المجلس العام للشباب الكورد في سوريا خارطة طريق (لحل القضية الكردية) في سوريا

مقدمة لابد منها:

الشعب الكوردي أحد أقدم شعوب المنطقة ، يعيش على أرضه منذُ فجر التاريخ ، ساهم في بناء الحضارات على مر العصور ، وكان له امبراطورياته ودوله واماراته، التي عايشت الشعوب الاخرى ايضا تحت سقف هذه  الانظمة الفيدرالية البدائية في تلك العصور ، ولعل انضج تلك الامبراطوريات الفيدرالية والتي ساهمت فيها شعوب وقبائل اخرى ثقافات وقيم حضارية هي الامبراطورية الميدية (612 قبل الميلاد) ، ومع زحف شعوب من الخارج على المنطقة كالعرب (638 بعد الميلاد) والاتراك بعد القرن العاشر الميلادي ، استطاعت الامة الكردية التعايش وبناء عقد اجتماعي مع هذه القوميات بشكل عام .
وفي العصر الحديث ووفق اتفاقية سايكس بيكو (1916 )، تم القضاء على فكرة الفيدرالية من خلال القضاء على موطن الكرد وتقسيمه الى اربعة اقسام ملحقة باربعة دول ( العراق – تركيا – ايران – سوريا ) ، وناضل الكرد بتفانٍ مع شعوب هذه الدول لبناء اسس واستقلال تلك الدول المحدثة ، ولكن بعد ترسيخ دعائم الدولة تسلطت القوموية والعنصرية على نظام الحكم في هذه الدول وانكرت شراكة الكرد في مفاصل الدولة وتم اقصاؤهم وتهميش دورهم، وصولا الى عدم الاعتراف بقوميتهم وثقافتهم.
لقد كان للكورد الدور الرئيسي في الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي فمن جبل الزاوية بقيادة ابراهيم هنانو , ومروراً بمعركة بياندور 1923م , ومعارك دامية في جبل الكرد(عفرين) لاتزال قبور قتلى الجنود الفرنسيين في جبل شيخ مقصود بحلب شواهد عليها، وصولاً إلى عامودا 1937م في الجزيرة , ودور ثوار أكراد لامعين من أمثال حسن خراط وأحمد بارافي وغيرهما في معارك دمشق والغوطة حتى تحقق الجلاء عام 1946 ودخلت معه البلاد مرحلة جديدة رافقها هامش ديمقرطي واسع, وتولى الكردي (محمد على العابد)  منصب رئاسة الجمهورية السورية بعد الاستقلال كأول رئيس لدولة سوريا ، إلا أن المرحلة تلك لم تدم طويلاً حتى فرضت وحدة فوقية بين مصر وسوريا على الشعبين، واستولى الإنفصاليون على مقاليد الحكم في البلاد منذ عام 1961 حتى وصول البعث إلى السلطة  في  8 آذار  1963عقب انقلاب عسكري، لكن الأوضاع ساءت أكثر فأكثر عقب انقلاب الجنرال حافظ الأسد فيما سميت بالحركة التصحيحية عام 1971 وترسخت العنصرية العربية ، وتم إقصاء الكرد من كافة مفاصل الحياة السياسية في البلاد ، ليعيش الكرد  غرباء في وطنهم ومحرومين من العيش الكريم .
كان للكرد تجربة فريدة في الانتفاضة الشعبية عام 2004 في الثاني عشر من اذار الا انها ولسبب الظروف الموضوعية والذاتية فشلت في تحقيق مكاسب تذكر على ارض الواقع ، وكان نضال الشعب الكردي في سوريا من اجل البقاء والحفاظ على ثقافته ولغته ، وهذا ما قدمته الحركة السياسية الكردية في سوريا ، لان الحركة السياسية لم تستطع تقديم المزيد ، وكانت مهمتها الوحيدة هي النضال من اجل البقاء والاستمرارية الى يومنا هذا ، الذي تشهد فيها سوريا انتفاضة شعبية عارمة .
الكرد في الثورة السورية :
تنتفض المدن الكردية يوميا بالتزامن مع انتفاضة المدن السورية الأخرى ضد الظلم والتهميش والاستبداد وحكم الحزب الواحد ، وتعبر عن نفسها كمكون أساسي ومدافع عن سوريا ديمقراطية ومدنية تعددية، وان تبلورت معالم الثورة في المجتمع السوري في الحرية والمساواة والاعتراف بالآخر شعبيا وتحقيق الديمقراطية وبناء دولة القانون ، نجد أحزاب وتيارات المعارضة الخارجية والمتأثرة بالشوفينية العربية المتسلطة ، لم تعترف الى الان بالحقوق القومية للكرد صراحة ، لذا نعتبرها مع النظام البعثي يشكلون وجهان لعملة واحدة ، مع الاحترام والتقدير للقوى التي تتبنى مبدأ الديمقراطية والتعددية، وسوريا لجميع ابنائها وقومياتها .
ولكن الوضع الكردي لا يبشر خيرا ويشوبها التشويش او الغموض في الرؤية السياسية ، وهذا نابع عن التشتت والتشرذم وتقليد النظام البعثي في اقصاء الاخرين وتهميش قطاعات واسعة من الفعاليات الشعبية والوطنية ، وهي لا تملك خطابا موحدا او تحليلا موحدا حول الاحداث الراهنة ، ولا تملك تصورا موحدا لمستقبل سوريا ومستقبل الشعب الكردي في الوطن السوري ، وعلينا نحن الشباب والفعاليات المدنية ان نضغط على كافة التيارات السياسية للتوصل الى صيغة مشتركة والتحفظ على الخلافات الداخلية او الحزبية ، والتوجه الى عقد مؤتمر قومي كردي سوري الذي سينبثق عنه مجلس سياسي او هيئة سياسية تملك القرار الكردي في سوريا .


