سليمان يوسف
اد السوريون بأنهم جزء من “أمة كردية” يتوزع ابناؤها في دول الجوار ويؤكدون على أن هذه الحقيقة التاريخية والموضوعية لا تتعارض مع كونهم جزءاً اساسياً وأصيلاً من النسيج الوطني السوري, وهم يطالبون حكومة بلادهم الاعتراف الدستوري بهويتهم وبحقوقهم القومية واشراكهم في الحياة السياسية.فيما تنظر السلطات السورية إلى اكرادها على أنهم بأجندتهم السياسية وطموحاتهم القومية يشكلون تهديدا للوحدة الوطنية وخطراً على الهوية العربية.
ولا يبدو أن كلام الرئيس بشار الأسد, بعد انتفاضة مارس الكردية عام 2004″عن أن القومية الكردية هي جزء من التاريخ السوري”ولا المرسوم الرئاسي الذي اصدره في ابريل الماضي والذي يقضي بمنح الجنسية السورية للمواطنين الاكراد الذين حرمهم منها احصاء عام 1962 الجائر, يدلان على أن ثمة تغيراً جوهرياً ايجابياً طرأ على موقف ونظرة الحكم البعثي من المسألة الكردية في سورية.
اذ يرى السياسيون الأكراد ان كل ما قدمه وما سيقدمه النظام السوري المأزوم للأكراد لا يخرج عن كونه مجرد خطوات تكتيكية تأتي في سياق استمالة الأكراد الى جانبه وتحييدهم عن الحراك الاحتجاجي الشعبي المناهض له.وربما بحدود معينة نجح النظام على هذا الصعيد.فمشاركة الأكراد في التظاهرات الاحتجاجية مازالت دون الزخم المنتظر منهم.
بعد جريمة اغتيال المعارض السوري الكردي البارز, الناطق باسم تيار المستقبل الكردي المحظور, “مشعل التمو” وجرح نجله وناشطة في تياره وبعد مقتل وجرح العديد من الأكراد المشاركين في مسيرة تشييع التمو برصاص قوات الأمن والشرطة في مدينة القامشلي, وهي الأولى من نوعها في محافظة الحسكة على خلفية الاحتجاجات الشعبية السلمية التي تشهدها البلاد منذ مارس الماضي, كان من المتوقع أن تحدث هذه الأحداث الدموية انعطافة مهمة في مسار التظاهرات لجهة المشاركة الكردية.بيد أن في ضوء تظاهرات الجمعة الماضية,جمعة أحرار الجيش,لا يبدو أن اغتيال التمو سيغير كثيراً من الفعالية الكردية في التظاهرات.فرغم أنها الجمعة الأولى بعد استشهاده لم يزد عدد الأكراد المتظاهرين كثيراً عن التظاهرات السابقة.هذا يعود بالدرجة الأولى الى الخلافات (الكردية- الكردية) بقديمها وجديديها.فرغم أن جميع أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية, استنكرت “جريمة اغتيال التمو, ودانتها بشدة ونُعت التمو بشهيد الحرية والكرامة.
لكنها تباينت في قراءتها للجريمة من حيث الأهداف والأبعاد والجهة التي اغتالته.لهذا يتوقع بعض النشطاء الأكراد أن تشهد الحركة الكردية مزيدا من الهزات والانقسامات الداخلية على خلفية جريمة اغتيال مشعل التمو.
في ظل انغلاق النظام الأمني على نفسه وانفراده في إدارة الأزمة الراهنة وانفلات المشهد السوري على العنف و القتل المستباح, يصعب وربما يستحيل الكشف عن الجهة التي تقف خلف جريمة اغتيال مشعل, خصوصاً وإنها جريمة سياسية بامتياز, أعادت للأذهان جريمة خطف واغتيال الشيخ الكردي البارز محمد معشوق الخزنوي في ظروف غامضة في يونيو 2005.
لكن لمن عرف مشعل عن قرب وتعرف على طبيعة نشاطه وسقف تطلعاته السياسية,كردياً وسورياُ, لن يصعب عليه معرفة أسباب مطاردته واغتياله من قبل مجموعة مسلحة مجهولة داهمت المنزل الذي كان يقيم فيه في مدينة القامشلي.قيل أنه كان يستعد للسفر ومغادرة سورية لينجو بنفسه بعد محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها في 9 سبتمبر الماضي في أحد أحياء المدينة من قبل من وصفهم هو بأنهم “مجموعة من الشبيحة”.ورأى مشعل أن محاولة اغتياله تأتي في سياق “محاولة السلطة القمعية وأتباعها حرف مسارنا النضالي المتجسد في إسقاط النظام من جهة ورفضنا لتكريد الصراع من جهة ثانية”.
