لا يختلف اثنان على ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد أضاع الفرصة تلو الأخرى كي يبقى على سدة الحكم في بلاده منذ أن بدأت انتفاضة شعبية ضد حكمه الممتد على مدى 11 عاما بعد أن خلف والده حافظ في الحكم والأخير حكم البلاد لنحو 30 عاما.
أدرك الأتراك عدم صدقية الأسد ونظامه مثلما توصل الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى قناعة تامة إلى أن الاسد لن يفي بوعوده بتطبيق الإصلاحات المنشودة التي يكثر الحديث عنها في وسائل الإعلام السورية وعن طريق تصريحات “المحللين” السوريين في القنوات الفضائية لكن الواقع يتحدث عن اقتحام المدن والقرى بالآليات العسكرية الثقيلة والجيش وقتل المواطنين يوميا وانتهاك حرمات الناس وبيوتهم عبر عناصر تعرف باسم “الشبيحة” رباهم نظام الأسد على قيم أقل ما يمكن القول عنها بأنها “همجية” وبربرية”.
ولكن السؤال هنا يبقى متى يدرك العرب حقيقة النظام السوري؟
استغرق العرب وقتا طويلا حتى تحركوا بشأن الأزمة السورية عندما طرح الملف السوري على طاولة اجتماع وزراء الخارجية العرب قبل أكثر من شهر.
وقدم الوزراء العرب مبادرة للخروج من الأزمة تركزت أولى بنودها على مطالبة النظام بوقف إراقة الدماء وسرعة تطبيق الإجراءات على أرض الواقع.
وتعامل النظام السوري بكثير من الاستخفاف بالمبادرة العربية واستقبلت حاملها نبيل العربي بتململ شديد.
وبعد مرور أكثر من شهر على المبادرة الأولى نتساءل هنا عما تحقق منها على أرض الواقع كي يبادر العرب إلى إعطاء الأسد فرصة أخرى لإثبات حسن النوايا.
بالتأكيد لم يتحقق شيء والحال يمضي من سيء إلى أسوأ في قمع الناس والتنكيل بهم بأبشع الصور.
والجديد الذي حمله الوزراء العرب هذه المرة تمثل بمطالبتهم الحكومة والمعارضة في سوريا عقد اجتماع مصالحة وطنية بمقر الجامعة العربية في القاهرة خلال أسبوعين داعين الى الوقف الفوري والشامل لاعمال العنف الذي أودي بحياة ثلاثة الاف شخص حسب تقديرات الامم المتحدة.
وقال الوزراء العرب إن المجلس الوزاري للجامعة يؤكد مجددا على “الموقف العربي المطالب بالوقف الفوري لكافة أشكال العنف والقتل ووضع حد للمظاهر المسلحة واالتخلي عن المعالجة الامنية تفاديا لسقوط المزيد من الضحايا والانجراف نحو اندلاع الصراع بين مكونات الشعب السوري وحفاظا على السلم الاهلي وحماية المدنيين ووحدة نسيج المجتمع السوري”.
وشكل وزراء الخارجية لجنة وزارية برئاسة وزير خارجية قطر وعضوية وزراء خارجية الجزائر والسودان وسلطنة عمان ومصر والامين العام للجامعة العربية مهمتها الاتصال بالقيادة السورية لوقف كل أعمال العنف والاقتتال ورفع كل المظاهر العسكرية وبدء الحوار بين الحكومة السورية والمعارضة في داخل سوريا وخارجها.
وكانت المعارضة السورية تعلق الآمال على تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية لكن بيان الوزراء العرب خلا من ذلك، والأنكى من ذلك أن أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي قال إنه اتصل مع مختلف أطراف المعارضة السورية وإنهم يرفضون تعليق عضوية سوريا في الجامعة.
ولكننا لا نعرف عن أي معارضة يتحدث السيد العربي والناس في الشوارع ينادون منذ أشهر بمد سد العون إليهم لكبح جماح النظام الذي ينكل بهم ليلا نهارا.
كما أن المعارضة المتمثلة بالمجلس الوطني السوري سعى بقوة إلى تجميد عضوية سوريا في الجامعة.
هذه الفرصة العربية لا معنى لها إلا منح المزيد من الوقت لنظام بشار الأسد لقتل المزيد من السوريين رغم أن الغرب والولايات المتحدة عمد إلى فرض العقوبات على النظام السوري وإعلانهم صراحة فقدان الأسد الشرعية لحكم البلاد.
والخشية هنا أن لا تكون الفرصة الممنوحة للأسد عبر المبادرة العربية هي الأخيرة من نوعها بحيث يلجأ الوزراء العرب إلى عقد الاجتماعات المتكررة وعدم اتخاذ موقف واضح مما يجري في سوريا واقتصار الأمر على طرح مبادرات الواحدة تلو الأخرى التي بطبيعة الحال لن تجد طريقها الى التطبيق.