وعلى هذا الاساس نقدم خارطة الطريق الكردية للحل .
نحن نسعى الى بناء سوريا كدولة مدنية ديمقراطية فيدرالية اتحادية ، يسودها القانون وحرية الراي  والاخاء والمساوات ة بين كافة مكونات المجتمع السوري ، والاعتراف بالموزاييك الثقافي المتنوع للمجتمع السوري وقومياته ، وان يكون للقانون اليد العليا في الدولة والمجتمع ، وعلى اساسه يتم تغيير الدستور.
وطنيا :
نطالب بعقد مؤتمر وطني شامل يضم كافة مكونات الشعب السوري وتياراته السياسية، من أجل الانتقال بالبلاد  من  الدولة الأمنية إلى دولة مدنية ديمقراطية تعددية، و ينبثق عن المؤتمر لجنة تأسيسية لصياغة دستور جديد للبلاد يراعي التنوع القومي و الديني والفكري على أساس الشراكة الحقيقية و يضمن الالتزام بمبادئ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وتشكيل مجلس انتقالي مؤقت ، يؤسس لدولة مدنية فيدرالية اتحادية تتمتع بعلاقات حسن الجوار مع الدول والشعوب المجاورة ، وتسعى الى إحلال السلام في المنطقة والتمسك بالأراضي السورية المحتلة لما يضمن عودتها للحاضنة السورية  وفق قرارات الشرعية الدولية .
قوميا :
يبلغ نسبة الكرد في سورية حوالي 15% تقريبا ، وهم محرومون من كافة الحقوق القومية في وطنهم التاريخي سوريا، ولم يتسنى للكرد الى الان الوصول الى صيغة مشتركة لاهدافهم ومطاليبهم المشروعة ، ولم نتفق الى الان على المطلب القومي الاستراتيجي  او مجلس مفوض عن هذا الشعب في المحافل الوطنية والدولية .
لذا علينا تحديد سقف مطاليبنا بالتوافق مع الشروط الموضوعية للوجود الكردي في سوريا ، ونحن نجد بان كبرى ديمقراطيات العالم تطبق الفيدرالية كنظام حكم ديمقراطي في حرية تقرير المصير، وهو الهدف الاكثر موضوعية للكرد في سوريا ، كون عدد الاكراد يتجاوز اربعة ملايين ، ويعيشون في مناطق معينة جغرافيا ، ويملكون كافة مقومات الفيدرالية من  قومية وثقافية وتاريخية وارض محددة ، وتنطبق عليهم كافة معايير تاسيس الاقليم الفيدرالي.
وعلى هذا الاساس نهدف الى :
المطالبة بتعديل  الدستور بشكل كامل واعتماد الفيدرالية كنظام الحكم في سوريا الجديدة  .
والمواد المهمة التي يجب ان يتضمنه الدستور الجديد :
 اولا: الغاء كلمة العربي من اسم الجمهورية  ، كون الدولة ملك لجميع مكونات الشعب السوري عربا وكردا واشور وارمن وتركمان ، و إنشاء مديرية تابعة لوزارة الثقافة تعني بشؤون القوميات والأقليات لتغدو التسمية دولة سوريا .
ثانيا: الاعتراف الدستوري بالاقليم الكردي الفيدرالي كونها قومية أساسية، واعتبار اللغة الكردية اللغة الرسمية الأولى في كردستان سوريا، واللغة الثانية في عموم البلاد.
ثالثا: تمثيل الكرد في كافة مفاصل الدولة (داخليا وخارجيا) وفق نسبتهم السكانية، وفي السلطات الثلاث (التنفيذية والقضائية والتشريعية) .
رابعا : الغاء كافة المراسيم والقوانين الاستثنائية بحق الشعب الكردي ومنها الحزام العربي واعادة الاراضي التي سلبت من الكرد وتعويضهم ، والمرسوم رقم 49 وتعويض المتضررين  .
خامسا: اعادة الجنسية للكرد المجردين منها ومكتومي القيد ، وتعويضهم ماديا ومعنويا .
سادسا : اصدار العفو العام عن المعتقلين السياسيين والمنفيين ونشطاء الراي ، وتبيض السجون .
سابعا : تقديم اعتذار رسمي باسم الدولة السورية للشعب الكردي عن احداث 12 اذار وحرق سينما عامودة ، وملاحقة المجرمين الذين تسببوا في قتل ابناء الشعب الكردي ، واعتبار الحادثتين ابادة عرقية ضد الشعب الكردي ،وتعويض عوائلهم .
سابعا : رفع الحظر عن التاريخ الكردي وتضمنه المناهج التعليمية كشريك حقيقي في الوطن تاريخيا ، و إعادة أسماء القرى والمدن الكردية وتثبيتها في السجلات .
ثامنا:إسناد مهمة حفظ الأمن الداخلي إلى أبناء الاقليم نفسه ، و الاعتراف بالقوة العسكرية الكردية التي ستتشكل من الشباب الكردي (وابناء الاقليم من الاثنيات الاخرى) كحرس حدود إقليم كردستان .
تاسعا: تحديد جغرافية الاقليم الكردستاني(بدءاً من جبل الكرد غرباً ومروراً بالشريط الحدودي وعين العرب وصولاً إلى منطقة الجريرة في محافظة الحسكة شرقاً) واجراء احصاء عام للاقليم.
ونامل ان نتمكن من خلال مناقشة هذه الخارطة الوصول الى صيغة مؤتمر وطني يضم كافة الفعاليات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية والاجتماعية الى جانب التيارات السياسية في الساحة الكردية السورية ، وان ينبثق من هذا المؤتمر لجنة او مجلس وطني كردي (يمثل الشعب الكردي في سوريا) للتفاوض مع أشقائنا الثائرين السوريين لإسقاط النظام، ومعهم كل المناضلين الساعين إلى إيجاد البديل الديمقراطي المدني التعددي الدستوري اللامركزي الفيدرالي الإتحادي، والخروج بخطاب سياسي  موحد أمام المجتمع الدولي .
الى كل تنسيقيات المدن الكردية ، ومنظمات المجتمع المدني ، والتيارات السياسية ، والشخصيات الوطنية : هذه مسودة خارطة طريق كردية نرجو مناقشتها وابداء الراي فيها ، لنتمكن اعتمادها والتوقيع عليها ، في صيغتها المعدلة وفقا لاقتراحاتكم وملاحظاتكم .
المجلس العام للشباب الكورد في سوريا
16112011
meclisekurda@hotmail.com
meclisekurda@Skype.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لقد شهدت البشرية تحوُّلاً جذرياً في طرق توثيقها للحياة والأحداث، حيث أصبحت الصورة والفيديو- ولأول وهلة- الوسيلتين الرئيسيتين لنقل الواقع وتخليده، على حساب الكلمة المكتوبة. يبدو أن هذا التحول يحمل في طياته نذر موت تدريجي للتوثيق الكتابي، الذي ظل لقرون طويلة الحاضن الأمين للمعرفة والأحداث والوجدان الإنساني. لكن، هل يمكننا التخلي عن الكتابة تماماً؟ هل يمكننا أن ننعيها،…

