لعبت دوراً حاسماً في الانشقاقات الأولى للجنود عن الجيش الأسدي.. المرأة السورية الثائرة تقاسم المتظاهرين الساحات والسجون وتنجز نصف الثورة

عندما تشترك المرأة في المعركة فهذا يعني قطعاً للطريق على التراجع، وبهذا المقياس فإن الثورة السورية قطعت خط الرجعة منذ أول صوت انطلق في الهتاف للمطالبة بالكرامة المهدورة للشعب السوري.

آنذاك ، فقد اختلطت أصوات النساء بالرجال في سوق الحميدية بتاريخ 15 آذار، واليوم لم يعد التصنيف الثقافي للمرأة (مدنية او ريفية ، متعلمة أو غير متعلمة) ذو أهمية، لأن المرأة السورية مثلها مثل الرجل تخوض بعنفوان وبطولة معركة هدم صروح الدكتاتورية المشيدة منذ عام 1963.
المرأة بوصفها مواطنة وإنسانة قبل كل شيء أصبحت تنظيماً مجتمعياً ثورياً، وبفضلها أصبح للثورة حاضنة اجتماعية تحميها وتغذيها بالزغاريد التي تستقبل بها الأم جثة ابنها أو زوجها أو أخيها.

«البديل» استطلعت آراء سوريات وسوريين حول المرأة الشهيدة والمعتقلة والمختطفة والمتظاهرة… حول ثائرات سوريا الجديدة.

أكدت  ميادة، وهي من سكان بلدة خربة غزالة في درعا، أنها انتقلت مع زوجها ليعيشا في العاصمة دمشق، بعد أن انتهكت عصابات الشبيحة والأمن كل حرمات البيوت.

وتقول ميادة: إن المرأة السورية «ربما» لا تكون قد شاركت بالحجم نفسه في التظاهرات، إلا أن الثمن الذي تدفعه مضاعف، فهي تدخل إلى أقبية السجون وتتعرض إلى القمع، وتدفع ثمنا غالياً بعد فقدانها لفلذات كبدها وأقاربها بشكل يومي في سبيل الحرية.
وتقول ميادة : إن بسالة المرأة السورية تظهر بشكل واضح عند استقبالها للشهداء، فهي لا تندب ولا تستكين أمام محنتها، بل تبدي صلابة تجاه الموقف، وتقوم بتلاوة الأدعية، وتحوّل جنازات الشهداء إلى أعراس بزغاريدها، وتفخر بتقديمها الشهداء.

وتضيف ميادة التي لم تفقد روح الدعابة رغم المآسي التي عاشتها في فقدان عدد من أفراد عائلتها ، إن الرجل لن يفهم بالضبط حجم المعاناة الكاملة للمرأة التي تستقبل جثة ابنها بالزغاريد إلا إذا نجح في وضع نفسه محل الأم.
وحول مساهمات الثائرة السورية ميدانيا ، يقول رائد وهو من مدينة حمص ويدرس في جامعة دمشق :«لم  ينحصر دور المرأة  فقط في التلويح بالمناديل للشباب أو إعطاء إشارات لهم وهنّ على أبنية المنازل عند قيام قطعان الشبيحة والأمن بمهاجمة المتظاهرين، بل تحتل مكانها في الصفوف الأمامية للمظاهرات من أجل تأمين الحماية للرجال، والحيلولة دون تعرضهم إلى الاعتقال أو القتل برصاص القناصة الذين يتمركزون فوق الدوائر الحكومية».

ويضيف :«إنها تتقدم المظاهرة لعل الشبيحة ومرتزقة الأمن يتراجعون عن الهجوم..إنها تحاول حماية الرجل، وهذه أشياء جديدة علينا.

كنا نعتقد أنهن عبئ على الرجال بسبب حاجتهن الدائمة إلى الحماية، لكن تبين أن المعادلة يمكن أن تصبح معكوسة، فهي نصف الثورة، وليس فقط نصف المجتمع».

فضلاً عن دور المرأة في تحضير الوجبات الغذائية بشكل جماعي للثوار لدى عودتهم من المظاهرة.
وتقول الطالبة الجامعية رنا:  إن نصيب النساء لم يكن أفضل حالاً من الرجال، فقد تعرضت النساء في المظاهرات إلى إطلاق الرصاص الحي الذي أرداهن قتيلات وجريحات، مثلما حدث في مظاهرة بانياس.

كما اعتقلت المئات من الثائرات، مثل الناشطة كاترين التللي، وسهير الأتاسي، ومي سكاف.
إلا أن العديد من النشطاء لاحظوا في الفترة الأخيرة استهدافاً واضحاً لهن من قبل عناصر المخابرات والشبيحة لنساء الصف الأول في المتظاهرات.

ويعيد معاذ، وهو من حي القابون في دمشق، هذا السلوك الأمني إلى الدور الذي تلعبه المرأة في تقديم زخم كبير لاستمرارية الثورة رغم تعرضهن للاعتقال والتعذيب في أقبية السجون.

وحسب شهادات شخصية ، يؤكد معاذ أن المرأة تلعب دورا كبيرا في عملية مداواة الجرحى ، إذ أن الهاجس الطبي لدى المراة يتفوق على ما لدى الرجل ، وهي تحولت إلى طبيبة ميدانية.

وتساهم في إخفاء النشطاء الهاربين من مداهمة الأمن.
ويروى حامد وهو من سكان مدينة «تلبيسة» التابعة لمحافظة حمص أن أولى الانشقاقات العسكرية التي حدثت في تلبيسة كانت بفضل النساء.

ويروي أن مجموعة من النساء وقفن امام دبابة لمنعها من المرور وقصف المدينة ، وكان صوت بكائهن يعلو في السماء حتى بكى كل الجنود الذين كانوا على ظهر الدبابة ، واعلنوا انشقاقهم عن الجيش الأسدي.
 
«البديل» العدد (11) 20-11-2011
 
*للاطلاع على موضوعات اخرى من الصحيفة يرجى زيارة موقعنا
 www.al-badeel.net

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…