الشعبُ المستحيل…. كينــــــا أمْ ؟!…..

  دلشير ـ ديرك *

(( كينا أم )) من نحن ؟
سؤالٌ لا يفارقُ مخيلتي كلما وقفتُ على مرتفع ٍوتأملتُ النظـرَ في هذا الشعب المستحيل الذي يصارعُ الحياة َويجابه كُلّ الأعاصير بقوةٍ وكبرياء ويقف على قدميه كالجبل ِالراسي الذي لا يهزه زلزالٌ ولا يقضي عليه بركان ويقف كالعلم الشامخ المرفرف على رأسه شعلة ُ نارٍ تكفي لإضاءة الأرض ِ بأكمله ………
شعبٌ خُلِقَ وخُلِقَ الظلم والعذابُ معه وخُلِقَ الألمُ معه وهو يتحمّلُ كُلّ المآسي ،  فعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم  فهو أقسى من الحجر وأصلب من الحديد وأحدّ ُ من السيف وألطف من النسيم وأجود من البحر وألـذ ّ من العسل فهو الدّاء والدواء ، فهو شعبٌ يصلح لِكُلِّ شيء ولِكُلِّ زمان ٍومكان ……………… 

رغم كُلِّ ما عاناه ويعانيه إلاّ إنّه متعلقٌ بالحياة أشدّ التّعلق ومتشبثٌ بالأرض ويعيش الحياة لحظة ً بلحظة ويتمسك بذلك الخيط الرّفيع من خيوطِ الأمل ِويضع ُهمومه وآلامه في زجاجة ٍويُغلِق عليها ليأخذ َالحياة َبكُلّ بساطةٍ ويتأقلم مع كُلّ الأجواء ولا تراهُ إلاّ وهو يعزفُ أو يُغني أو يرقص  وكأنّه أسعدُ خَلْق ِاللهِ على وجه الأرض فهو أكبرُ من المصائب وأقوى من كُلّ مكروه ،…..


إنّه يرفضُ الاستسلام والانحلال ويتحمّلُ الضربة َتِلوَ الأخرى وبشتّى أنواع الأسلحة وفي كُلِّ مَرّةٍ يضعُ على الجُرْح ِمِلْحا ًويضغط ُعليها ويسيرُ كالصراط المستقيم نحو الغد المجهول ِآملا ًفي إيجادِ أمه ، فلا أبَ ولا أخَ ولا عَمَّ ولا خالَ ولا أصدقاءَ إلا الجبالُ ولا رفيقَ إلا البزق ,……
فمن نحن ؟ ومن هو هذا الشعب ؟!…..
إنّه شعبٌ فقير, إنّه شعبٌ مُضْطهَد ومظلوم , إنّه شعبٌ مشتت ,إنّه شعبٌ يخلقُ السعادة َمن لاشيء ,فلا حول له ولا قوة ولكنّه يَظلّ ُصامدا ًكالشجر الباسق ِالعالي وهو لا يعرفُ إلا الكفاح والفرح والنضال ,………
إنّه شعبٌ يعيش الوطنُ في قلبهِ وعقلهِ وليس شعبٌ يعيش في وطن , فهو يلِدُ وتلدُ كردستان معه  , ويَلدُ الحُلم معه ويلد العذاب معه ،  فعلى مسافةِ إصبع ٍواحد ٍفي كُلّ جسدهِ ترى طعنة َخنجرٍ من خناجر الخيانة أو ضربة َسيف ٍأو أثرَ طلقٍ ناري أو حتّى حفرة ًلقذيفة ٍوإلى جانب كُلّ ذلك تفوحُ من جسدهِ رائحة ُالأسلحة الكيماوية الفتّاكة ولكنْ تتحطّم الدّنيا ولا يتحطمُ وينتهي القدرُ ولا ينتهي هو؛ وما هو بشعب ٍجبان وما هو بخائف ولكنْ كل ما يريدهُ العيشُ بسلام ٍ وأمان فهو يعيشُ على لقمةِ العيش و يبحث ليلَ نهار عن عشيقته الحريّة ؛ ولكنّهُ حتّى الآن لمْ يغضبْ,فإذا غَضِبَ اسودّت الدّنيا بعينه وإذا جاع أكلَ الدّنيا وما شَبِعَ وإذا عطش عَصّرَ الصخر ماءً …….
فارفعوا أيديكم عنّا أيُّها الظالمون , ارفعوا أيديكم عن هذا الأصل ِالعريق ودعونا نعيشُ بأمان ٍوسلام واحترموا إنسانيتنا , صحيحٌ أنّنا شعبٌ أعزلُ من السلاح ولكِنّنا نحملُ في قلوبنا إرادة ًأقوى بكثير من طائراتكم ودباباتكم وسياساتكم فهل عرفتم من نحن ؟ هل عرفتم من هو هذا الشعب ؟.
إنّه شعبٌ كبير بحجم الأرض , وعال ٍ عِلّوَ الشّمس ,إنّه شعبٌ راق ٍ وعريق يستحقُ التحيّة ……..
كُلـّما وقفتُ أتأمل النظرَ في هذا الشعب تمنيتُ أنْ أصرخَ من أعماقي لأقول : أنا أعشقك! , أنا أقدسك !…..
وعندما أعجز عن ذلك أرفع رأسي عاليا ًوأشتعلُ كالنّار وأفتخرُ كالأبطالِ وأفرح ُكالأطفال وأزْهِرُ كالرّبيع ِ وأهيجُ كالبحرِ لشدة إعجابي لأنّي ابنُ هذا الشعب !,,,,.
ودائما ًأتركُ سؤالا ً مفتوحاً أين تكمنُ العظمة ؟.

* جامعي كردي 
  2006

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…