مشعل التمو عندما عرفته لأول مرة

  فرحان رمو

لقد قيل الكثير الكثير عن فكره المتنور وعن نضاله المستميت في سبيل الحرية والتقدم وتحرير المرأة من العبودية الأبوية البطرياركية والعادات البالية وكذلك نضاله الذي لا يعرف الهوادة ضد مضطهدو شعبه.


فقد برز مشعل التمو على الساحة السياسية عندما شكل تيار المستقبل , وعرف عنه الجرأة والشجاعة والتفاني من أجل مستقبل أفضل لأبناء شعبه الكردي وأبناء سورية كافة.

ونتيجةً لنضالاته العتيدة ضد كافة السلوكيات القمعية للسلطة السورية ادخله في غياهب السجون بتهمة ” إضعاف الروح المعنوية للأمة” ولكنه صمد أمام الآلة القمعية, ولم يتراجع بل أصبح أكثر عناداً من ذي القبل .
ففي السجن تعرف على المعارضين الوطنيين وكان يناقشهم في الأساليب العملية للتغيير الديمقراطي وبناء سورية تعددية وتداولية يتساوى فيها الجميع بغض النظر عن الجنس أو اللون والمعتقد أو القومية أو الدين .
وعندما هبت عواصف الشعوب في البلاد العربية سارعت السلطات السورية على تجميل وجهها بعدد من المساحيق “الأجنبية الصنع” فأفرجت عن عدد من ألمعتقلي الرأي وكان من ضمنهم المناضل الكبير “مشعل التمو” فقامت الجماهير الكردية باستقباله استقبال الأبطال ولكنه لم يهدأ له الحال فخرج في أول جمعة “جمعة العشائر” وهو خارج السجن للتظاهر وحينها عرفته مناضلاً شجاعاً صامداً واثقاً من مسيرة شعبه نحو النصر .
وهكذا عرفته لأول مرة ورأيت في عيونه حزناً عميقاً يدل على واقع الحال فالأكراد يخرجون إلى المظاهرات ولكن بأعدادٍ قليلة وليس حسبما كان يطمح له هو شخصياً, فرفيق الأمس الذي كان معه في السجن لم يخرج معه إلى التظاهر , ولكنه لم يفقد الأمل في إقناع الكثيرين للخروج نصرةً للمدن المحاصرة والمنكوبة بكل معنى الكلمة.


وأستمر في وفاءه لمبادئه يوماً بعد الآخر دون أن يدنو الخوف من قلبه.


وجاء إعلان “المجلس الوطني السوري” وكان لأسمه كعضو فيه فرحةً عارمةً لدى الشارع الكردي في سورية.

واستمرت المظاهرات بالتصاعد وأصبح أسم “مشعل التمو” رقماً صعباً لا يمكن تجاهله .

فبدأ التخطيط لاغتياله وبدأت الدوائر تتفق فيما بينها وأصبح هدفاً سائغاً يسيل لعاب النظام من أجله .

فبالأمس القريب كان عندهم في السجن ولم يثنون من عزيمته بشيء وكيف الآن وهو طليق .

فتفتقت عبقرية النظام للتخلص من هذا المارد , وأعطت الأوامر إلى “شبيحتها” بقتله وكان ذلك يوم الجمعة المصادف 7102011م في يوم “جمعة المجلس الوطني يمثلني” استشهد مشعل التمو وبدأت أبواق النظام تتحدث عن عصابات مسلحة منها التركية ومنها عراقية بالإضافة الموجدة عندنا في “سورية ” .

نعم استشهد مشعل التمو وأصبحت جنازته مشعلا ينير دروب المناضلين في سبيل الحرية التي كانت غالية جداً عليه , وأصبح الشباب الكردي أكثر قناعة بأن النضال جزء لا يتجزأ عملياً .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

د. محمود عباس تدور عجلة الزمن في سوريا بعكس اتجاه الحضارة والرقي، رغم القضاء على أحد أكثر الأنظمة المجرمة قسوة في العالم. يُساق الشعب، بمكوناته الثقافية والدينية المتنوعة ومراكزه الثقافية، نحو التخلف والجمود الفكري الممنهج، في ظل صدور قوانين وممارسات سياسية متناقضة وعلاقات دبلوماسية متضاربة. فمن جهة، هناك نشاطات وحديث نظري عن الانفتاح على العالم الحضاري واحترام جميع مكونات سوريا…

إبراهيم اليوسف بدهيّ ٌ أن ما يجري- الآن- في الوطن أمرٌ غريب ومثير للتساؤل. إذ هناك من يحاول تحويل البلد إلى سجن كبير من خلال فرض نمط تربية صارم، وكأننا أمام فتح جديد يتطلب جر الناس قسرًا إلى حظيرة مرسومة. وكلنا يعلم أنه على مدى مائة عام، فقد اعتاد السوريون على نمط حياتي معين لم يستطع حتى النظام…

عبدالعزيز قاسم بعد كفاح طويل ومرير ومتشعب من الصراع خاضه السوريون، وإثر ما عرفت بالثورات “الربيع العربي” والتي لا تزال إرتداداتها مستمرة كما هي الزلازل الطبيعية؛ لاحقاً فقد تمت الإطاحة بنظام الحكم في سوريا ٠٠٠ وبما انه لا بد من ملئ الفراغ الذي خلفته الإطاحة العسكرية تلك وتداعياتها في عموم الساحات السورية والكردية خصوصاً؛ فقد بادر اصحاب الفكر الإستباقي…

درويش محما من كان يصدق أن يسقط بشار الأسد فجأة خلال بضعة أيام وعلى النحو الذي رأيناه؟ لو جاءني أحدهم قبل أن تتحرر دمشق، وقال: إنَّ الأسد ساقط، لقلت له: كلام فارغ ومحض هراء. وأقصد بالساقط هنا الساقط من الحكم والقيادة، لا الساقط الدنيء الشاذ في السلوك والتصرفة؛ للتوضيح أقولها ولتجنب السهو واللغط، لأن بشار الأسد لم يعد اليوم ساقطًا…