مؤتمر كردي. صح النوم

  ابراهيم مراد

كثيرة هي التساؤلات التي تشغل بال المتابعين لدهاليز المؤتمر الكردي المزمع عقده خلال الايام القادمة، وخاصة مع وصول مشاركين به حتى من دول أوربية تحت حماية النظام.

 فمن هي الجهات المستفيدة من انعقاده؟ ومن هي الجهة الداعمة له في ظل الظروف العصيبة التي يمر بها الشعب الكردي؟ وماهي النتائج التي يمكن ان تتمخض عنه في ظل الانقسام الذي يعانيه الشارع الكردي.
  جهات عدة تستفيد من انعقاده في هذه الظروف جهات اقليمية فقدت الكثير من توازنها واوارق ضغطها على الداخل الكردي السوري نتيجة ضبابية موقفها تجاه ما يجري على الارض السورية من جهة وانصياع القوى المؤيدة لها في الداخل  لرغبات ومشية النظام البعثي من جهة اخرى فتحاول بدعم هذا المؤتمر بالحفاظ على ما تبقى لها من ماء الوجه بالاتجاه والدعوة لتوحيد خطاب كردي.

الجهة الثانية المستفيدة منه هو النظام البعثي المدجج بآلته القمعية الرهيبة ولغة التهديد والارهاب التي يمارسها في الشارع الكردي ورغبته في بقاء المنطقة الكردية تحت السيطرة وليس خروجها كما حصل مع القائد الرمز مشعل التمو الذي يبدو انه تخطى كل خطوط الحمر التي يسمح النظام بها فتمت تصفيته في ظل صمت وتؤاطى احزاب كردية آثرت الصمت تجاه تلك الجريمة البشعة، اذا لم يكن الامر كذلك كيف لنا تفسير موقف الاحزاب الكردية من عملية اغتياله، هذا الموقف الذي اشاد به النظام  وهلل له وتم تثمينه في قنواته الرسمية ووصفه بالموقف الوطني الشجاع والنبيل فالنظام البعثي ومن وراءه الاحزاب الكردية المشاركة في هذا المؤتمر يريدون من خلاله مصادرة حق الشعب الكردي في المطالبة بأسقاط هذا النظام بكل رموزه وحيثياته والابقاء عليه بحالة ضبط النفس ومراقبة الاحداث.


اما الاحزاب الكردية التي تريد المشاركة بهذا المؤتمر فلا حول لها ولا قوة فهي واقعة بين نارين اما الانصياع لرغبة الشارع الكردي المتعطش للحرية او الاستجابة لضغوط اقليمية من الخارج في انعقاده ورغبة النظام الاسد في تحييد الشعب الكردي عما يحصل في سورية من ثورة حقيقية زلزلت الارض من تحت اقدام النظام المتغطرس، فالاحزاب الكردية لا قاعدة شعبية في الشارع الكردي تعود اليها ولا دعم اقليمي حقيقي تستند عليه فهذا المؤتمر هو الملاذ الاخير لتلك الاحزاب كي تستعيد ما فقدته خلال الثمانية اشهر من الثورة.
يبدو ان توحيد الخطاب الكردي السوري من خلال هذه الاحزاب الكردية عبر هذا المؤتمر ضرب من الخيال ويجب الاعتراف بكل صراحة بأن الشارع الكردي والاحزاب الكردية امام خيارين لا ثالث لهما الاول الانخراط بكل قوة في هذه الثورة الحقيقية او الوقوف مع النظام البعثي في محنته الكبيرة مع العلم ان على كل منهما تحمل وزر قراره وتبعاته في المستقبل القريب.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…