الكرد يحتفلون والإخوة العرب والمسلمين يتجاهلون

  بقلم: توفيق عبد المجيد

    إنه لمن المؤسف حقاً أن يحتفل الشعب الكردي في كل مكان، على أرضه وفي الشتات ، بعيده القومي ورأس سنته الكردية، وسط تجاهل تام من أشقائه العرب والمسلمين الذين لم يتجرأوا على تهنئة أبناء الشعب الكردي ولو بالكلام، ولم يبادروا على الصعيد الرسمي، ولو بشكل بروتوكولي إلى إرسال برقيات تهنئة بهذه المناسبة الأثيرة على قلب كل كردي ، ناسين أو متناسين الحقيقة الناصعة والبرهان الساطع على عراقة وموجودية هذا الشعب التاريخية والجغرافية على أرض آبائه وأجداده.

أجل إنه لمن المؤسف أن لا يبادر رئيس عربي واحد على الأقل، أو مسلم إلى إرسال برقية تهنئة بهذه المناسبة العظيمة التي تحركت فيها طلائع هذا الشعب في الحادي والعشرين من آذار في ثورة شعبية عارمة، وانتفاضة آذارية مجيدة، وانقضت على صنم من أصنام الذل والعبودية، والظلم والديكتاتورية، وأطاحت به إيذاناً ببزوغ فجر الحرية وإعلاناً بنهاية هذه الحقبة البغيضة.
    لن نصنف هؤلاء في خانة من أطاح بهم الشعب الكردي في ثورته العارمة، ولكننا نستهجن هذا الموقف الذي تخندقوا في داخله مرتدين جلباب الصمت الطويل، نستهجن هذا التعتيم الإعلامي المقصود، ندين هذا التجاهل التام والمتعمد، نشجب ونستنكر سياسة اللامبالاة هذه ، التي أشعرت الكرد في كل مكان أنهم مازالوا ضحية الإعلام الشمولي الذي عبث بتاريخهم وجغرافيتهم وشوه ما أمكنه التشويه، سمعة هذا الشعب المظلوم على مدى التاريخ، فأظهر الكرد بالانفصاليين والمتمردين والجسم الغريب في هذا المنطقة، أظهر الكرد دوماً بأنهم ضيوف على هذه المنطقة وغرباء عنها وسيرحلون إلى كردستانهم يوما ما ، كانت تهمة الكردي التي كانت ترافقه كظله، ومازالت ” اقتطاع جزء من الأرض السورية وضمه إلى دولة أجنبية ” عجزوا حتى الآن عن تحديد هوية وجغرافية وحدود تلك الدولة، هل هي تركيا أم إيران أم العراق أم كردستان الكبرى، وثبتوا ذلك في مناهجهم التعليمية والتدريسية وعبئوا الأجيال على كراهية وحقد الكرد أينما كانوا بما ضخوه في أدمغتهم وشرايينهم من هذه الشحنات البغيضة، فماذا سيقولون لمن ثقفوهم بهذه الثقافة إذا اعترفوا بحقيقة وجود الشعب الكردي في وطنه وعلى أرضه التاريخية ؟ ولنا في تجربة إقليم كردستان العراق الذي اختار الفيدرالية ضمن العراق الواحد خير شاهد على ما نقول.
    نعم !! إنه لمن المؤسف حقاً أن يتبادل الزعماء الأكراد في ما بينهم برقيات التهنئة، فيرسل البارزاني برقية إلى جلال الطالباني، أو بالعكس، ويرد عليه الطالباني بالمثل، ويهنئ رئيس حكومة إقليم كردستان الشعب الكردي بهذه المناسبة، ولم يكلف حتى الزعماء العراقيون – حلفاء الكرد – أنفسهم في إرسال برقية تهنئة بهذه المناسبة إلى زعيم كردي، ناهيك عن القادة العرب والمسلمين ؟
    لكن مما يجدر ذكره، أن الذين هنؤوا الأكراد، لم يكونوا من الدول العربية ولا الإسلامية حتى، فهاهو سفير التشيك في بغداد يهنئ القيادة الكردية بهذه المناسبة، وها هو السفير الصيني يتصل هاتفياً هو الآخر من بغداد مع البارزاني مهنئاً إياه والشعب الكردي بعيده القومي، وهاهو السفير الأمريكي يذهب إلى كردستان ويلتقي بالرئيس مسعود البارزاني دون أن يتطرق هو الآخر إلى هذه المناسبة .
فلماذا هذا التجاهل ؟ لماذا هذا التعتيم الإعلامي المقصود ؟ هل في مكنتكم حجب الشمس بغربال ؟ عودوا إلى مواقفكم المغلوطة بحق هذا الشعب الذي عاش وسيعيش معكم جنباً إلى جنب لأنه شريك لكم في هذه المنطقة، وبادروا إلى تصحيح هذه المغالطات على عجل وقبل فوات الأوان ، وكفاكم تجاهلاً وتجهيلاً لهذه الشمس الساطعة ، ألم تسمعوا بقول أمير المؤمنين الإمام علي كرم الله وجهه  عندما أبدى إعجابه بحلوى وطعام المتنورزين الذي قدم له في عيد النوروز بقوله: ” نوْرزونا كل يوم … بارك الله بنوروزكم “.


ملاحظة : – أخشى أن يبادر فقهاء العروبة والإسلام إلى التشكيك بصحة قول الإمام علي وهو مثبت في كتب التراث أو يشطبوه.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…