ا. د. قاسم المندلاوي الكورد في شمال شرق سوريا يعيشون في مناطقهم ولا يشكلون اي تهديد او خطر لا على تركيا ولا على اي طرف آخر، وليس لديهم نية عدوانية تجاه اي احد ، انهم دعاة للسلام في كوردستان والمنطقة والعالم .. ويزيد نفوسهم في سوريا اكثر من 4 مليون نسمة عاشو في دهاليز الظلم و الاضطهاد ومرارة الاحزان…

د. منصور الشمري لا يُمكن فصل تاريخ التنظيمات المتطرفة عن التحولات الكبرى في أنظمة التواصل، فهي مرتبطة بأدوات هذا النظام، ليس فقط من حيث قدرتها على الانتشار واستقطاب الأتباع، بل كذلك من جهة هويتها وطبيعتها الفكرية. وهذا ما تشهد عليه التحولات الكبرى في تاريخ الآيديولوجيات المتطرفة؛ إذ ارتبطت الأفكار المتطرفة في بداياتها بالجماعات الصغرى والضيقة ذات الطبيعة السرية والتكوين المسلح،…

بوتان زيباري في قلب جبال كردستان الشاهقة، حيث تتشابك القمم مع الغيوم وتعزف الوديان أنشودة الحرية الأبدية، تتصارع القضية الكردية بين أمل يتجدد ويأس يتسلل إلى زوايا الذاكرة الجمعية. ليست القضية الكردية مجرد حكاية عن أرض وهوية، بل هي ملحمة إنسانية مكتوبة بمداد الدماء ودموع الأمهات، وحروفها نُقشت على صخور الزمن بقلم الصمود. ولكن، كما هي عادة الروايات الكبرى،…