وكان مشعل قال في مقابلة له مع صحيفة “باس الكردية تلقينا العديد من رسائل التهديد بالتصفية والتخوين والى ما هنالك من وسائل ضغط وترهيب في محاولة بائسة لتغيير موقفنا السياسي والعملي لإسقاط النظام وبناء بديل ديمقراطي تعددي وتشاركي, ومجمل هذه التهديدات تنبع من دوائر الرعب والقتل الأمنية, لكن حواملها كردية, لان الكثير من الأطر الحزبية الكردية لا زالت تعمل تحت سقف النظام وتدافع عن بقائه بطرق ملتوية وسخيفة ويهمنا أن نعلن بان موقفنا وفعلنا السياسي والميداني سيتصاعد توافقا وانسجاما مع الثورة السورية ومن ضمنها ثورة الشباب الاكراد ولن يرهبنا تهديد هذا أو ذاك من أحزاب ما قبل الثورة”.
حقيقة, يعتبر حزبه(تيار المستقبل) الذي أسسه مشعل التمو عام 2005 من أكثر الأحزاب الكردية السورية انتقاداً للنظام السوري ورموزه.
وهو على خلاف سياسي عميق مع غالبية الأحزاب الكردية الأربعة عشرة, وبخاصة مع تلك المقربة من النظام.وكان الراحل تمو قد قال في آخر تصريح له لوكالة “آكي” الإيطالية للأنباء في 14 يوليو الماضي حول رفض المعارضة السورية الحوار مع السلطة “من خلق بيئة القتل غير قادر على خلق بيئة معاكسة لأنه بالأساس لا يفهم لغة الحوار, وبنائه وتكوينه وتركيبته واستمراريته دامت كل هذه الفترة مستندة إلى منظومة القتل والتغييب وكتم أنفاس المجتمع ككل, ونحن نرى أنه غير قادر على بناء أي منظمة أخرى, والنظام بالنسبة لنا فقد شرعيته التي لم يكن يمتلكها بالأساس”.
وعن رؤيته لحل القضية الكردية في سورية يقول مشعل:”الاعتراف بسورية تعددية بقومياتها الثلاث (العرب والاكراد والأشوريين) والأقليات الأخرى وبأديانها الموجودة, ونرى الإدارة الذاتية للمناطق الكردية افضل حل للقضية الكردية في الوقت الحاضر, ولا يعني ان هذا الحل سيفرض على الشعب, بل يجب على الشعب ان يقرر أسلوب التعايش مع الشعب السوري عن طريق الاستفتاء”.
بصرف النظر عن الجهة أو الجهات التي خططت وأمرت ونفذت عملية اغتيال المعارض السوري مشعل التمو, فأن اغتياله, والاغتيالات السياسية الأخرى التي شهدتها سورية على خلفية الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام, تأتي في اطار النيل من المعارضة الوطنية وإجهاض مشروعها الديمقراطي وكبح الحراك الشعبي السلمي الذي تشهده البلاد.ويرى بعض المعارضين الأكراد,أن اغتيال مشعل هو رسالة إنذار وتحذير قوية ل¯”المعارضة الكردية” من عواقب الانضمام إلى (المجلس الوطني السوري), الذي تشكل اخيراً في اسطنبول ويطرح نفسه ممثلاً وحيداً للشعب السوري وبديلاً للنظام القائم.
جدير بالذكر أن مشعل التمو كان قد انتخب عضوا في الأمانة العامة للمجلس الوطني, وهو الشخص الوحيد الذي أعلن عن اسمه من الداخل في هذا المجلس.
اذ يرى السياسيون الأكراد ان كل ما قدمه وما سيقدمه النظام السوري المأزوم للأكراد لا يخرج عن كونه مجرد خطوات تكتيكية تأتي في سياق استمالة الأكراد الى جانبه وتحييدهم عن الحراك الاحتجاجي الشعبي المناهض له.وربما بحدود معينة نجح النظام على هذا الصعيد.فمشاركة الأكراد في التظاهرات الاحتجاجية مازالت دون الزخم المنتظر منهم.
بعد جريمة اغتيال المعارض السوري الكردي البارز, الناطق باسم تيار المستقبل الكردي المحظور, “مشعل التمو” وجرح نجله وناشطة في تياره وبعد مقتل وجرح العديد من الأكراد المشاركين في مسيرة تشييع التمو برصاص قوات الأمن والشرطة في مدينة القامشلي, وهي الأولى من نوعها في محافظة الحسكة على خلفية الاحتجاجات الشعبية السلمية التي تشهدها البلاد منذ مارس الماضي, كان من المتوقع أن تحدث هذه الأحداث الدموية انعطافة مهمة في مسار التظاهرات لجهة المشاركة الكردية.بيد أن في ضوء تظاهرات الجمعة الماضية,جمعة أحرار الجيش,لا يبدو أن اغتيال التمو سيغير كثيراً من الفعالية الكردية في التظاهرات.فرغم أنها الجمعة الأولى بعد استشهاده لم يزد عدد الأكراد المتظاهرين كثيراً عن التظاهرات السابقة.هذا يعود بالدرجة الأولى الى الخلافات (الكردية- الكردية) بقديمها وجديديها.فرغم أن جميع أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سورية, استنكرت “جريمة اغتيال التمو, ودانتها بشدة ونُعت التمو بشهيد الحرية والكرامة.
لكنها تباينت في قراءتها للجريمة من حيث الأهداف والأبعاد والجهة التي اغتالته.لهذا يتوقع بعض النشطاء الأكراد أن تشهد الحركة الكردية مزيدا من الهزات والانقسامات الداخلية على خلفية جريمة اغتيال مشعل التمو.
