الدكتور عبد الباسط سيدا: ليس هناك أي اتفاق بين المجلس الوطني والحكومة التركية

  كردووتش: هل لك أن تخبرنا عن بدايات المجلس الوطني السوري والحضور الكردي فيه؟ 

د.

عبد الباسط سيدا:
 عُقدت مؤتمرات عديدة من قبل المعارضة السورية في الخارج قبل تأسيس المجلس الوطني.

والجميع كان يأمل على أن تساعد هذه المؤتمرات في نجاح الثورة السورية وهو ما لم يحدث للأسف.

البعد الإيجابي في هذه الإجتماعات كان أن يتعرف السوريون على بعضهم البعض.

لم يكن الحال على ذلك من قبل.

فأهل القامشلي لم يكونوا يعرفون أهل درعا مثلا.

والعكس صحيح أيضا.

ومع ذلك، لم تكن النتائج على مستوى تطلعاتنا.

ولتحصيل نتيجة أفضل قررنا – أنا و24 أكاديميا وخبيرا سوريين من جميع أنحاء العالم – الإجتماع في اسطنبول في تموز (أغسطس).
 ووصلنا إلى قناعة بضرورة تأسيس مجلس وطني سوري.

كان ذلك آنذاك أقرب إلى الحلم.

قررنا الإتصال بمجموعات معارضة بهدف إقناعها بفكرة للمجلس.

شخصيا كانت مهمتي هي الإتصال بالكرد.

عملت على أن أتصل بجميع الأحزاب والمجموعات الكردية.

تكلمت مع بعضهم شخصيا واتصلت ببعضهم عبر وسطاء أصدقاء وبآخرين عبر البريد الإلكتروني.

الأحزاب الكردية التي ردّت بشكل إيجابي كان حزب آزادي الكردي في سوريا وحزب يكيتي الكردي في سوريا.

أما الأحزاب الأخرى فرفضت العمل مع المجلس الوطني السوري.

هناك أحزاب لم نتلق منها أي رد.

كان هناك رد إيجابي من قبل مجموعات الشباب الكردية.

فيما بعد جاء تيار المستقبل الكردي بصفته ممثلا للأحزاب غير المنضوية ضمن مجموع الأحزاب الكردية التي شاركت مؤخراً في المؤتمر الوطني الكردي وأصبح عضوا في المجلس 

كردووتش: ما هو مستوى الحضور الكردي في المجلس؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: بالمجمل هناك 190 مقعد في المجلس.

وتتألف الأمانة العامة من 26 عضوا.

سبعة منهم هم أعضاء اللجنة التنفيذية.

هناك في الأمانة العامة ثلاثة أعضاء أكراد غيري.

أحدهم هو مندوب حزبي آزادي ويكيتي.

وكان لتيار المستقبل كذلك مندوب في الأمانة العامة.

هناك مقعد آخر مخصص للكرد ما يزال شاغرا؛ ونعمل على أن تمثل مجموعات الشباب الكراد الثورية في هذه اللجنة.

كردووتش: هل يعني هذا أنك تمثل الكرد في المجلس الوطني السوري؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: نعم.

كردووتش: تتناقل الأوساط الحزبية الكردية أنك وصلت إلى المجلس الوطني عبر الأخوان المسلمين.



د.

عبد الباسط سيدا
: هذا ليس صحيحا.

هناك من يمتدحك لأنك فقط تلبي مصالحه.

وإذا ما عملت على تحقيق المصلحة العامة – وليس على تحقيق مصلحة فرد أو مجموعة معينة – تصبح هدفا للإنتقاد والهجوم.

هذا شئ طبيعي.

فحتى الدكتور برهان غليون أصبح هدفا للهجوم والتجريح من جهات مختلفة.

وبخصوص الأخوان المسلمين قلت دائما: إنهم جزء من مجتمعنا ولا يستطيع المرء تجاهلهم أو اقصاءهم من العملية السياسية.

نحن نبلغهم دائما بأن عليهم أن يلعبوا دورا يتناسب مع حجمهم فقط.

لدي إتصالات جيدة مع كل قادة المجلس الوطني السوري وأحاول من خلالها أن أدفع بالمسألة الكردية قدما.

فمن مصلحة سوريا أيضا أن تجد هذه المسألة حلا ديمقراطيا عادلا.

أقول للمعارضة السورية دائما إن مساهمتكم في حل المسألة الكردية في سوريا ستكسبكم صداقة 20 مليون كردي في شمال كردستان و سبعة ملايين في في جنوب كردستان وعشرة ملايين آخرين في شرق كردستان.

أستغل علاقاتي واتصالاتي بالمعارضة من أجل حل المشكلة الكردية ولصالح المشروع الوطني العام في سوريا.

كردووتش: ما هي شروط العضوية في المجلس الوطني السوري؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: يجب قبول أهداف المجلس الوطني.

والأهم هو مطلب إسقاط النظام ودعم الثورة السورية.

