفس تصريح الترك- وصرحا بان “حزب العمال الكردستاني يحارب حزب العدالة والتنمية التركي في سوريا، وانهم سيحاربون الحكومة التركية ان تدخلت في الشأن السوري”.
من جهته فان حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)-التنظيم السياسي لحزب العمال الكردستاني في سوريا- يدعي وباستمرار ان هناك اتفاق سري بين الحكومة التركية وتنظيم الاخوان المسلمين في سوريا وبموجب هذ الاتفاق فان تنظيم الاخوان المسلمين تعهد لحزب العدالة والتنمية بأن يسدوا الطريق على الكرد وحقوقهم.

والى يومنا هذا لم نجد وثيقة تثبت اداعاءاتهم هذه للرأي العام.
ليس بخاف ان حزب العمال الكردستاني يريد ان يستثمر المناطق الكردية في سوريا في حربه ضد الحكومة التركية، كذلك ليس بخاف ان السلطة التي يتمتع بها حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) لم تتح لاي من الاحزاب الكردية الاخرى في سوريا، وليس فقط رئيس هذا الحزب، بل عدد كبير من مقاتلي حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي قد عادوا الى الساحة الكردية في سوريا منذ بداية الثورة، مع ان هذه الساحة كانت ممنوعة عليهم منذ سنوات وكانوا هدفا للحكومة للسورية، حيث زج قسم كبير منهم في السجون السورية وتعرضوا للتعذيب والأحكام قاسية من لدن هذه الحكومة، وبهذا فقد قامت الحكومة السورية بواجبها تجاه اتفاقية أضنة المبرمة بين حافظ الاسد و الحكومة التركية في 1998.
ولكن بعد تغير موقف حزب العدالة والتنمية التركي من الاحداث في سوريا وأصبح بنظر الحكومة السورية يشكل تهديداً لنظام بشار الأسد، فقد عاد الاخير الى المرحلة التي كان فيها هذا الحزب وزعيمه عبد الله اوجلان في سوريا، ولوح بورقة حزب العمال الكردستاني الذي كان جاهزا لهذه اللعبة آملاً ان يستفيد من هذا الوضع كيفما آلت اليها الوضاع في سوريا.
حزب العمال الكردستاني لم ينظر الى كردستان سوريا كجزأ من كردستان، حتى عندما كان عبد الله اوجلان في سوريا كان يقول بان الكُرد في سوريا مهجرين من كردستان تركيا ويجب ان „نعود بهم الى المناطق التي هجروا منها“، كما أعاد عبد الله أوجلان هذا الكلام بمرافعته أمام القضاء التركي.

وعندما قرر حزب العمال الكردستاني ان يؤسس في كل جزء من كردستان حزباً كرديا تابعاً له، فانه شكل حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا عام 2003، وحزب الحل الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق و حزب الحياة الحرة الكردستاني في كردستان ايران.

أليس مدعاة للاستغراب ان حزب الاتحاد الديمقراطي لم يذكر في تسميته اسم الكردي او الكردستاني، فهل هي صدفة أم هو قرار مقصود من هذا الحزب؟

لماذا يربط أحمد ترك و دوران كالكان و جميل باييك حربهم ضد الدولة التركية بحقوق الشعب الكردي في كردستان سوريا؟
الكل يعلم ان الحكومة التركية لا تريد ان يجعل حزب العمال الكردستاني المناطق الكردية في سوريا ساحة لحربه ضد الحكومة التركية.

وعندما يتابع المرء الاحزاب والتنظيمات الكردية الأخرى في سوريا فانها لم تهدف في يوم من الايام ان تحارب الحكومة التركية، والشعب الكردي في سوريا يريد الحرية والسلام وان يكون ضمن الدولة السورية وأن ينالوا حقوقهم القومية دستورياً، كما يؤيد ويساند القضية الكردية في كل أجزاء كردستان.

لكن الشعب الكردي في سوريا لم يحارب ولا يريد أن يحارب أيضاً ولا يريد ان تكون أراضيه منطلقاً للعمليات العسكرية ضد تركيا أو غيرها من الدول.
هنا لابد من الذكر ان زمن الحروب واستغلال القضية الكردية في سوريا لمصالح القوى الكردستانية في الاجزاء الاخرى قد ولى، كذلك لم يعد مقبولاً ان يرى حزب العمال الكردستاني نفسه انه كل الشعب الكردي، أي أن كل ما يمكن يكون ضد هذا الحزب كتنظيم ان يكون ضد الشعب الكردي، فالحزب شيء والشعب شيء آخر.

أخيراً، يتبادر الى الذهن السؤال التالي لكل من أحمد ترك ورفاقه: ماذا كنتم تفعلون عندما كان حزب العمال الكردستاني وزعيمه عبد الله اوجلان في سوريا يناضلون في سوريا بحرية بينما كان القمع والتنكيل ضد الشعب الكردي في سوريا مستمراً؟ وقتها أيضا كانت الحقوق الكردية في سوريا غير معترف بها.

اذاً، لماذا كنتم صامتون حينها؟

التاريخ لايعيد نفسه مرتين أبداً، والمرء يستطيع فقط ان يستفيد منه.

لكن أحمد ترك وحزب العمال الكردستاني لايريدون ان يقبلوا بهذه الحقيقة.

*صحفي ألماني من أصل كردي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…