في ظل انغلاق النظام الأمني على نفسه وانفراده في إدارة الأزمة الراهنة وانفلات المشهد السوري على العنف و القتل المستباح, يصعب وربما يستحيل الكشف عن الجهة التي تقف خلف جريمة اغتيال مشعل, خصوصاً وإنها جريمة سياسية بامتياز, أعادت للأذهان جريمة خطف واغتيال الشيخ الكردي البارز محمد معشوق الخزنوي في ظروف غامضة في يونيو 2005.
لكن لمن عرف مشعل عن قرب وتعرف على طبيعة نشاطه وسقف تطلعاته السياسية,كردياً وسورياُ, لن يصعب عليه معرفة أسباب مطاردته واغتياله من قبل مجموعة مسلحة مجهولة داهمت المنزل الذي كان يقيم فيه في مدينة القامشلي.قيل أنه كان يستعد للسفر ومغادرة سورية لينجو بنفسه بعد محاولة اغتيال فاشلة تعرض لها في 9 سبتمبر الماضي في أحد أحياء المدينة من قبل من وصفهم هو بأنهم “مجموعة من الشبيحة”.ورأى مشعل أن محاولة اغتياله تأتي في سياق “محاولة السلطة القمعية وأتباعها حرف مسارنا النضالي المتجسد في إسقاط النظام من جهة ورفضنا لتكريد الصراع من جهة ثانية”.
وكان مشعل قال في مقابلة له مع صحيفة “باس الكردية تلقينا العديد من رسائل التهديد بالتصفية والتخوين والى ما هنالك من وسائل ضغط وترهيب في محاولة بائسة لتغيير موقفنا السياسي والعملي لإسقاط النظام وبناء بديل ديمقراطي تعددي وتشاركي, ومجمل هذه التهديدات تنبع من دوائر الرعب والقتل الأمنية, لكن حواملها كردية, لان الكثير من الأطر الحزبية الكردية لا زالت تعمل تحت سقف النظام وتدافع عن بقائه بطرق ملتوية وسخيفة ويهمنا أن نعلن بان موقفنا وفعلنا السياسي والميداني سيتصاعد توافقا وانسجاما مع الثورة السورية ومن ضمنها ثورة الشباب الاكراد ولن يرهبنا تهديد هذا أو ذاك من أحزاب ما قبل الثورة”.
حقيقة, يعتبر حزبه(تيار المستقبل) الذي أسسه مشعل التمو عام 2005 من أكثر الأحزاب الكردية السورية انتقاداً للنظام السوري ورموزه.
وهو على خلاف سياسي عميق مع غالبية الأحزاب الكردية الأربعة عشرة, وبخاصة مع تلك المقربة من النظام.وكان الراحل تمو قد قال في آخر تصريح له لوكالة “آكي” الإيطالية للأنباء في 14 يوليو الماضي حول رفض المعارضة السورية الحوار مع السلطة “من خلق بيئة القتل غير قادر على خلق بيئة معاكسة لأنه بالأساس لا يفهم لغة الحوار, وبنائه وتكوينه وتركيبته واستمراريته دامت كل هذه الفترة مستندة إلى منظومة القتل والتغييب وكتم أنفاس المجتمع ككل, ونحن نرى أنه غير قادر على بناء أي منظمة أخرى, والنظام بالنسبة لنا فقد شرعيته التي لم يكن يمتلكها بالأساس”.
وعن رؤيته لحل القضية الكردية في سورية يقول مشعل:”الاعتراف بسورية تعددية بقومياتها الثلاث (العرب والاكراد والأشوريين) والأقليات الأخرى وبأديانها الموجودة, ونرى الإدارة الذاتية للمناطق الكردية افضل حل للقضية الكردية في الوقت الحاضر, ولا يعني ان هذا الحل سيفرض على الشعب, بل يجب على الشعب ان يقرر أسلوب التعايش مع الشعب السوري عن طريق الاستفتاء”.
بصرف النظر عن الجهة أو الجهات التي خططت وأمرت ونفذت عملية اغتيال المعارض السوري مشعل التمو, فأن اغتياله, والاغتيالات السياسية الأخرى التي شهدتها سورية على خلفية الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام, تأتي في اطار النيل من المعارضة الوطنية وإجهاض مشروعها الديمقراطي وكبح الحراك الشعبي السلمي الذي تشهده البلاد.ويرى بعض المعارضين الأكراد,أن اغتيال مشعل هو رسالة إنذار وتحذير قوية ل¯”المعارضة الكردية” من عواقب الانضمام إلى (المجلس الوطني السوري), الذي تشكل اخيراً في اسطنبول ويطرح نفسه ممثلاً وحيداً للشعب السوري وبديلاً للنظام القائم.
جدير بالذكر أن مشعل التمو كان قد انتخب عضوا في الأمانة العامة للمجلس الوطني, وهو الشخص الوحيد الذي أعلن عن اسمه من الداخل في هذا المجلس.
باحث سوري مهتم بقضايا الاقليات
جريدة السياسة