ويجب أن يكون العضو قادر عل العمل الجماعي وأن يكون له دور وتأثير ملموس في المجتمع.

ويجب أن يراعي التمثيل النسبي المحلي أيضا.

الأهم هو أن لا تبقى حصة تمثيل المرأة منخفضة.

كلنا نطالب بذلك ولكن لا أحد منا يلتزم بذلك.

مازال تمثيل المرأة منخفضا جدا وهو دليل على مدى تخلفنا.

كردووتش: ينص برنامج المشروع السياسي للمجلس الوطني على الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية للشعب الكردي، وعلى ضرورة حل المسألة الكردية بطريقة عادلة وديمقراطية وفي إطار وحدة الأراضي السورية.

ويتضمن البرنامج أيضا وجوب حصول الكرد على حقوق وواجبات المواطنة التي يتمتع بها كل سوري.

لماذا لا تقدمون تصورا واضحا ومقبولا من الجميع بخصوص مسألة مهمة كهذه؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: هدفنا الرئيس هو إسقاط النظام.

لا نستطيع إدعاء الشرعية ولكن لا يمكن إنكار أننا نتمتع بشئ منها.

نحن في وضع إستثنائي.

لم ننشغل حتى الآن في قضايا تفصيلية.

هناك وجهتا نظر بخصوص هذا الموضوع.

الأولى تطالب بخطة تفصيلية وحل فوري لكل المشكلات في سوريا الجديدة.

أما الطريقة الثانية فتنحو إلى الإهتمام بالمشكلات العامة وتأجيل العمل على القضايا الخاصة.

مشروع برنامجنا السياسي طمأن المواطنين وهو سيناقش في الاجتماع القادم للمجلس الوطني.

يجب أن تصب جهودنا في مجرى إسقاط النظام.

لا أحد يستطيع تقديم أية ضمانات.

فلم يتم إنتخاب المجلس الوطني من قبل الشعب وهو لهذا السبب لا يستطيع إدعاء الشرعية.

ومهما كانت قراراته فليس من الضروري أن يتم تطبيقها فيما بعد أو يتم الالتزام بها مستقبلا من قبل الهيئات المنتخبة ديمقراطياً.

ومن نافل القول أن الأكراد ليسوا الوحيدين في المجلس.

هناك عرب وأخوان مسلمون وقوى إعلان دمشق وآخرون.

البعض منهم ما يزال مرتابا ومتوجسا.

وهذا يعني أن هناك عمل يجب القيام به من أجل إقناعهم والوصول إلى نتائج إيجابية.

كردووتش: هل المعارضة السورية مستعدة لحل القضية الكردية بشكل يتلاءم مع تصورات الكرد؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: الأجيال السورية الجديدة مستعدة لذلك.

أما الجيل القديم الذي لم يعرف في الأربعين سنة الماضية غبر طريقة تفكير حزب البعث فهو متردد قليلا.

إنه يخشى من أن يتهمه مناصروه بخيانة المصالح العربية وتعريض سوريا للخطر.

لا يملك هذا الجيل ثقة بالنفس وبالأفكار الحديثة.

مهمتنا إقناعه برؤانا، وهو ما لا يمكن أن يحدث بين يين ليلة وضحاها.

مقترحاتنا في المجلس الوطني تذهب إلى أبعد مما اقترحته قوى إعلان دمشق والأخوان المسلمين والتحالف الوطني لقوى التغيير الديمقراطي.

طبعا لن تبقى تصوراتنا على هذا الشكل، إلا أن إطار عملنا صحيح.

مهمتنا هي تحسينه.

والكل مطالب بطرح أفكار جديدة.

كردووتش: أثارت مقارنة رئيس المجلس الدكتور برهان غليون الكرد السوريين بالمهاجرين في فرنسا الكثير من الامتعاض.

هل يجب أن يتوقع الأكراد مقارنات من هذا النوع في المستقبل؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: لم يكن غليون موفقا في مقارنته.

ونحن في الكتلة الكردية في المجلس خاطبناه في هذا الشأن.

وبصفتي عضوا في المكتب التنفيذي قمت بإرسال رسالة داخلية إلى أعضاء الأمانة العامة بينت فيها بوضوح أن المسألة الكردية مسألة قديمة وأن كردستان سوريا كانت جزء من كردستان الكبرى.

كما قلت أن كردستان تعرضت للتقسيم وألحق أحد أجزاؤها بسوريا.

قلت لهم أن عليهم أن يقبلوا الواقع ويضمنوا للكرد حقوقهم إذا كانوا ينظرون إليهم بوصفهم جزءً من سوريا.

في النهاية قبل غليون بذلك وساهم بصياغة مشروع برنامج المجلس السياسي ليصبح كما يبدو عليه الآن.

نخطط لتنظيم حوار قريب بين مثقفين عرب وأكراد في وقت قريب وذلك بهدف مقاربة المسألة من كل جوانبها.

