سوريا والعواصف المعدنية

هوكر إبراهيم
 

الربيع العربي وآخر أيام الخريف السوري المليء بالحناجر المقتلعة والأنامل المكسرة والأعضاء البشرية المسروقة داخل غرف التحقيق الرهيبة إنها أيام عصيبة على الشعب السوري بل إنه امتحان لمدى قدرة المجتمع الدولي على تجاوز مثل هكذا أنموذج , أنموذج رهيب و أقرب لكوابيس النازية مع الفارق أنه حقيقة  وليس شيئا آخر.
الخريف الذي خلف آلاف الشهداء ولم يتدخل المجتمع الدولي بشكل مباشر لوقف الآلة القمعية الكاسحة , انه الشعور بالخوف من أن يتفرد هذا الغول ابن أبيه بالشعب الأعزل لدرجة أبعد وأقسى فتكون الحناجر المقتلعة عمليات تجميل بالنسبة للحالة القادمة,فالثقة بالمجتمع الدولي  محل ارتياب بالنسبة للغالبية الآن.
لماذا كل هذا التأخير و الصبر على حساب الألم و النزيف السوري, في هذه القلعة الدموية نحتاج ليس فقط لأن ينتفض كل الشعب السوري بل حتى الحجر والشجر و الكائنات المرئية واللامرئية إنه أقسى وأعتى واظلم وأنجس واكره نظام شمولي  على وجه الأرض.
هذا النظام لا يفرق بين أي واحد يقول له (لا) بل إنه يبسط عدالته على الكل بنفس الدرجة فلا يحترم كبيرا ولا يعطف على صغير ولا يعرف الرحمة وهي ليست من قواميسه يستخدم أبشع أنواع التعذيب و التحقيق والانتقام.
تتساقط أوراق الخريف ويسقط الشهداء والدول التي بيدها القوة للتغيير لا تحرك ساكنا ,فنسمع متحدثا باسم رئيس وزراء العراق يبدي رأيا مساندا للشعب السوري  صباحا  وفي المساء يأتي رد معاكس من متحدث آخر يفنّد ما جاء به الأول ونجد تركيا تتحدث عن منطقة عازلة, و تهديد و وعيد , ثم تسلم هرموش البطل لأنياب الأفاعي.

وأمين عام الجامعة العربية يتوعد و هو في مقره بالشدة  ثم يتحدث لينا.

أمريكا كأنها صائمة  بريطانيا نائمة  الصين مثل روسيا تقول: (للثورة السورية لائمة), والعرب باستثناء قطر غائبون.
ليعلم العالم أنه المسؤول الأول عن سبب تأخّر نجاح الثورة السورية, فلولا وجود قناعة لدى هذا النظام بحماية قوية من وراء الكواليس لبقائه لفرّ هاربا منذ الشهر الثاني على أكثر تقدير.وإن بقائه لفترة أطول يعني  قبورا وجثثا و حناجر مقتلعة أكثر وحمامات دم بالعراء أنها القيامة بعينها, ولكن ليعلم النظام أيضا أنه مطلوب للعدالة منذ أربعين عاما وأن الله يمهل ولا يهمل فدماء أطفال درعا, و شهداء القامشلي 2004 وشهداء دير الزور وحمص الأبية والشهيد ابن الشهيد ابن خال الشهيد  ابن عم الشهيد وابن خالته  وجاره في حماة لن تذهب سدى حتى و إن طال الزمن فالثأر لا يفنيه القدم وكل تلك الدماء ستشكل جدولا يسقي ربوع سورية من حوران إلى قامشلي ومن تفتناز حتى البوكمال مرورا بدير الزور الأبية وحمص العدية و دمشق الأموية و ادلب و اللاذقية ستحول هذه الرياح الخريفية القادمة من إيران وروسيا باتجاه قصر الشعب في دمشق وستتحول سورية كلها لربيع لا يموت…..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…