أهذه أخلاق البشر يا من ينبش القبور ولا يتركون الناس في أحوالهم ومآسيهم وما هم به مبتلون .
فحتى الغجر والعاهرات قد تركوا هذه الأخلاق وأصبح لهم من القيم لا يتجاوزونها احتراماً للجماعة.
كلام للجميع وليس لشخص بعينه لأن هذا أخلاقنا على الأغلب قد ورثناها من السلف المتخلف والمغترب وجدانياً حيث كلما صعد أحدنا منبر المجد والعلا جاء الآخر يجره إلى مستنقعه النتن ليثبت أنه حقيقة ابن العقوق ويرمي بأوساخه على الآخرين تبلياً دون أن يحسب تبعات فعله الأرعن.
فلم يبق لنا من القوة والتحمل أكثر مما هو محمول علينا من الضغط والإرهاص والاستبداد فكل الذي يجعلنا أن نعيش حتى الآن على أمل مستقبلي هي صور شهدائنا ورموزنا فهم يعيشون في داخلنا ووجداننا ومصادر قوتنا الذاتية.
كفانا تجاوز الحدود .
لقد شوهنا كل شيء جميل في تاريخنا ولا تدعون القليل من الحاضر الجميل أيضاً فتفسرونه على مزاجكم وأهوائكم وتعتبرون أنفسكم عارفين بالأسرار وحلالي العقد فإذا كنتم على هذه الدرجة من المعرفة والتكهن لماذا أنتم عبيد وخدم للآخرين ولا تعرفون كيف تتحررون أنفسكم .
لقد سئمنا من خزعبلاتكم واستهتاركم بحق أنفسكم أولا ومشاعرنا وبحق رموزنا ومن فقد الحياة على طريق الحرية ثانياً.
أتدرون بأننا كنا بلا أخلاق ولم نمتلك ذرة ضمير ووجدان يوم تسلحنا بثقافة الأغراب والاغتراب ولا زلنا وحاربنا ثقافتنا وتاريخنا ورجالاته لأجل ماذا وماذا كانت النتيجة ..؟ .
لقد خونا الزعيم البارزاني ولوثنا سيرة شهداء ثورة ايلول ومثله الزعيم عبد الله أوجلان وشهداء حركة الانبعاث في كردستان الشمالية منذ أول لحظة وخاصة الفتيات منهم ومن قبلهم الشيخ سعيد وثواره ولم نترك شيئا جميلا وإلا دنسناه بقذارتنا فحاشاهم جميعا أليسوا هؤلاء هم فقط وفقط رموز ومنارات تاريخكم وتراثكم المشرف أم سير آبائنا وعشائرنا التي لا ترفع الرأس ولم تجلب لنا سوى العار والتخلف.
يا أيتها النخب ويا من يدعي ذلك اتركوا هذا الشعب يعيش أحلامه ومن تقاليد الحب والعرفان بوعيه في الشعور واللاشعور حيال من يضحي من أجله وبما يملي عليه ضميره أيضاً وكما يراه هو ببساطته بعيدا عن حساباتكم السياسية القذرة والخاوية التي لم تؤسس لغاية تاريخه لشيء ملموس سوى تكريس الظلم والتمزق والبغضاء كما تراها عيونكم العمياء والآن ماذا تريدون من الشهيد مشعل تمو وها رحل وتخلص من سخافاتكم وكلامكم المسموم وترك لكم الساحة كلها فإذا كنتم رجال زيدوا عليه عطاء ودعوه يرتاح في قبره ولا يحتاج على مدح أحد وقد فعلتم من قبل ذلك حيال شهداء انتفاضة قامشلو.
أليس من باب الأخلاق الحميدة أن تنتقدوا منابتكم فيما إذا كانت طيبة ونقية بدلا من يفقد حياته في سبيل مبادئه والطريقة التي راح فيها أي كان فهو محل فخر واعتزاز وحب وتقدير لدى كل حر.
كثيرة هي المواقف والرؤى المتباينة التي تصدر من هذا وذاك حول موضوعات ذات صلة بجوهر القضايا الكردية وتبرر على اعتبار أن لكل منا رأي وتحليل مختلف عن الآخر كحق من حقوق المرء في التعبير أو لأسباب معرفية وأخرى تتعلق بقناعات الشخص وما يملي عليه مصالحه الشخصية أحياناً.
ولكن المواقف والدخول في مناقشات تخص صميم وجدان ومشاعر وضمير الكرد أمر مرفوض ولا جدوى منه وتضليل للقارئ وتشتيت للذهن لخلق الشكوك لديه الذي هو بمثابة حرب خاصة ونفسية بلا أجر في الحسابات السياسية وتنصب مباشرة في خانة الخيانة الوطنية وخدمة مباشرة لأعداء الكرد في الوقت الذي ليس مطلوب من أحدنا القيام بذلك كون مثل هذا العمل لا يخدم الحقيقة ولا تؤسس للوعي الجمعي وتماسك جسم الأمة بل على العكس سوف تثير الشبه والاستهجان والكثير من التشتت والتمزق في حين لا يمكن تبرير أي عمل من هذا القبيل وتحت أي وازع وحجة أبداً بدعوى أنه كاتب أو محلل سياسي وما شابه ذلك من دون أن يراعي مشاعر الآخرين.
إذا كنتم بهذا الدرجة من الإبداع والمعرفة ولديكم هذه القوة السرية والخفية في استكشاف ومعرفة وتحليل وأسباب الحوادث عن بعد آلاف الأميال لماذا لا تبصرون تحت أقدامكم ولماذا نحن في آخر درجات السلم البشري من حيث الحقوق والكرامة والاحترام فسخروا تلك المعرفة والقوة الخارقة لديكم في خدمة تخليص شعبكم من الظلم والاضطهاد.
لا من أجل تسخيف الحقائق وتسفيهها والنيل من قيمة الرجال الكرماء حتى لو كان من دون قصد.
كثيرون ممن يأكلون خبزهم بدماء الشهداء وقد ساروا على هذا المنهج القروي المتخلف واستهتروا بالقيم الجماعية والعلو والتعالي على حساب الآخرين ولحساب آخرين كل هدفهم هو خدمة الذات أولا وأخيرا لا دفاعا عن قضية عادلة أو حتى دون ذلك فمن الواجب على كل من يدعي نفسه بالمتنور أن يكون على قدر لا بأس به من الأخلاق والرؤية الإنسانية إذا تعلق الأمر بشان عام وضمير وقيم أمة وخاصة حيال الشهداء الذين هم أفضل منا جميعا.