ونعمل أيضا على إقامة حوار بين مجموعات الشباب اللأكراد والعرب.

حوار من هذا النوع يمكن أن يصل إلى نتائج مهمة.

كردووتش: يتهم حزب (PYD/PKK) المجلس الوطني، لاسيما الأخوان المسلمين، بعقد إتفاق سرّي مع الحكومة التركية يقضي بإنكار الوجود الكردي في سوريا، عندما يصل الأخوان المسلمون إلى الحكم.

ما طبيعة هذا الإتفاق؟ 

د.

عبد الباسط سيدا
: ليس هناك اتفاق بين المجلس الوطني والحكومة التركية.

ليس لهذه المزاعم أي أساس من الصحّة.

لا يمكن فهم هذه التهمة إلا في سياق الحرب ضد المجلس الوطني.

نحن لسنا دولة لنوقع اتفاقيات مع الدول الأخرى.

الحكومة السورية هي من وقع على اتفاق أضنة.

[ملاحظة من «كردووتش»: بعد تهديدات شديدة من قبل تركيا خضع نظام حافظ اللأسد وأجبر زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK) عبدالله أوجلان على مغادرة سوريا.

وينص هذا الإتفاق الذي عُقد في مثل هذا الشهر بشكل أساسي على إيقاف الدعم السوري لحزب الـ (PKK) وزعيمه عبدالله أوجلان.].

وعليه علينا ألا نتعاون مع الحكومة السوري إذا ما كنا لا نوافق على الاتفاقية المعنية.

في لقاء جمع المجلس الوطني السوري مع وزير الخارجية التركية قلت له إن المنطقة لن تعرف الإستقرار طالما يقيت المسألة الكردية في سوريا وتركيا دون حل.

وقلت له أيضا أن علاقات جيدة لتركيا بجيرانها العرب هي رهن حصول الأكراد على حقوقهم ذلك أنهم يعيشون على جانبي الحدود.

وافقني وزير الخارجية وقال أن المجلس الوطني لن يكون مجلسا وطنيا دون مشاركة الأكراد.

كردووتش: على الرغم من ذلك يبقى الدور التركي مريبا بالنسبة للكثيرين.

ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى أن أغلب لقاءات المعارضة عقدت في تركيا، بما فيها لقاءات المجلس الوطني.



د.

عبد الباسط سيدا
: لا العراق ولالبنان ولا الأردن يسمح لنا بتنظيم لقاءاتنا على آراضيهم.

ويجب علينا لأسباب عملية أن نجتمع في بلد مجاور.

وكانت تجربة المعارضتين العراقية والإيرانية شبيهة جدا بتجربتنا.

نحن نذكر أن أكراد شمال كردستان كانوا في سوريا على الرغم من أن سوريا كانت تقمع كردها.

أما أكراد جنوب كردستان فكانوا في سوريا وإيران رغم اللإضطهاد الإيراني والسوري لأكراد البلدين.

نحن، ككرد المجلس الوطني السوري، نذهب إلى تركيا في إطار المعارضة السورية.

علما أننا في تركيا لسنا ضيوف الحكومة التركية.

نحن نستفيد من الحريات في تركيا.

لا أحد يتدخل في عملنا هناك.

من المحتمل أن ننظم لقاءاتنا المقبلة في مصر أو تونس.

أما فيما يخص الأخوان المسلمين فلهم إتصالاتهم بالحكومة التركية بطبيعة الحال، وهذا شأنهم.

بيد أنهم لا يستطيعون فرض موقفهم على المجلس الوطني.

تركيا دولة كبيرة ولها مصالح في المنطقة، سيما في سوريا.

ومسؤوليتنا هي أن نتخذ قراراتنا بمعزل عن أي تأثير خارجي.

نظرتنا إلى تركيا أنها دولة جارة إقليمية هامة، انجزت الكثير من التقدم في عهد حزب العدالة والتنمية، ولكن هذا لا يمنع أن نطالب كما طالبنا مرارا بضرورة حل المسألة الكردية في تركيا، لأنه من دون ذلك لن يكون هناك استقرار في المنطقة، ولن يكون هناك ازدهار اقتصادي تحتاج إليه المنطقة عموما وتمتلك مقوماته.

* الدكتور عبد الباسط سيدا (مواليد 1956، حاصل على دكتوراه في الفلسفة، متزوج وله خمسة أبناء).

يعيش حاليا في منفاه السويدي.

صدر كتابه (المسألة الكردية في سوريا) عام 2003 هذا إلى جانب كتب أخرى في نطاق الاختصاص فضلاً عن مئات المقالات والأبحاث في نطاق الإختصاص والشأن العام.

في لقاء له مع «كردووتش» يتحدث عبد الباسط سيدا عن عمل المجلس الوطني السوري، وهو تحالف معارض تأسس في 2 تشرين الأول (أكتوبر) 2011
.

المصدر: كردووتش

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…